س529: س أ - كل كان يهوذا يعرف أن المرأة التي زنى معها هي ثامار كنته؟
يقول جوناثان كيرتش " وبإمكاننا أن نتخيل أن يهوذا، عمليًا، عرف ثامار من وراء الخمار، باعتباره كان دائم التشوق لها، حتى منذ كانت زوجة ابنه... ولا يستبعد أن يكون التنكر... لا يعدو أن يكون لعبة لعبها كل منهما بعد وضع الترتيبات، أو بموافقة ضمنية... وإذا كان الأمر كذلك، فإن بالإمكان قراءة قصة يهوذا وثامار ليس كرواية معللة، بل كقصة حب جنسي انزلقت بطريقة ما إلى صفحات التوراة"(1).
ويقول أحمد ديدات كيف يمارس يهوذا الجنس مع ثامار ولم يتعرَّف عليها. إن الهدف من هذه القصة هو تبرير الزنا مع إجازة عدم تطبيق حد الزنى، بل أن قصة المرأة الخاطئة، وقول السيد المسيح " من كان منكم بلا خطية فليرمها بحجر " هي من ابتكار إنجيل يوحنا الأفسسي دون سائر الأناجيل لتبرير الزنا وعدم رجم الزانية(2).
ج: احتمال أن يكون هناك اتفاق ضمني بين يهوذا وكنته ثامار، أو أن يهوذا تعرَّف عليها أثناء ممارسة الفعل، احتمال غير وارد للأسباب الآتية:
1) كُتب الكتاب المقدَّس بوحي من الروح القدَّس الكاشف خفايا وخبايا القلوب والكلى، فلو كان يهوذا يعلم أن هذه المرأة التي زنا معها هي ثامار كنته، لأشار الكتاب إلى هذه صراحة، ولكن الكتاب خلى تمامًا من أي إشارة لهذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد.
2) لو كان هناك اتفاق بين يهوذا وكنته ثامار على السلوك الخاطئ، فما الداعي لهذه التمثيلية؟ هل خوفًا من زوجة يهوذا؟ كلاَّ. لأنها كانت قد ماتت.
3) لو علم يهوذا أنها ثامار، ما كان يتعجب عندما يعلم بأنها حامل، وما كان يغضب، وما كان يصدر قراره الصعب "أخرجوها لتُحرق".. ثم تراجعه واعترافه بخطيته، وقد برأ ساحتها أمام الجميع قائلًا " هي أبرُّ مني" (تك 38: 26).
4) لو كان يهوذا يعلم أنها ثامار، ما كان ترك لها خاتمه وعصابته وعصاه أدلة الاتهام الدامغة على هذه الجريمة.
5) لو كان هناك قصة حب جنسي بين يهوذا وثامار لتعددت اللقاءات ولكن الكتاب يقول "فلم يعد يعرفها أيضًا" (تك 38: 26).
6) عندما ذكر سفر التكوين القصة لم يبرر يهوذا، حتى نقول أن الهدف هو تبرير الزنا وعدم تطبيق حد الزنى كقول ديدات، بل أن الوحي الإلهي قصد أن يسوق هذه القصة في طيات قصة يوسف ليرى الجميع ويحكمون.
ونقول لديدات أن هناك قصصًا وأحداثًا لم يذكرها سوى إنجيل واحد، ولا يوجد مجال على الإطلاق للتشكيك فيها، لأن " كل الكتاب هو مُوحى به من الله" (2 تي 3: 16) وكل ما انفرد به إنجيل يوحنا مثل هذه القصة وقصة المرأة السامرية وغيرهما كان معروفًا ومتداولًا لدى الكنيسة الأولى، وأيضًا سياق القصة يدعو لتصديقها فقد أمسكوا بهذه السيدة وهي في ذات الفعل، وساقها الكتبة والفريسيون أمام يسوع، وقالوا له أن موسى النبي أوصانا أن نرجمها " فماذا تقول أنت. قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه. وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض... وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها أولًا بحجر. ثم انحنى أيضًا إلى أسفل وكان يكتب على الأرض. وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدًا فواحدًا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين... قال لها يسوع ولا أنا أدينك. أذهبي ولا تخطئ أيضًا" (يو 8: 5 - 11) فليس في القصة ما يدعو قط للتشكيك فيها، لأن ترأف وتحنن السيد المسيح على الخطاة واضح تمامًا في سطور الأناجيل... أليس هو الذي قال ما جئت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة؟ ألم يتهمه الفريسيون والكتبة بأنه محب للعشارين والخطاة؟ ومن جانب آخر فإنه من المعروف أن الشريعة تحكم برجم الزانية، ومن جانب ثالث أن الكتبة والفريسيون كانوا ينتهزون أية فرصة ليجربوا فيها السيد المسيح، وقصة هل تعطى الجزية لقيصر أم لا، والمرأة التي تزوجت بسبعة أخوة وغيرهما خير شاهد على هذا...
س ب - هل كاتب قصة يهوذا وثامار أخطأ في تطبيق الشريعة، لأن الزانية التي تُحرق هي ابنة الكاهن فقط متى أخطأت "وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست أباها. بالنار تُحرق" (لا 21: 9)؟ أليس هذا دليلًا على أن التوراة قد كتبت بعد موسى بزمن؟(3).
ج: 1- الذي كتب القصة هو موسى النبي كاتب التوراة، أما تاريخ القصة فيرجع إلى ما قبل موسى بمئات السنين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فعندما قال يهوذا " أخرجوها لتُحرق" (تك 38: 24) لم يكن موسى قد استلم الشريعة الإلهية، وهل لو صدر قانون اليوم نقول لماذا لم يلتزم أجدادنا بهذا القانون مع أنه لم يكن له وجود في أيامهم؟! هل هذا يتفق مع العقل السليم والمنطق الصحيح، أم أنه مجرد هجوم بهدف الهجوم على كتاب الله الخالد؟!.
2- يقول الناقد " أليس هذا دليلًا على أن التوراة قد كتبت بعد موسى بزمن؟ " ونحن نسأله وهل بعد موسى نزل تشريع آخر يأمر بحرق الزانية؟! وإن كان هناك تشريع بهذا المعنى فأين هو؟! وفي أي سفر جاء؟!
3- يهوذا الذي حكم على ثامار بالحرق عندما عرف الحقيقة لم يعفو عنها فقط، بل أعلن براءتها أمام الجميع، بل أعلن أنها أبر منه وأفضل منه.
_____
(1) ترجمة نذير جزماتي - حكايا محرَّمة في التوراة ص 159.
(2) راجع عتاد الجهاد ص 30، 31.
(3) البهريز جـ 1 س 312.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/529.html
تقصير الرابط:
tak.la/j7b43v5