يقول أحمد ديدات " وإذ يعتبر الكتاب المقدَّس ذاته قطورة هذه زوجة لسيدنا إبراهيم نجد أن الكتاب المقدَّس نفسه يناقض نفسه في سفر أخبار الأيام الأول إذ يصف قطورة بأنها من سراري سيدنا إبراهيم عليه السلام. أي أنها كانت محظية من محظياته، اللهم إلاَّ إذا كان الله لا يعرف الفرق ولا يفرق كما يفرقون بين الزوجة wife والسرية أو المحظية concubine لا يُعقل أن الله يتناقض في أقواله ولا يعرف الفرق بين الزوجة والمحظية"(1).
ج: 1- كانت قطورة سرية لإبراهيم فتزوجها وأنجب منها ستة أبناء، فهي كانت سريته قبل الزواج وزوجته بعد الزواج، فعندما قال الكتاب " وعاد إبراهيم وأخذ زوجة اسمها قطورة" (تك 25: 1) فهو صادق، وعندما قال " وأما بنو قطورة سرية إبراهيم" (1 أخ 1: 32) فهو صادق علاوة على أنه هنا أراد التمييز بين سارة زوجة إبراهيم التي ولدت إسحق ابن الموعد، وبين قطورة التي أنجبت ستة أبناء وصرفهم أبوهم عن ابنه إسحق بعد أن منحهم عطايا، حسب عادة ذلك الزمان، وإن كان سفر التكوين ذكر أن قطورة زوجة إبراهيم ففي نفس الإصحاح أشار إلى أنها كانت سرية (سابقًا) عندما قال " وأما بنو السراري اللواتي كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق ابنه" (تك 25: 6).
2- تزوج يعقوب بلهة وأنجب منها دان ونفتالي، وبلهة هي جارية راحيل التي قالت لزوجها يعقوب " هوذا جاريتي بلهة. أدخل عليها فتلد على ركبتيَّ وأُرزق أنا أيضًا منها بنين" (تك 30: 3) وبلهة هذه دعاها الكتاب سرية يعقوب " أن راوين ذهب واضطجع مع سرية أبيه" (تك 35: 22) فإن قلنا عن بلهة أنها جارية فهي هكذا، وإن قلنا عنها أنها زوجة فهي هكذا، وإن قلنا عنها أنها سرية فهي هكذا.
3- في قصة اللاوي التي تعرضت سريته للاغتصاب حتى الموت، قال عنها الكتاب " فاتخذ له امرأة سريَّة" (قض 19: 1) كما قال الكتاب أيضًا عن هذا الرجل أنه بعلها أي زوجها " فأجاب الرجل اللاوي بعل المرأة المقتولة" (قض 20: 4) فهي إذًا سريته وهي زوجته ولا غضاضة في هذا.
4- لا يوجد في الكتاب المقدَّس أي أثر لاتهام ديدات بأن " الله يتناقض في أقواله " لأن الله لا يتغير، فليس عنده تغيَّير ولا ظل دوران، وهو لا يبدل أقواله ولا يمكن أن يصدر منه أقوال متضاربة، ولا يعطي أقوالًا وينسخها بأقوال أخرى مضادة.
5- جاء في دائرة المعارف " قطورة: اسم عبري معناه " عطر أو مُقطَّرة " وهي الزوجة الثانية لإبراهيم ولا يذكر الكتاب المقدَّس شيئًا عنها سوى اسمها وأسماء أولادها، فلا نعلم أصلها أو موطنها (تك 25: 1، 4، 1 أخ 1: 32، 33) وتذكر في سفر الأخبار على أنها "سرية إبراهيم" ويبدو أن إبراهيم تزوجها بعد موت سارة (تك 23: 1، 2) بل وبعد زواج إسحق من رفقة (تك 24: 67) ولعل إبراهيم -كما يرى البعض- شعر بالوحدة بعد زواج إسحق، فتزوج من قطورة للتخلص من هذا الشعور بالوحدة. وواضح أنها لم تكن في مرتبة سارة، لذلك يذكر سفر الأخبار صراحة بأنها سرية إبراهيم"(2).
_____
(1) ترجمة على الجوهري - عتاد الجهاد ص 50، 51.
(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 237.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/495.html
تقصير الرابط:
tak.la/pdp78w6