St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1643- هل على الإنسان أن يُقبّل الابن ليتقي غضبه (مز 2 : 12)..؟ ولماذا اختفت كلمة "الابن" من بعض الترجمات مثل الترجمة الكاثوليكية..؟ ثم أليس المقصود بالابن هنا هو رسول الإسلام، فكل من قَبِله نجا من غضبه؟

 

س 1643 : هل على الإنسان أن يُقبّل الابن ليتقي غضبه (مز 2 : 12)؟.. ولماذا اختفت كلمة "الابن" من بعض الترجمات مثل الترجمة الكاثوليكية؟.. ثم أليس المقصود بالابن هنا هو رسول الإسلام، فكل من قَبِله نجا من غضبه؟

 وقال بعض النُقَّاد أن هذا النص (مز 2 : 12) الذي طالما تغنى به القساوسة وأخذوا في حبك السيناريوهات والتفاسير حوله مستدلين به كنبوة عن المسيح وإشارة للثالوث، هم الذين حرَّفوا النص فأضافوا إليه كلمة "الابن" بدليل أنه ليس لها وجود في بعض الترجمات مثل الترجمة الكاثوليكية والعربية المشتركة والفولجاتا، وعدد من مخطوطات النص الماسوري كما جاء في هامش النسخة النقدية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1ـ قال المُرنّم: " قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ" (مز 2 : 12)، والقُبلة هنا إشارة للطاعة، فعندما أراد فرعون أن يرفع يوسف ويجعل الجميع يخضعون له ويطيعونه أصـدر أمـره: " أَنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي" (تك 41 : 40)، وتقبيل فم يوسف هنا إشارة لطاعته وتقديم الاحترام اللائق له، وهذا ما فعله صموئيل عندما مسح شاول أول ملوك إسرائيل: " فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قِنِّينَةَ الدُّهْنِ وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ أَلَيْسَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ مَسَحَكَ عَلَى مِيرَاثِهِ رَئِيسًا" (1صم 10 : 1)، وقال السيد المسيح: " لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ" (يو 5 : 23)، ولا يستطيع أن يدنو من الابن ليقبّله إلاَّ الإنسان التائب عن خطاياه، إذًا هيَ دعوة للخطاة للالتفات للابن والتقرب إليه، دعوة للمصالحة معه وطاعته ومبادلته الحب بالحب.

 " لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا": لماذا يغضب الابن الكلمة؟ يغضب بسبب الخطيَّة، فهو القدوس الطاهر الذي لا يقبل الخطيَّة، بل يحكم عليها بالإبادة، وللأسف الشديد فإن كل المتشبثين بالخطيَّة يعرضون أنفسهم للإبادة، أما الذي يرفض الخطيَّة ويتوب عنها فيستطيع أن يقترب من الابن، بل أنه يستطيع أن يقبّله... غفر السيد المسيح للمرأة الخاطئة المرفوضة من المجتمع، فعندما تخلت عن خطيتها استطاعت أن تدنو منه وتغسل بالطيب قدميه وتقبّلهما، بينما الفريسي الذي دعاه إلى بيته ولم يتخلى عن فريسيته لم يُقبّله، وعاتبه السيد المسيح على هذا مقارنًا بينه وبين هذه المرأة الخاطئة، ففازت هذه المرأة بالمغفرة (لو 7 : 38 - 48).. وعندما نُقبّل الابن علينا أن نحذر جدًا من قبلة يهوذا الغاشة (لو 22: 47، 48)، لأن الله لا يُشمَخ عليه، وهو كاشف الأسرار والخبايا.

 

 2ــ " لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ".. إشارة ليوم الدينونة الرهيب، فنحن الآن نعيش في ظلال رحمة الله ونعمته وقبوله، ولكن يأتي يوم نقف فيه مواجهة أمام العدل الإلهي... ومـن يثبـت؟! " لأَنَّ لِلرَّبِّ يَوْمَ انْتِقَامٍ" (إش 34 : 8).. " يَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا" (إش 61 : 2).. " لأَنَّ يَـوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي" (إش 63 : 4). ويقول "يوسف رياض": " إن تعبيـر " الابن" ورد مرتين في المزمور: " أَنْتَ ابْنِي " (مز 2 : 7) والعبري " بن "، بينما في (مز 2 : 12) " قَبِّلُوا الابْنَ " وردت في الأصل " بار "، وكلاهما يعني " الابن ". اللفظ الأول مثل بنيامين (ابن اليد اليمين)، واللفظ الثاني مثل برنابا (أي ابن الوعظ). لكن الأول " أَنْتَ ابْنِي" ورد بالعبري، لأن المسيح فـي مجيئه الأول وُلِد تحت الناموس، وجاء أساسًا ليفتدي الذين تحت الناموس. لكن في المرة الثانية " قَبِّلُوا الابْنَ " يرد اللفظ الأرامي أو الأممي، لأن المطلوب الآن من كل البشر، يهودًا وأممًا، أن يقبلوا الابن أو بالحري أن يتصالحوا مع الله بربنا يسوع المسيح (2كو 5 : 20). ويمكن القول أيضًا أن المُرنّم استخدم اللغة العبرية، لغة الوحي، عند الحديث عن النبوة في اللاهوت، بينما استخدم المُرنّم اللغة الأرامية، لغة الأمم، للتعبير عن النبوة كما سيراها العالــم عندما يظهر المسيح في مجد ملكوته" (87).

 

 3ــ جاءت "الترجمة القبطية": " الزموا الأدب لئلا يغضب الرب فتضلوا في سبيل الحق. عندما يتقد رجزه بسرعة. طوبى لجميع المتكلين عليه" (مز 2 : 12).

 وجاءت "ترجمة كلمة الحياة": " قبلوا الابن لئلا يغضب. فتهلكوا في الطريـق. لئلا يتوهج غضبه سريعًا. طوبى لجميع المتكلين عليه" (مز 2 : 12).

 وجاءت "الترجمة الكاثوليكية": " لئلا يغضب فتضلوا الطريق. لأن سرعان ما يضطرم غضبــه. فطوبى لجميع الذين به يعتصمون" (مز 2 : 12).

 وفي "الترجمة العربية المشتركة": " لئلا يغضب فتهلكوا سريعًا. هنيئًا لجميع المحتمين به" (مز 2 : 12).

وفعلًا لم يرد اسم " الابن" في الترجمـة الكاثوليكيــة، ولكن عندما قال " لِئَلاَّ يَغْضَبَ".. من هو الذي يغضب؟.. في الآية السابقة: " أعبدوا الرب بخشية. وقبلوا قدميه برعدة" (مز 2 : 11) فواضح أنه يقصد الرب وليس أحد غيره، وهكذا في الترجمة العربية المشتركة عندما قال " لِئَلاَّ يَغْضَبَ" فأنها تعود على الآية السابقة: " أعبدوا الرب بخوف. وقبلوا قدميه برعدة" (مز 2 : 11).

 

 4ــ القول بأن رسول الإسلام هو " الابن" تجني على الحقيقة، وضد روح الكتاب، فأبسط إنسان يرشم الصليب: " باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين" يؤمن ويوقن أن " الابن" هو السيد المسيح، ودعي الكتاب المقدَّس السيد المسيح " ابن الله" عشرات المرات، فهو ابن الله الوحيد الجنس، من نفس طبيعة وجوهر الله، وليس على الإطلاق أي شخص آخر، وهو الذي له السيادة الكاملة على جميع الأمم: " لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ، وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ، وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ" (في 2 : 10)، و " قَبِّلُوا الابْنَ" في الترجمة البيروتية جاءت في الترجمة القبطية " قبلوا الرب"، ولا يوافق الناقد ولا أي إنسان آخر يقول بأن رسول الإسلام هو "الرب".

 

 5ـ قال المُرنّم: " تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ" (مز 2 : 10)، فالابن هو الديان والقاضي العادل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول "الراهب القس أوغريس السرياني": " أيها الملوك حين يمكنكم التعقل افهموا حق ملك الملوك في سلطانه عليكم، لأنه هو مرتفع على رؤوسكم لتخضعوا له بكل قلوبكم، ويا جميع قضاة الأرض تأدبوا، عالمين أن هذا هو الواضع الناموس الذي ينبغي أن تسيروا بحسب تعاليمه وأحكامه ووصاياه... ينصح المُرنّم بأن يتمسك ملوك الأرض وقضاتها بتعاليم السيد المسيح، وأن يقبلوا بمحبة توبيخه وتأديبه لهم. وأن يصيروا بالحقيقة تلاميذًا له لئلا يجلبوا على أنفسهم نيران غضبه ويفقدوا طريق الحق الذي يؤدي إلى السعادة الدائمة وحياة الشركة المستمرة معه، والاتكال عليه" (88).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (87) المزامير المساوية ص 24.

 (88) تأملات في سفر المزامير جـ 1 ص 21.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1643.html

تقصير الرابط:
tak.la/wq94qdt