يقول ليوتاكسل " ومع ذلك بقى موسى مترددًا، فقال ليهوه: إن الثأثأة تعيقه أن يكون خطيبًا ناجحًا يلهم الشعب. ومع أن يهوه غضب من موقف موسى إلاَّ أن لم يشفِ لسانه من الثأثأة، وهذا كان ينبغي عليه أن يفعله، بل رأى، ولتكن مشيئته، أن يعطيه هارونًا أخاه مساعدًا له. ومن الجدير أن نلاحظ هنا، أن هارونًا كان يعيش في مصر حياة علنية عادية، ونحن لا ندري أبدًا، كيف تسنى لأمه أن تنقذه من جلادي فرعون"(1).
ج: 1- يقول العلامة أوريجانوس " خلال إقامة موسى في مصر عندما {تهذب بكل حكمة المصريين} لم يكن ضعيفًا في الكلام ولا ثقيلًا في اللسان، ولم يظهر قط بلا طاقة في التعبير، بل كان في الواقع بالنسبة للمصريين ذا صوت مجلجل ولباقة لا تُجارى. ولكن منذ أن بدأ في سماع صوت الله وتقبُّل كلامه الإلهي، أحس أن صوته ضعيف وعليل، وأدرك أن لسانه ثقيل ومتلعثم. واعترف أنه أبكم في اللحظة التي ابتدأ يتعرف فيها على الكلمة الحقيقي الذي {كان منذ البدء عند الله}.. وهذا هو بالتأكيد نفس الشعور ونفس الإحساس الذي حدا بالطوباوي داود أن يقول، عندما وُضع في الكفة مقابل الحكمة الإلهية {صرتُ كبهيم عندك} (مز 73: 22)"(2)(3).
2- لعل موسى كان في مصر منطلق اللسان فصيح الكلام، ولكن بعد أن أمضى في الصحراء أربعين سنة حيث البيئة التي يغلب عليها الهدوء والوحدة والخلوة وحياة التأمل وهو يرعى الغنم طوال النهار، وكل نهار، بل ربما أبتعد عن بيته عدَّة أيام، مما جعله ثقيل اللسان، قليل الكلام حتى في بيته.
3- كان من السهل جدًا أن يشفي الله موسى من ثقل اللسان أو تلعثم النطق، ولكنه أراد أن يترك موسى في ضعفه ليشعر موسى بالأكثر بقوة الله العاملة فيه " ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منَّا" (2 كو 4: 7) فلم تكن إرسالية موسى تعتمد على حكمة الكلام كقول بولس الرسول " وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة" (1 كو 2: 5) ولا ننسى معلمنا بولس الرسول الذي صنع معجزات هذه عددها، ومع ذلك فإن الله ترك له شوكة في الجسد، وعندما تضرع لله ليشفه قال له " تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمَل" (2 كو 12: 9) ومن البديع أن نلتقي بموسى النبي في نهاية حياته وقد صار خطيبًا مفوَّهًا، وما سفر التثنية إلاَّ ثلاث خُطب طويلة لموسى ألقاها على شعبه.
4- كان هرون أكبر من موسى بثلاث سنين " وكان موسى ابن ثمانين سنة وهرون ابن ثلاثٍ وثمانين سنة حين كلما فرعون" (خر 7: 7) فعندما وُلِد هرون لم يكن أمر فرعون بقتل الذكور من أطفال العبرانيين قد صدر بعد، ولذلك عاش هرون وأقرانه عيشة علنية عادية، لأنهم عاشوا في ظروف عادية ولم يهربوا من جلادي فرعون.
_____
(1) ترجمة د. حسان ميخائيل إسحاق - التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 170.
(2) أوريجانوس في شرحه لسفر الخروج - عظة 3: 1.
(3) شرح سفر الخروج - دير القديس أنبا مقار ص 151.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/592.html
تقصير الرابط:
tak.la/8qxr3ks