يقول "السيد سلامة غنمي" عن تتمة سفر أستير: "وقد كُتبت هذه القصة باللغة العبرية حوالي 150-125 ق. م.، وبعد ذلك بقرابة نصف قرن تمت ترجمتها إلى اللسان اليوناني، غير أن الترجمة اليونانية تتضمن إضافات وزيادات هي من نوع (الأبوكريفا) إلى أبعد حد. وهذه الإضافات أُدخلت أيضًا في الترجمة الإنكليزية الرسمية المعروفة بترجمة (الملك جيمس) ويجدها القارئ في أصحاح 10: 4 إلى 16: 24"(1).
وجاء في "كتاب الهداية": "وضع أحدهم ملحقًا لتوضيح معناه، كمؤامرة أثنين من خدم أحشويروش لقتله، وبيان الأمر الذي أصدره بملاشاة الأمة اليهودية، وزيارة الملكة أستير للملك، وصدور الأمر الثاني بإلغاء الأمر الأول، ولا يُخفى أنه أُشير إلى هذه الحوادث في هذا السفر الجليل، غير أن بعضهم زاد هذه الملحقات للشرح والتفصيل وتُرجمت هذه التفاصيل من اللغة اليونانية إلى اللغة اللاتينية، غير أن المحققين رفضوها وأعتبرها جيروم وجروتيوس من زخرف الكلام وعدَّها من الأوهام لأنها غير موجودة باللغة العبرية ولا باللغة الكلدية (الكلدانية) لغة الكتب المُوحى بها، وثانيًا أن اليهود أصحاب الكتاب لم يعرفوها"(2).
ج: 1- لم يُكتب السفر خلال الفترة 150-125 ق. م. كقول السيد سلامة غنمي إنما كُتب خلال الفترة من 460-332 ق. م.، فيُرجى الرجوع إلى س 1477.
2- مع أننا نقدّر جدًا الجهد البالغ الذي قام به بعض المُرسَلين الأمريكان سنة 1900م في وضع كتاب "الهداية" في أربعة أجزاء ردًّا على كتاب "إظهار الحق" وعلى كتاب "السيف الحميدي الصقيل"، ومع هذا فنحن لا نوافقهم على اعتبار أن تتمة أستير من زخرف الكلام والأوهام وذلك للأسباب الآتية:
أ - كان هناك صيغتان لسفر أستير، صيغة مختصرة في الأصل العبري، وصيغة أطول شملت بعض الأجزاء التي خلا منها النص العبري والتي تعرّضنا لها في إجابة السؤال 1477، وهذه الأجزاء موجودة في متن النص في الترجمة السبعينية، وأيضًا في الترجمة اللاتينية القديمة، وجاءت مجمَّعة في نهاية الترجمة اللاتينية التي قام بها القديس جيروم، وقد وُجِد السفر كاملًا أيضًا في النسخ الفاتيكانية، والإسكندرانية، والسينائية، وفي نسخة قبطية، وفي النسخ الأثيوبية، وفي الترجمة اليسوعية، وفي الطبعة القياسية المنقحة R.S.V، وطبعة أورشليم J.B، وجاءت الأجزاء مجمّلة في الترجمة العربية المشتركة.
ب - هذه الأجزاء تعطي قراءة أفضل وأوضح وأكمل للنص.
ج - اقتبس كثير من الآباء من هذه الأجزاء مثل القديس أكليمنضس الروماني، وأكليمنضس السكندري، والعلامة أوريجانوس، والقديس باسيليوس، والقديس جيروم، والقديس يوحنا ذهبي الفم، والقديس أبيفانيوس، والقديس أغسطينوس، والمؤرخ روفنيوس.
د - أقر مجمع ترنت المنعقد في 8 أبريل 1546 م. تتمة سفر أستير كجزء أصيل من السفر.
هـ - إن هذه الأجزاء يرجع تاريخها إلى تاريخ السفر نفسه، والذين شكَّكوا في هذا رد عليهم العالِم R.H.Charles قائلًا: "بأن التتمة بصورتها هذه تحتاج إلى وقت طويل لكي تنال الشرعية مع النص العبري، ولكن الأرجح أنها تعود إلى نفس زمن السفر ذاته"(3).
3- لم يكتفِ البروتستانت بحذف هذه الأجزاء، إنما كان "مارتن لوثر" يود لو أن السفر كله لم يكن موجودًا في الكتاب المقدَّس، فقال إني أحس بالعداء "نحو هذا السفر لدرجة أنني كنت أتمنى ألا يكون موجودًا، فهذا السفر يصبغ كل شيء بالصبغة اليهودية، كما أنه يحمل في طياته كثير من القسوة الوثنية"(4). كما قال "مارتن لوثر" أيضًا في كتابه "أحاديث المائدة" عن سفري أستير والمكابيين الثاني: "كنت أتمنى لو لم يوجدا أصلًا لأنهما يهوديان أكثر من اللازم ويحملان ملامح جموح وثني"(5). وأيضًا جاء في "دائرة المعارف الكتابية": "يقول مارتن لوثر أنه على الرغم من أن اليهود يضعون هذا السفر بين الأسفار القانونية إلاَّ أن ذلك السفر جدير -أكثر من كل كتب الأبوكريفا- بأن يستبعد من الأسفار القانونية. وعلى الرغم من كل ما سبق، فإن ذلك الرفض من جانب لوثر لم يكن مؤسَّسًا على أي حقائق علمية أو تاريخية، وإنما اعتمد على مجرد حكم خاطئ فيما يختص بلهجة السفر والغرض من كتابته"(6). وقال "أيولد": "إننا في هذا السفر نحس وكأننا قد انحدرنا من السماء إلى الأرض، وأن نتلفت حولنا لننظر الأشكال الجديدة المحيطة بنا، فإننا لا نرى سوى اليهود أمامنا، أو تلك الحفنة الصغيرة من رجال ذلك العصر الذين يتصرفون تمامًا مثلما يفعلون اليوم"(7). ولا يُخفى على القارئ الفطن العداء التقليدي بين الألمان واليهود، وما نشأ من صراع بين الآرية والسامية.
_____
(1) التوراة والأناجيل بين التناقض والأساطير ص 52.
(2) الهداية جـ 3 ص 248.
(3) راهب من دير البراموس - تتمة سفر أستير ص 27.
(4) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 213.
(5) التفسير الحديث للكتاب المقدَّس - أستير ص 53.
(6) دائرة المعارف الكتابية جـ1 ص 213.
(7) المرجع السابق ص 213.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1479.html
تقصير الرابط:
tak.la/8mabq83