ويقول " فولتير " عنها " أنها وضعت الخمار لتشبه البغي، بيد أن الأمر على النقيض تمامًا، لأن الخمار كان دائمًا من ملابس النساء المحترمات المستقيمات... وما يزيد الأمر غرابة، أن يمضي بطريرك عجوز مثل يهوذا... (ليزني) معها في وضح النهار وعلى طريق عام، مغامرًا بسمعته وهيبته. وأخيرًا من غير المعقول أن يجرؤ يهوذا ويأمر بحرق كنته الحامل بغاء"(1).
ج: 1- وجود قصة ثامار وغيرها من القصص المؤلمة في كتابنا المقدَّس دليل على أمانة اليهود والمسيحيين في حفاظهم على كل ما جاء في الكتاب كما هو، فلا يوجد من يجرؤ على حذف أو إضافة أصغر قصة في الكتاب.
2- لم تكن وصية " لا تزن" (خر 20: 14) قد أُعطيت بعد، ونحن نقول هذا ليس من أجل تبرير ما حدث، ولكن من أجل استكمال عناصر الموضوع، والأمر العجيب أن البغاء كان أمرًا عاديًا يمارس في الديانات الوثنية، حتى أنه ارتبط كثيرًا بالعبادات لدى هذه الشعوب، وكانت هناك الكثيرات ممن يمارسن البغاء العلني، وهؤلاء كن أكثر احترامًا ممن يمارسن الزنى في السر، ومع كل هذا فإن أحدًا لا يقدر أن يخفف من خطية يهوذا، وهوذا عفة يوسف الشقيق الأصغر تدين تصرف يهوذا على مدى الأجيال.
3- لم يكن هدف ثامار قط الفسق والبغاء، لأنها لم تمارس هذه الرزيلة إلاَّ مرة واحدة، وليس بهدف الملذة والشهوة، ولكن بهدف إقامة نسل لزوجها الذي مات، ولو كانت هذه المرأة فاسقة لانحدرت إلى قاع الخطية، ولذكر الكتاب هذا بكل صراحة وصدق كما تعودنا منه هذا في مثل هذه الحالات، حتى لو أن الذي ارتكب الخطية هو داود النبي والملك مرنم إسرائيل الحلو، لأنه لا عصمة إلاَّ لله وحده.
4- ليس عجيبًا طلب يهوذا الساقط بأن تحرق ثامار التي سمع أنها زنت وهي حُبلى، فغالبًا الخطايا التي نسقط تحت نيرها محاولين إخفائها، تكون أكثر الخطايا إثارة لنا عندما نراها في الآخرين.
5- يقول الخوري بولس الفغالي " لا نحكم على ثامار بحسب قواعد السلوك التي نعرفها اليوم... إن الكاتب لا ينظر إلى الوسائل التي اتخذتها للوصول إلى غايتها فيكون لها ولد من زوجها عير، بل يتطلع إلى أمانتها لزوجها وإلى اهتمامها بأن تؤمّن له نسلًا، وهذا ما لم يفعله أونان سلفها. وبسبب أمانتها هذه واهتمامها بنسل زوجها عذرها الكاتب على عملها... وأعلن يهوذا براءتها على الملأ، لا بل أعلنها أبرَّ منه بالنسبة إلى ممارسة الشريعة، وهكذا حصلت ثامار رغم خطيئتها على البركة نفسها التي حصل عليها إبراهيم وإسحق ويعقوب. هم حصلوا على أرض وعدهم بها الرب، وعلى نسل يدوم بعدهم، وهي حصلت على نسل كبير سيدخل في نسل المسيح (مت 1: 3) نحن لن نتبعها فيما فعلت ولكننا لا ننسى ما قاله يسوع: جباة الضرائب والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله (مت 21: 31)"(2).
6- تقول الدكتور نبيلة توما " إن ثامار كانت تشتهي مثل كل سيدة عبرانية أن يأتي من نسلها المسيح المخلص، وقبلت من أجل هذا أن تُعرّض حياتها للخطر، أي للعقوبة، وقد ظهر هدفها، فلم تطلب فيما بعد أن تقترن بشيلة، فغرضها كان صالحًا، أما وسيلتها فكانت ملتوية، تشبه ما فعله يهوذا بها عندما رفض أن يعطيها ابنه شيلة. من أجل إيمانها اشتهت أن تقيم اسم للميت. أما يهوذا فرغم كبر سنه ارتكب الزنا... والدليل أن غرضها كان صالحًا أن سفر راعوث استشهد بما فعلته، فحين رفض ولي راعوث الأول أن يتزوجها ليقيم اسم الميت فلا ينقرض بين إخوته، التصقت راعوث بواليها الثاني بوعز، الذي باركه شيوخ المدينة قائلين له "ليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب من هذه" (را 4: 12)"(3).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 146.
(2) المجموعة الكتابية - سفر التكوين ص 382، 383.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/530.html
تقصير الرابط:
tak.la/mybnrj8