St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1679- كيف يصف داود نفسه تارة بأنه دودة: "أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ" (مز 22: 6)، وتارة أخرى بأنه كلب ميت وبرغوث: "وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ. وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ. وَرَاءَ كَلْبٍ مَيْتٍ. وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ" (1صم 24: 14)؟! ولو كان ما جاء في (مز 22: 6) نبوة عن السيد المسيح، فإن الجرم يكون أعظم، إذ كيف يصف الله نفسه بأنه دودة؟!!

 

س 1679: كيف يصف داود نفسه تارة بأنه دودة: "أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ" (مز 22: 6)، وتارة أخرى بأنه كلب ميت وبرغوث: "وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ. وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ. وَرَاءَ كَلْبٍ مَيْتٍ. وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ" (1صم 24: 14)؟! ولو كان ما جاء في (مز 22: 6) نبوة عن السيد المسيح، فإن الجرم يكون أعظم، إذ كيف يصف الله نفسه بأنه دودة؟!!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج: 1- تشبيه الإنسان نفسه بالكلب كان أمرًا شائعًا حينذاك، فجاء عن جليات الجبار: "فَقَـالَ الْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى أَنَّكَ تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ" (1صم 17: 43)، وقال مفيبوشث بن يوناثان لداود: "مَنْ هُوَ عَبْدُكَ حَتَّى تَلْتَفِتَ إِلَى كَلْبٍ مَيِّتٍ مِثْلِي" (2صم 9: 8)، وبالرغم من أن داود كان ممسوحًا ملكًا إلاَّ أنه كان مُطاردًا من شاول، فقال له: "وَرَاءَ مَنْ خَرَجَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ. وَرَاءَ مَنْ أَنْتَ مُطَارِدٌ. وَرَاءَ كَلْــبٍ مَيْتٍ. وَرَاءَ بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ" (1صم 24: 14)، فإن قال داود هذا لشاول، فلا حرج أن يقوله لله في صلواته " أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ" (مز 22: 6).. أليس هذا يعكس تواضع داود؟!، وقد سبق الإجابة على هذا التساؤل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ9 س 1147.

 

 2ــ هذه الآية: "أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْوبِ" (مز 22: 6) تحمل بُعدًا نبويًا، إذ توضح الاعتداءات الصارخة التي وقعت على السيد المسيح له المجد، واحتقاره والازدراء به: "حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ" (مت 26: 67)، والجنود الرومان: "وَضَفَرُوا إِكْلِيلًا مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ. وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْــهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ" (مت 27: 31).. حقًا رآه إشعياء النبي بعين النبوة، فقال عنه: "لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ" (إش 53: 2، 3).. تأمل نبوءة داود "مُحْتَقَرُ الشَّعْوبِ" ونبوة إشعياء " مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ".

 

 3ــ الدودة صغيرة ومحتقرة، وعادة ليس لها عظام ولا أطراف، بل هيَ حلقات صغيرة متحركة، لا يرى فيها الإنسان أي فائدة، بل يرى أنها مُضرَّة بالنباتات، ولذلك يحاول التخلص منها، وقال بلدد الشوحي: "هُوَذَا نَفْسُ الْقَمَرِ لاَ يُضِيءُ وَالْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ. فَكَـمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ" (أي 25: 5، 6)، فالإنسان الخاطئ الذي انفصل عن الله مصدر الحياة لا يرى في نفسه سوى رمة يغشاها الدود، والكلمة التي اُستخدمت هنا " دُودَةٌ" تعبر عن نوع من الديدان التي يستخرج منها صبغة حمراء زاهية بلون الدم، ودُعيت " الدُّودِيِّ" (إش 1: 18).

ويقول "فخري عطية": "أن الكلمة العبرية "دُودَةٌ" تنطبق بوجه خاص على "الخلية" التي يصدر عنها اللون القرمزي الذي كان يُستخدم من مستلزمات الخيمة، وذلك عن طريق موت الخلية ذاتها، ففي هذه الحالة ما أكمل انطباقها على الرب يسوع الذي نراه في مزمورنا، وهذا من حيث آلامه تحت دينونة الخطيَّة، وإشعياء يستخدم كلمة "قرمز" لونًا من ألوان الخطيَّة: "إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ" (إش 1: 18)، وصبغة الشـرق القرمزية جميلة وثابتة اللون، وهيَ مرتفعة التكاليف لا يرتدي ملابسها غير العظماء والثراة والأشراف... وقد انسحق (السيد المسيح) بالموت حتى نلبس نحن ثياب المجد، فإن ثياب خلاصنا المجيدة هيَ الثياب التي حصلنا عليها نتيجة لموته وقيامته" (236).

 

 4ــ الدودة كائن ضعيف للغاية، ويقول "القمص بيشوي كامل": "وبالمثل يقول إشعياء النبي: "لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ. أَنَا أُعِينُكَ يَقُولُ الرَّبُّ" (إش 41: 14)، فالدودة هيَ أصغر المخلوقات، وتولد أحيانًا من الطين بلا تزاوج، وتُفني الأشياء التي تمسها، وتحس أن الإنسان قوي جدًا وقادر على سحقها.

 أولًا: كان ربنا على الصليب محتقر من الشعب كاحتقار الدودة، وكل الذين رأوه كانوا يستهزئون به لأنه لم يقدر أن ينجي نفسه.

ثانيًا: كما أن الدودة أحيانًا تُولد من الطين بلا تزاوج وكذلك ربنا يسوع أخذ جسدًا من جسم العذراء ابنة آدم الذي خُلق من الطين، وأيضًا لم يُولد المسيح من زرع بشر.

ثالثًا: كما أن الدودة تُفني الأشياء التي تمسها. كذلك ربنا يسوع أفنى كل القوات المضادة للإنسان التي كانت سببًا في هلاكه.

 رابعًا: أن الآب سرَّ أن يسحقه بالحزن على الصليب. لذلك أحسن الجند ورؤساء اليهود (أي أحسَ الإنسان) أن لهم سلطانًا على تعذيب المسيح وسحقه كسلطانهم على الدودة الحقيرة.

ربي يسوع: من أجلي تصير أنت دودة لا إنسان، أما أنا الإنسان الترابي. فأتعالى أمام تواضعك العجيب. إن اتضاعك يا ربي وصل إلى درجة اتضاع الدودة مع أنك القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل.." (237).

 

 5ــ كلمة " دُودَةٌ" في اللغة العبرية "تُولَعُ"، وهو اسم أحد القضاة " تُولَعُ بْنُ فُوَاةَ بْنِ دُودُو رَجُلٌ مِنْ يَسَّاكَرَ" (قض 10: 1)، وفي اسمه رمز لقاضي إسرائيل الحقيقي السيد المسيح الذي رُفض من أمته واحتقره جنود الرومان، وجاء في النبوة: "يَضْرِبُونَ قَاضِيَ إِسْرَائِيلَ بِقَضِيبٍ عَلَى خَدِّهِ" (مي 5: 1).

 

 6ــ كان على الناقد أن يدرك أن ما جاء في الآية هو نوع من التشبيه، يدعى التشبيه الضمني، وذلك لاختفاء أداة التشبيه، فهو لم يقل: أنا مثل الدودة، أو أنا كالدودة. إنما قال: "أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ"، وبالطبع أن لا داود ولا السيد المسيح له المجد قد صار دودة، ولكنه كان ضعيفًا محتقرًا مثل الدودة، وبالمثل عندما نقول عن إنسان أنه أسد، وعن آخر أنه ثعلب، فنحن نقصد أن هذا قوي وشجاع كالأسد، وذاك يتمتع بالذكاء والدهاء كالثعلب، ولا نقصد على الإطلاق أن أحدهما أو كليهما قد صار من ذوات الأربع، وبنفس المنطق عندما شعر بنو إسرائيل بضعفهم الشديد قال الله لهم: "لاَ تَخَفْ يَا دُودَةَ يَعْقُوبَ يَا شِرْذِمَةَ إِسْرَائِيلَ... هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُكَ نَوْرَجًا مُحَدَّدًا جَدِيدًا ذَا أَسْنَانٍ. تَدْرُسُ الْجِبَالَ وَتَسْحَقُهَا، وَتَجْعَلُ الآكَامَ كَالْعُصَافَةِ" (إش 41: 14، 15)، وبالقطع لم يصر يعقوب نورجًا حاد الأسنان يدرس الجبال ويبدد الآكام، وعندما قال داود: "أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ" (مز 22: 16) لم يقصد أن الأشرار تحوَّلوا إلى كلاب، لكنهم تشبهوا بالكلاب التي تنهش الفريسة.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (236) دراسات في سفر المزامير جـ 1 ص 331، 332.

 (237) تفسير المزامير (21 - 30) ص 17 - 19.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1679.html

تقصير الرابط:
tak.la/ydg2rxd