س496: هل هناك علاقة بين إبراهيم ومكة لأن اسم " قطورة " أي " بخور"، وأسماء أبنائها زمران ويقشان ومدان ومديان ويشباق وشوحا أسماء مرتبطة بتجارة البخور التي تعتبر أكبر مصادر الثروة في الجزيرة العربية؟ كما أن علاقة إسماعيل بأبيه إبراهيم لم تنقطع، بدليل أنه شارك في دفنه " ودفنه إسحق وإسماعيل في مغارة المكفيلة" (تك 25: 9) وقد عاش إسماعيل في الجزيرة العربية " وسكن في برية فاران" (تك 21: 21) وجاء في التوراة السامرية طبعة 1851م " سكن في برية فاران بالحجاز". ويقول الدكتور أحمد حجازي السقا عن إبراهيم "والحق أنه لم تطأ قدماه أرض فلسطين ولا مصر، وذلك لأن هجرته كانت إلى مكة، وهي في التوراة أرض الجنوب، وفي القرآن أنه هاجر مع لوط إلى الأرض المباركة، وهي أرض مكة لقوله "الذي ببكة مباركًا" وقد كان إبراهيم ملكًا على أرض مكة لقوله {وإذ بؤانا لإبراهيم فكان البيت} أي ملكناه. والملك لا يترك مملكته ويعيش في أرض غيرها"(1).
ج: 1- مرجعنا الأساسي في تاريخ إبراهيم هي توراة اليهود، والتي يظهر في طولها وعرضها أن موطن إبراهيم حيث وُلِد وعاش هو أور الكلدانيين، ثم انتقل إلى حاران مع أبيه وزوجته سارة، ولوط ابن أخيه، فاستقر بها خمس سنوات، وبعد موت أبيه إتجه بدعوة إلهية إلى أرض كنعان، وهذا ما أيده العهد الجديد أيضًا (أع 7: 2 - 4، عب 11: 8، 9) والتوراة كمصدر تاريخي أقدم من القرآن بأكثر من ألفي عام، واليهود هم أصحاب الاختصاص الذين طالما تفاخروا بأن أبيهم إبراهيم، فليس من المعقول أن يُحرِفوا في كل الكتاب المقدَّس بعهديه تاريخ إبراهيم أب الآباء.
2- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا " لم يذهب إبراهيم إلى مكة مطلقًا، ولا يوجد أي دليل تاريخي على أنه زارها، ولا يُعد دليلًا معنى اسم قطورة، ولا معاني أسماء أولادها، إن إبراهيم له علاقة بمكة، ففي كل اللغات توجد أسماء لأشخاص لا علاقة لها بصفاتهم ولا بمساكنهم ولا بأماكن قاموا بزيارتها.
ولا يوجد دليل على أن العلاقة بين إبراهيم وإسماعيل كانت مستمرة، ولكن عند موت إبراهيم جاء إسماعيل من برية فاران وشارك إسحق في دفن أبيهما (تك 25: 9) ولا بُد أن برية فاران كانت قريبة من موطن إبراهيم، وإلاَّ ما استطاع إسماعيل أن يصل في وقت مناسب ليدفن أباه، فهي تقع في جنوبي فلسطين، بين فلسطين وسيناء بالقرب من قادش برنيع، ويرجح كثير من العلماء أنها تقع في الشمال الشرقي من شبه جزيرة سيناء، وربما تكون هي أيلة أو إيلات الحالية (تث 33: 2، حب 3: 3) ويقول آخرون أنها في برية التيه في وسط هضبة سيناء. ويقول " بينو روتنبرج " Rothenberg Beno في كتابه عن برية الله أن برية فاران كان الاسم القديم لكل شبه جزيرة سيناء في العصور الكتابية، حيث أننا نقرأ في سفر التثنية (تث 33: 2) ونبؤة حبقوق (حب 3: 3) أن الرب جاء أو تلألأ من جبل فاران لمعونة شعبه، ويجمع بين فاران وسعير وتيمان، وتقول دبورة النبية " يا رب بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم" (قض 5: 4) مما يرجح الظن بأن هذه الأسماء جميعها كانت تطلق على هذه الصحراء الشاسعة، وقد لجأ إليها داود بعد موت صموئيل النبي (1 صم 25: 1) وفي خروج بني إسرائيل من مصر حلوا في برية فاران (عد 10: 12) ومن هذه البرية أرسل موسى الجواسيس (عد 12: 16) لاستكشاف أرض كنعان (عد 13: 3) وقد عاد الجواسيس بعد إتمام مأموريتهم إلى برية فاران إلى قادش (عد 13: 26) ويتضح مما سبق أن برية فاران وجبل فاران لا يقعا مطلقًا في شبه الجزيرة العربية"(2)(3).
3- يقول أبونا تيموثاوس البرموسي " أما ما جاء في التوراة السامرية فيُذكر في دائرة المعارف للبستاني المجلد التاسع ص 408 الآتي:
(أما السامريون فدستور إيمانهم هو أسفار موسى الخمسة وهم لا يعترفون بباقي القوانين العبرانية ولا بالتقليدات الفريسية، وعندهم ترجمة أسفار موسى الخمسة إلى اللغة السامرية وهي لغة أرمينية فيها ألفاظ وتراكيب عبرانية كثيرة. وأُختلف في كاتبها... وقد بين جزينيوس أنه كان للمصححين السامريين مقاصد خصوصية في توفيق نسختهم لاعتقاداتهم المخالفة لاعتقادات الإسرائيليون فحملهم ذلك على إجراء بعض إصلاحات فيها فهل يصلح أن نستشهد بنسخة يعتقد أصحابها بمعتقدات تختلف عن أهل الخصوص العبرانيين الذين كانوا على عداء شديد معهم، ولم يعتقدوا إلاَّ بموسى نبيًا فقط، بل يستخدمون الآن التاريخ الهجري في كتاباتهم؟! "(4).
4- يقول الأستاذ الدكتور يوسف رياض " لم يكن لإبراهيم أي علاقة بشبه الجزيرة العربية ولا بمكة، بل أن المحاولات للربط بين أسماء إبراهيم من قطورة وبين تجارة البخور المشهورة في شبه الجزيرة العربية، هي محاولات تلفيق وتزوير. فقد سكن إسماعيل بالقرب من موطن إبراهيم، ولذلك شارك في دفن أبيه، كما تزوج عيسو من بنت إسماعيل"(5).
5- يقول الأستاذ توفيق فرج نخلة " ظن البعض خطأ أن فاران من جبال مكة، ولكن سيناء وسعير وفاران جبال متجاورة في شبه جزيرة سيناء، فشعب بني إسرائيل في رحلاتهم بعد خروجهم من أرض مصر مروا في برية فاران (عد 10: 12، 12: 16) ولم يذهبوا في هذه الرحلة إلى مكة أو الحجاز"(6)(7).
6- يقول الدكتور ملاك شوقي إسكاروس " ليس معنى أن أسماء قطورة لها ارتباط بتجارة البخور في الجزيرة العربية أن إبراهيم كان له علاقة بهذا المكان، فمثلًا اسم يهوذا مرتبط بالحمد، وأحمد، ومحمود، فهل معنى هذا أنه عاش في الجزيرة العربية؟! أو هل لأن اسم عيسى منتشر في الجزيرة العربية فهذا يعني أن يسوع المسيح عاش في تلك الأماكن أو كان له ارتباط بها؟! "(8).
_____
(1) نقد التوراة ص 29.
(2) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 1 - 3.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(6) راجع القس عبد المسيح بسيط - اللاهوت الدفاعي جـ 1 ص 74 - 80، والقمص مرقس عزيز - إستحالة تحريف الكتاب المقدَّس طبعة (14) ص 380.
(7) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(8) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/496.html
تقصير الرابط:
tak.la/g3v3aqd