St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1624- هل لا توجد علاقة بين داود والمزامير، ولذلك فإن نسبة المزامير لداود النبي يُعد أسطورة؟.. وهل المزامير التي بين أيدينا ليست هيَ التي كتبها داود؟

 

St-Takla.org Image: David playing on the harp before Saul - from "Mother Stories from the Old Testament" book صورة في موقع الأنبا تكلا: داود يلعب على القيثار لتهدئة شاول الملك - من صور كتاب قصص تحكيها الأم من العهد القديم

St-Takla.org Image: David playing on the harp before Saul - from "Mother Stories from the Old Testament" book

صورة في موقع الأنبا تكلا: داود يلعب على القيثار لتهدئة شاول الملك - من صور كتاب قصص تحكيها الأم من العهد القديم

 يقول "زينون كوسيدوفسكي": " وإظهار داود على أنه مؤلف المزامير المُجمَّعة في التوراة، أسطورة أيضًا... لقد ذكرنا سابقًا أن ادعاء تأليف داود للمزامير ليس إلاَّ أسطورة، فقد أثبت التحليل لنصوص المزامير، أنه لا يمكن لغالبيتها أن تكون قد كُتبت قبل الأَسْر البابلي، وأنها قد ضمت إلى التوراة في القرن الثالث (ق.م) وليس قبل ذلك، ويعكس مضمونها التصوُّرات الدينية والعلاقات الاجتماعية – السياسية التي اتصفت بها حياة العبرانيين في مرحلة ما بعد الأسْر البابلي" (12).

 ويقول "عبد المجيد همُّو": " لا علاقة لداود بهذه الأناشيد على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد، فداود لم يكن شاعرًا، ولم يُذكَر ذلك في سيرة حياته، لا في صموئيل، ولا الملوك، ولا الأخبار" (13).

 ويقول "الخوري بولس الفغالي": " لا شك في أن داود (القرن العاشر ق.م) ألَّف بعضًا منها، ولكنها لم تُحفظ لنا في نصها الأصلي. وما يبدو معقولًا هو أن المزامير نُظمت وجُمعت بين القرن الثامن والقرن الثاني ق.م، حيت ترتبت الحياة الطقسية وحلَّ المغنون قبل الأنبياء. أما الصيغة النهائية للمزامير فتعود أقله إلى ما بعد الرجوع من الجلاء (السبي) سنة 538 ق.م" (14).

 وجاء في كتاب "المزامير دراسة وشرح وتفسير": " وإن كان النص منذ ظهور مدرسة الماسوريين في القرن السابع أو القرن الثامن الميلادي لم يتغير حتى الآن، لكن النص الأصلي الذي اعتمد عليه الماسوريين في ذلك الزمان سواء كان مأخوذًا من نسخة واحدة كما يظن البعض أو من جراء مقارنة عدة نسخ كانت في أيديهم حينئذ، فهو يحمل بلا نزاع أخطاء ليست قليلة زحفت عبر التاريخ الطويل السابق لهم" (15).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1ـ كان داود شاعرًا وموسيقارًا له مواهبه الأدبية والموسيقية، فعندما بغت شاول روح رديء بحث رجاله عن "رَجُل يُحْسِنُ الضَّرْبَ بِالْعُودِ" (1صم 16 : 16) ولم يجدوا من هو أفضل من داود الذي كان في مقتبل شبابه فأحضروه للقصر، فكان يعزف بالعود ويتغنى بالمزامير، فلا يحتمل الروح النجس جو الصلاة هذا فيهرب، ويهدأ شاول الملك، وضرب عاموس المثل بداود قائلًا: "الْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ، الْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ الْغِنَاءِ كَدَاوُدَ" (عا 6 : 5).

 

2- ذكر الكتاب المقدَّس رثاء داود لشاول ويوناثان بعـد قتلهمـا بيـد الفلسطينيين (2صم 1 : 17 - 37)، كما رثا داود أبنير بن نير رئيس جيش شاول عندما قتله يوآب بخسةٍ (2صم 3 : 23، 24) وقدم داود تسبحته المدوَّنة في (2صم 22) عندما خلصه الرب من جميع أعدائه، وتحوَّلت هذه التسبحة الرائعة إلى المزمور رقم (18)، وقال الكتاب عـن داود أنه " مُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ" (2صم 23 : 1).. فهل بعد كل هذا، نشك أن يكون داود هو كاتب عدد كبير من المزامير؟!

 

3- هناك أدلة عديدة من الأسفار المقدَّسة، تنسب بعض المزاميـر لداود النبي، فمثلًا:

 أ- (مز 110) أشار إليه السيد المسيح عندما قال لليهود: " فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا قَائِلًا.." (مت 22 : 43، 44).

 ب- (مز 41) أشار إليه سفر الأعمال: " الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ عَنْ يَهُوذَا" (أع 1 : 16).

جـ- (مز 16) أشار إليه سفر الأعمال: " لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ.." (أع 2 : 25).

 د- (مز 32) أشار إليه بولس الرسول: " كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضًا فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ.." (رو 4 : 6، 7).

 ه- (مز 69) أشار إليه بولس الرسول: " وَدَاوُدُ يَقُولُ لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ.." (رو 11: 9، 10).. فهل نُكذّب السيد المسيح والآباء الرسل الذين نسبوا بعض المزامير لداود النبي؟!

 

4- هناك مزامير لم يتضح منها اسم كاتبها، وقد نسبتها الأسفار الأخرى لداود النبي، فمثلًا:

 أ- (مز 96) هو عين ما تغنى به داود النبي: " حِينَئِذٍ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَوَّلًا جَعَلَ دَاوُدُ يَحْمَدُ الرَّبَّ بِيَدِ آسَافَ وَإِخْوَتِهِ" (1أي 16 : 7) والمزمور تكرار لما جاء في (1أي 16 : 23 - 36).

 ب- (مز 105 : 1 – 15) هو ما تغنى به داود في (1أي 16 : 8 – 22).

 جـ- (مز 2) أشار إليه سفر الأعمال على أن داود هو قائله: " الْقَائِلُ بِفَمِ دَاوُدَ فَتَاكَ.." (أع 4 : 25، 26).

 د- (مز 95) أشار إليه بولس الرسول قائلًا: " يُعَيِّنُ أَيْضًا يَوْمًا قَائِلًا فِي دَاوُدَ" (عب 4: 7).

 

5- هناك مزامير عديدة ارتبطت بأحداث شخصية في حياة داود مثل المزاميـر (3، 7، 18، 30، 34، 51، 52، 54، 56، 57، 59، 60، 63، 142)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وداود النبي هـو الـذي نظـم خدمة التسبيح في بيت الرب (1أي 6 : 31، 16 : 7، 25 : 1، عـز 3: 10، نح 12 : 24، 36، 45، 46، عا 6 : 5). كما قال يشوع بن سيراخ عن داود النبي: " بِكُلِّ قَلْبِهِ سَبَّحَ وَأَحَبَّ صَانِعَهُ.أَقَامَ الْمُغَنِّينَ أَمَامَ الْمَذْبَحِ، وَلَقَّنَهُمْ أَلْحَانًا لَذِيذَةَ السَّمَاعِ" (سي 47 : 10-12). وقدم "ر. د. ولسون" R. D. Wilson تحليل شامل أثبت فيه صحة إثبات المزامير لداود، أي المزامير المنسوبة له. (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 234).

 

6- إنكار "عبد المجيد همُّو" نسبة المزامير لداود وقوله أنه لا توجد علاقة بين داود وهذه الأناشيد على الإطلاق، لا يوافقه في هذا معظم النُقَّاد الآخرين من بني جلدته، فمثلا يقول "د. محمد علي البَار": " تُنسَب هذه المزامير إلى داود حيث نرى 73 من بين 150 منسوبة لداود عليه السلام، ولا شك لدينا أن داود عليه السلام قد أنشد كثيرًا من الأناشيد تمجيدًا لله وحمدًا وتسبيحًا له، ولكن هذه الأناشيد دخلها التحريف والإضافة والحذف والزيادة" (16) ونحن نوافق د. محمد علي البَار على نسبهِ المزامير لداود، ولا نوافقه على دخول التحريف والإضافة والحذف والزيادة، لأنه لا يوجد أدنى دافع لهذا، فما الداعي لهذا في صلوات وتسابيح وطلبات مقدَّمة لله؟!! وأين مواضع هـذا التحريـف؟ ومن الذي أجراه؟.. إلخ.

 كما يقول "د. محمد علي البَار" أيضًا: " ونحن نعتقد أن داود عليه السلام قد أتاه الله صوتًا جميلًا حسنًا، وكان ينشد بهذا الصوت الجميل الرخيم، فتؤوّب معه الجبال والطير... {يا جبال أُوبي معه والطير}.. وأنه كان يسبح لله بهذه الترنيمات الرائعة الفذة فتوقف الطير في جو السماء تردد معه هذه التسابيح" (17).

ويقول "د. حسن الباش": " إن داود كان ينشد ويسبح والطير والجبال تشاركه النشيد أو تستمع إليه إذ كان صوته جميلًا جدًا... وما كان ينشده عبارة عن تسابيح وثناء على الله، وقد أشارت الأحاديث النبوية الشريفة أن هذه التسابيح والثناء وحمد الله هيَ أحد أوجه كتاب الزبور. وقد روى "ابن كثير" في البداية والنهاية أن الله سبحانه وتعالى قد وهب داود من الصوت العظيم ما لم يعطه أحدًا، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء يُرجع (يردد) بترديده ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشية، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله لتعتكف الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى يهلك بعضها جوعًا... وأورد (ابن كثير) أنه كان يقرأ الزبور بسبعين صوتًا.

 وقد ورد في كتاب النيسابوري قوله: " فمنها أنه أنزل عليه الزبور مئة وخمسين سورة... ولم يقل فيها حلال ولا حرام، ومنها الصوت الطيب والنغمة الطيبة اللذيذة والترجيع والألحان ولم يعطِ الله أحدًا من خلقه مثل صوته، وكان يقرأ الزبور بسبعين لحنًا حيث يعرق المحموم ويفيق المغمى عليه " (النيسابوري - قصص الأنبياء ص 281)" (18).

 وبغض النظر عن مبالغات ابن كثير والنيسابوري وغيرهما، فإن ما يهمنا اعترافهم بنسبة الزبور لداود النبي.

 

 7- إيماءً إلى ما جاء في كتاب "المزامير" دراسة وشرح وتحليل جـ 1 ص 148، نقول أنه عندما بدأ الماسوريون عملهم في وضع حركات الضبط على النص العبري كان أمامهم العديد من الترجمات الأخرى مثل السبعينية اليونانية، والبشيطا السريانية، والفولجاتا اللاتينية، والقبطية، وغيرها الكثير والكثير، وهـذا بلا شك ساعدهم كثيرًا على ضبط النص، ولا يوجد دليل واضح على حدوث: "أخطاء ليست قليلة" وقعت قبل الماسوريين... كان هناك دقة متناهية في نسخ الأسفار المقدَّسة، ولا يمكن أن ننكر الجهد الذي كانت تقوم به لجان المراجعة في مراجعة النُسخ المنسوخة، حتى أن كل نسخة تحوي ثلاثة أخطاء يتـم تصحيحها، أما ما زاد على ذلك فيؤدي إلى إعدام هذه النسخة، سـواء بالحرق أو تكفينها ودفنها، فتوضع في جراب من الكتان بمثابة كفن لها وتحفظ في مقبرة المخطوطات (الجنيزة). والكاتب عاد وقال عن النسخة الماسورية: " ولكننا مُحقُّون جدًا في رجوعنا للترجمات القديمة وبالأخص السبعينية حينما يظهر أن النسخة الماسورية مخطئة، بل وحتى لو كانت غير مشكوك فيها، لأن الترجمات القديمة تعطي قراءة أخرى قد تكون أرجح" (19).

 

 8- ليس عجيبًا أن البعض أنكر نسبة المزامير لداود واعتبـر أن ذلك أسطورة، لأن هناك من أنكر شخصية داود ككل وادعوا أنها شخصية أسطورية، وكأنه لم يكن هناك وجود لداود على أرض الواقع، مع أن الكتاب المقدَّس في مواضع عديدة ذكر داود على أنه شخصية تاريخية، والسيد المسيح له المجد قد ذكر داود النبي، ويقول "ستيفن م. ميلر وروبرت ف. هوبر": " ظن بعض علماء الكتاب في وقت من الأوقات أن داود كان بطلًا أسطوريًا، مثل هرقل... ولكن في سنة 1992م وجدت قطعة حجرية منقوش عليها" بيت داود "في شمال إسرائيل، ويبدو أن الحجر كان تخليدًا لذكرى انتصار الأراميين (وكانوا فيما يسمى الآن سوريا) على بني إسرائيل، يرجع تاريخها إلـى 200 سنـة بعد زمن داود" (20).

 

9- التشكيك فيما كتبه داود النبي في سفر المزامير وحدوث تغيير فيه يقود إلى الشك في مصداقية الكتاب المقدَّس ككل، فإن من يشك في الجزء يشك في الكل، بينما المخطوطات العديدة عبر الأجيال المتتالية من مخطوطات وادي قمران للأن، وتطابقها تمامًا مع ما بين أيدينا يُكذّب أي دعوى في وقوع أن تغيير أو تبديل في سفر المزامير أو غيره من الأسفار القانونية المقدَّسة، فلا يصح أن نُلقي التهم جزافًا، والخوري بولس الفغالي الذي قال: بأن ما كتبه داود لم يحفظ لنا في نصه الأصلي قول يفتقر إلى الدليل، وقوله: بأن الحياة الطقسية والترتيل بالمزامير بدأ من القرن الثامن ق.م لا يتفق مع قول الكتاب المقدَّس بأن داود هو الذي نظم فرق التسبيح في خيمة الاجتماع، والأصحاح الخامس والعشرين من سفر أخبار الأيام الأول وغيره يحكي عن الفِرق الأربعة والعشرين التي كونها داود النبي لتقوم بخدمة التسبيح بالمناوبة، لكي ما يستمر التسبيح طوال العام في بيت الرب، ولا ننسى أن المزامير ارتبطت أيضًا بالأعياد، وبأيام الأسبوع، والعبادات الخاصة... إلخ منذ القرن العاشر قبل الميلاد.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (12) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 284، 285.

(13) مراجعة وتدقيق إسماعيل الكردي - اليهودية بعد عزرا وكيف أُقرت ص 39.

(14) المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 - التوراة وعلم الشرق القديم ص 15.

 (15) المزامير - دراسة وشرح وتفسير - المقدمة ص 148.

(16) أباطيل التوراة والعهد القديم "2" - الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم ص 385.

 (17) أباطيل التوراة والعهد القديم "2" - الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم ص 393.

(18) الكتاب والتوراة - عندما باع الحاخامات موسى عليه السلام ص 381.

 (19) المزامير: دراسة وشرح وتفسير - المقدمة ص 149.

(20) تاريخ الكتاب المقدَّس منذ عهد التكوين وحتى اليوم ص 23.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1624.html

تقصير الرابط:
tak.la/qmam2g7