ج : 1ــ قال المزمور: " اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكًا لَكَ. تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ" (مز 2 : 8، 9). وفي نبوة أبينا يعقوب عن أبنائه قال عن يهوذا: " لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ" (تك 49 : 10)، فيهوذا هو سبط المُلك الذي خرج منه داود ونسله، فانحصر المُلك في العائلة الداودية، باستثناء ملكة دخيلة وهيَ عثليا بنت آخاب، وجاء السيد المسيح ابن داود بالجسد، وهو ملك الملوك الذي يمسك بقضيب المُلك، ولذلك قال المُرنّم عن السيد المسيح له المجد: " كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ" (مز 45 : 6)، ومع أن قضيب الملك من ذهب إلاَّ أنه هنا يقول أنه قضيب من حديد لأن الحديد أقوى وأصلب من الذهب، فقال السيد المسيح لأسقف كنيسة ثياتيرا: " وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ. فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي" (رؤ 2 : 26، 27، وراجع أيضًا رؤ 12 : 5)، فواضح أن النبوة تنطبق على السيد المسيح وليس غيره.
2ـ كل من النبوتين (مز 2 : 9)، و (إش 42 : 30) تنطبق على السيد المسيح له المجد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فالخاطئ العنيد المصر على شره تنطبق عليه النبوة الأولى إذ يتعرض للتحطيم والهلاك، وقال السيد المسيح عن نفسه أنه حجر الزاوية: " وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ" (مت 21 : 44) وكما أن إناء الفخار لا يصمد أمام قضيب الحديد، كذلك لا يمكن للخاطئ العنيد المتكبر أن يثبت أمام العدل الإلهي. أما الخاطئ المتضع التائب فتنطبق عليه النبوة الثانية: " قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ" (إش 42 : 3)، وهذا ما أكده الإنجيل عندما ذكر النبوة كاملة وانطباقها على السيد المسيح: " لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ... قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ. وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ.." (مت 12 : 17-21)، ولا يوجد أدنى تناقض بين النبوتين، فالأولى تعبر عن العدل الإلهي والثانية تعبر عن الرحمة الإلهيَّة، وعدل الله عدل رحيم، ورحمة الله رحمة عادلة، والسيد المسيح الذي كان رحومًا شفوقًا عطوفًا على الجموع التي كانت كغنم لا راعٍ لها (مت 9 : 36)، ولم يدن المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل، إنما أعطاها فرصة أخرى للتوبة (يو 8 : 3 - 11) هو هو الذي صبَّ الويلات على الكتبة والفريسيين (مت 23 : 13 - 36).
3ــ جاءت الآية في الترجمة القبطية: " فترعاهم بقضيب من حديد. وكمثل إناء الفخار تسحقهم"، والقضيب هنا يمثل:
أــ عصا الراعي التي يستخدمها في تصنيف القطيع " أُمِرُّكُمْ تَحْتَ الْعَصَا وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ الْعَهْدِ" (حـز 20 : 37، راجـع أيضًا لا 27 : 32).
ب - يمثل السلاح الذي يستخدمه الراعي في مواجهة العدو الذي يتعدى على القطيع.
وإن كان إناء الخزف المكسور يصعب معالجته، فيطرح خارجًا: " هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ وهكَذَا أَكْسِرُ هذَا الشَّعْبَ وَهذِهِ الْمَدِينَةَ كَمَا يُكْسَرُ وِعَاءُ الْفَخَّارِيِّ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ جَبْرُهُ بَعْدُ" (إر 19 : 11)، لكن الخزَّاف هنا يسحق هذا الإناء الذي لا أمل فيه، ولا يطوح به بعيدًا ولا يطرحه خارجًا، إنما يعيد تشكيله مرة أخرى ويُدخِله الفرن، فيخرج إناءً رائعًا صالحًا نافعًا... هذا ما يفعله الله مع كل إنسان خاطئ يقبل التقويم والتأديب.
فواضح تمامًا أن هذه النبوءة مع بقية النبوات تنطبق على السيد المسيح الإله المتجسد وحده، ولا تنطبق على أي مخلوق آخر، كما أن رسول الإسلام لم يحطم لا شعوبًا ولا شعبًا واحدًا، فجميع الشعوب التي عاشت في عصره ظلت قائمة بعده لم يختفي منها شعبًا واحدًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1641.html
تقصير الرابط:
tak.la/zxkj6vg