س 1642 : هل يعبد الإنسان الله بخـوف (مز 2 : 11) أم أنه يعبده بحب لأن " الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ" (1يو 4 : 18)؟
ج : 1ـ قال المُرنّم: " اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ" (مز 2 : 11)، وقال يوحنا الحبيب " لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَـنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ" (1يو 4 : 18)، والحقيقة أن هناك أنواع من الخوف (خوف العبيد - خوف الأجير - خوف البنين):
أ- خوف العبيد: فالعبد يخاف سيده لئلا يقع تحت العقاب القاسي، فيُظِهر له الطاعة والخضوع، بينما هو يكرهه ويحقد عليه ويتمنى الخلاص منه.
ب - خوف الأجير: فالأجير يخاف صاحب العمل لئلا يبخس أجرته، أو يطرده فتضيع أجرته بالكامل، فالأجير يعمل طمعًا في الأجرة.
جـ - خوف البنين: والابن يخاف لئلا يُغضِب أباه، ولذلك يطيعه ويخضع له لأنه يحبه، وهو أيضًا لا يحب أبيه طمعًا في الأجرة.
والخوف الذي دعا إليه المُرنّم ليس هو خوف العبيد ولا خوف الأجراء، بل خوف البنين، ولهذا قال المُرنّم: " رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" (مز 111 : 10)، وعظَّم سليمان الحكيم مخافة الرب التي تهب الإنسان المعرفة: " مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ" (أم 1 : 7)، وأوضح سليمان أن مخافة الـرب تنجي الإنسان من أشراك المـوت: " مَخَافَةُ الرَّبِّ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ الْمَوْتِ" (أم 14 : 27)، وأن مخافة الرب خير من كنز عظيم: " اَلْقَلِيلُ مَعَ مَخَافَةِ الرَّبِّ، خَيْرٌ مِنْ كَنْزٍ عَظِيمٍ مَـعَ هَمٍّ" (أم 15 : 16).." مَخَافَةُ الرَّبِّ لِلْحَيَاةِ" (أم 19 : 23)، وقال إشعياء النبي عن الإنسان البار: " مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ كَنْزُهُ" (إش 33 : 6)، وقال بولس الرسول: " تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (في 2 : 12).. " نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى" (عب 12 : 28).. فكل ما سبق يعبر عن خوف البنين المطلوب في الحياة الروحية، ولا يعبر عن خوف العبيد أو الأُجراء المرفوض.
2ــ عندما نعبد الله لا بد أن يكون هناك خشوع ووقار في عبادتنا لله، وعبادة بدون مهابة الله ومخافته هيَ فوضى وهيَ عبادة مرفوضة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومخافة بدون محبة لا قيمة لها لأنها هيَ مخافة العبيد أو الأجـراء، ولاحــظ أن المزمور لم يقل فقط " اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ"، بل أكمل قائلًا: " وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ"، وفي الهتاف فرحة وبهجة، ولذلك جاءت ترجمة كتــاب الحيــاة: "وابتهجوا برعدة"، ويقول "القمص تادرس يعقوب": " في عبادتنا لله ينبغي أن تمتلئ قلوبنا بمخافة إلهيَّة مقدَّسة، وفي نفس الوقت تمتلئ بثقة مفرحة في الرب، لذلك يرى آباء الكنيسة نوعًا من التكامل بين مخالفة الرب المقدَّسة والفرح الروحي. فإن العبادة والنظام يخلقان ليس فقط نوعًا من الرعدة أو الخوف وإنما يخلق أيضًا فرحًا داخليًا" (85).
ويقول "الأب مارتيروس": " أنه لمن اللائق أن نقف أمام الله بعقل يقظ منتبه ممتزج برعدة وخوف مع التهاب الروح بالفرح والحق العميق" (رو 12 : 11 - 12) (86).
_____
(85) تفسير المزامير جـ1 ص 80.
(86) المرجع السابق ص 81.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1642.html
تقصير الرابط:
tak.la/y6t7s4r