St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1693- ما معنى قول المزمور: "يَجْمَعُ كَنَدٍّ أَمْوَاهَ الْيَمِّ يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ" (مز 33: 7)؟، وهل يتآمر الله: "أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ" (مز 33: 11)؟ ومع من يتآمر الله وعلى من يتآمر؟

 

س 1693: ما معنى قول المزمور: "يَجْمَعُ كَنَدٍّ أَمْوَاهَ الْيَمِّ يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ" (مز 33: 7)؟، وهل يتآمر الله: "أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ" (مز 33: 11)؟ ومع من يتآمر الله وعلى من يتآمر؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- قال المزمور: "يَجْمَعُ كَنَدٍّ أَمْوَاهَ الْيَمِّ يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ" (مز 33: 7)، وفي هذا إشارة لما فعله الله في بدء الخليقة: "وَقَالَ اللهُ لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ. وَكَانَ كَذلِكَ" (تك 1: 9)، وفيه أيضًا إشارة لشق البحر الأحمر: "فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ" (خر 14: 22)، وفيه أيضًا إشارة لشق نهر الأردن حيث: "وَقَفَتِ الْمِيَاهُ الْمُنْحَدِرَةُ مِنْ فَوْقُ وَقَامَتْ نَدًّا وَاحِدًا بَعِيدًا جِدًّا عَنْ أَدَامَ الْمَدِينَةِ.. وَعَبَرَ الشَّعْبُ مُقَابِلَ أَرِيحَا" (يش 3: 16)، وقال أيوب عن الله الذي يضبط مياه البحار والمحيطات: "رَسَمَ حَدًّا عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ عِنْدَ اتِّصَالِ النُّورِ بِالظُّلْمَةِ" (أي 26: 10)، وسأل الله أيوب: "وَمَنْ حَجَزَ الْبَحْرَ بِمَصَارِيعَ حِينَ انْدَفَقَ فَخَرَجَ مِنَ الرَّحِمِ" (أي 38: 8)، وقال المزمور عن مياه البحر: "وَضَعْتَ لَهَا تَخْمًا لاَ تَتَعَدَّاهُ. لاَ تَرْجعُ لِتُغَطِّيَ الأَرْضَ" (مز 104: 9)، وقال الرب في سفر إرميا: "أَإِيَّايَ لاَ تَخْشَوْنَ يَقُولُ الرَّبُّ أَوَلاَ تَرْتَعِدُونَ مِنْ وَجْهِي أَنَا الَّذِي وَضَعْتُ الرَّمْلَ تُخُومًا لِلْبَحْرِ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً لاَ يَتَعَدَّاهَا فَتَتَلاَطَمُ وَلاَ تَسْتَطِيعُ وَتَعِجُّ أَمْوَاجُهُ وَلاَ تَتَجَاوَزُهَا" (إر 5: 22).. وهذه كلها أساليب شعرية توضح ضبط الله لمياه البحار حتى لا تجور على اليابسة وتبتلعها، وقوله: "يَجْعَلُ اللُّجَجَ فِي أَهْرَاءٍ" أي ترتفع الأمواج العاتية فتزيد وترعد ثم تنتهي.

ويقول "القديس يوحنا ذهبي الفم" في العظة التاسعة لأهل أنطاكية: "ألا تنظرون هذا البحر لم يزل مضطربًا بهيجان الرياح العاصفة، ومع ذلك جميعه فإن هذا البحر العظيم، الجزيل اتساعه الشديد هيجانه يُحجز بقلة الرمل وضعفه. فافتكر يا هذا متأملًا بالحكمة الإلهيَّة التي لا تسمح أن يستمر البحر هادئًا ساكنًا لئلا تتوهم أن ضبطه هو من قِبل الطبيعة. بل تشاهد أنه لم يتجاوز حدوده ويضطرب جدًا ويهيج إلى بُعد شاسع ويرفع أمواجه متعالية إلاَّ أنه في حالة وصوله إلى الشط تنكسر أمواجه ويرجع بعضها وراء بعض لتعلم أن ذلك ليس هو من قبيل ذاته بل من قِبل أمر الذي يضبطه بقدرته القاهرة، فهو يستهيب أمر الذي قال له إلى هنا تجري وتكسر أمواجك" (277).

 

2ــ ليس الله في حاجة على الإطلاق للتآمر مع أي كائن أو ضد أي كائن، وكيف يتآمر وهو بيده جميع مقاليد الأمور، وبكلمة واحدة يقول للشيء كن فيكون، فيُوجِد الأشياء من العدم، وقال المُرنّم في نفس المزمور في الآيتين السابقتين لهذه الآية: "لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ. الرَّبُّ أَبْطَلَ مُؤَامَرَةَ الأُمَمِ. لاَشَى أَفْكَارَ الشُّعُوبِ" (مز 33: 9، 10)، وقال المزمور عن السموات والطغمات السمائية والأرض وكل ما عليها: "لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ" (مز 148: 5)، فالأمم والشعوب يتآمرون والرب يُبطل مؤامراتهم: "تَشَاوَرُوا مَشُورَةً فَتَبْطُلَ. تَكَلَّمُوا كَلِمَةً فَلاَ تَقُومُ لأَنَّ اللهَ مَعَنَا" (إش 8: 10). إذًا المقصود بقــول المزمور: "مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ" أي " مَشُورَةُ الرَّبِّ" كقول سليمان الحكيم: "مَشُورَةُ الرَّبِّ هِيَ تَثْبُتُ" (أم 19: 21) فمشورة الله ثابتة من جيل إلى جيـل لذلك قال المزمور: "أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَــى دَوْرٍ فَدَوْرٍ" (مز 33: 11)، والمقصود بمؤامرة الرب أو مشورة الرب أي " رأي الرب" كما جاءت في "الترجمة القبطي": "وأما رأي الرب فهو ثابت إلى الأبد. وأفكار قلبه من جيلٍ إلى جيلٍ" وفي " ترجمة كتاب الحياة" جاءت " مقاصد الرب": "أما مقاصد الرب فتثبت إلى الأبد. وأفكار قلبه تدوم مدى الدهر". وإن كانت المؤامرة أو المشورة تتم بين عدة أطراف، ولأنه لا يوجد أي كائن كفء لله ليتشاور معه، لذلك فالمعنى المباشر هو " رأي الرب" أو "مقاصد الرب"، ورأي الرب ثابت لا يتغير، بينما قد تتغير أفعاله الخارجية، فمثلًا عندما أرسل يونان النبي إلى أهل نينوى يخبرهم بانقلاب المدينة بعد أربعين يومًا، وبعد توبتهم لم تنقلب المدينة، فلا يعدُّ هذا تغيّيرًا في رأيه، إنما الله بسابق علمه كان يعرف أن المدينة ستقدم توبة قوية، وأنها لن تهلك، وستصير توبتها مضربًا للأجيال المتعاقبة، وعندما قال الله لحزقيا الملك أوصي بيتك لأنك ستموت، وإذ بحزقيا يقدم صلاة قوية مستجابة للرب فيمنحه عمرًا جديدًا لمدة خمسة عشر عامًا، فلا يعدُّ هذا تغييرًا في رأيه، لأنه بسابق علمه كان يعلم بصلاة حزقيا والعمر الجديد الذي سيمنحه إياه.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(277) إعداد راهب من دير المحرق - تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 455، 456.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1693.html

تقصير الرابط:
tak.la/nggwmv2