يقول " الخوري بولس الفغالي":
"فخلدة تَعِدُ يوشيا بميتة هادئة (2مل 22: 20) والحال أن يوشيا
قُتل على يد المصريين في مجدو (2مل 23: 20). في هذه المرة يكذب
القول النبؤي، وما حصل يصيب الملك الفاضل الذي لم يكن يستحق هذه
الميتة المأسوية المبكرة، كل هذا دلالة على أن الفكرة القائمة في
أساس الملكية الإسرائيلية قد إنهارت نهائيًا"(1).
ج:
1- جاء في سفر الملوك: "وَأَمَرَ الْمَلِكُ حِلْقِيَّا الْكَاهِنَ وَأَخِيقَامَ بْنَ
شَافَانَ وَعَكْبُورَ بْنَ مِيخَا... اذْهَبُوا اسْأَلُوا الرَّبَّ
لأَجْلِي وَلأَجْلِ الشَّعْبِ"
(2مل 22: 12، 13).
وجاء في
سفر الأخبار: "وَأَمَرَ الْمَلِكُ
حِلْقِيَا وَأَخِيقَامَ بْنَ شَافَانَ وَعَبْدُونَ بْنَ مِيخَا...
اذْهَبُوا اسْأَلُوا الرَّبَّ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ مَنْ
بَقِيَ مِنْ
إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا.." (2أي 34: 20، 21).
و"عكبور"، و" عبدون " هما
اسمان لشخص واحد، وهذا
أمر قد اعتدنا عليه كثيرًا في
الكتاب المقدَّس، فكثير من شخصيات
الكتاب المقدَّس
كان له اسمان، فيعقوب هو
إسرائيل، وجدعون هو
يربعل، ويوحنا هو مرقس، وسمعان هو بطرس، ولاوي هو متى، ولباوس
هو تداوس... إلخ، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية":
"عبدون بن ميخا، أحد رجال بلاط يوشيا ملك يهوذا، وقد أرسله
الملك مع آخرين من رجال البلاط إلى خلدة النبية، بعد أن سمع كلام
سفر الشريعة الذي وجده حلقيا الكاهن في بيت الرب، لتسأل الرب من
أجله (2أي 34: 14 - 28). ويُسمى في سفر الملوك الثاني "
عكبور بن ميخا" (2مل 22: 12). والأرجح أنه هو أبو " الناثان بن
عكبور " أحد رجال بلاط الملك يهوياقيم بن يوشيا (أر 26: 22، 36:
12)"(2).
2- لماذا لم يستشر يوشيا الملك ارميا النبي أو صفانيا النبي؟
يجيب على هذا التساؤل أبونا الحبيب " القمص تادرس يعقوب
" فيقول: "لم يستشر حلقيا ارميا النبي ولا صفنيا النبي الذي
كان أحد المُقرَّبين من الملك يوشيا (صف 1: 1). ربما لأن ارميا لم
يكن في
أورشليم
بل كان في قرية عائلته (عناثوث) وصفنيا كان خارج
المدينة. لذلك إلتجأت اللجنة التي عيَّنها الملك إلى خلدة النبية
الأرملة والتي كان زوجها يعمل في البلاط الملكي في حفظ الملابس
والحلى الملكية. ذكر
الكتاب المقدَّس
خلدة من بين نبيات أخريات، مثل مريم أخت هارون (خر 15: 20) ودبورة
القاضية والنبية (قض 4: 4) ونوعدية (نح 6: 14) وزوجة إشعياء النبي
(أش 8: 3) وحنة (لو 2: 36)، وأربعة بنات فيلبس (أع 21: 8 - 9)"(3).
ويقول " الخوري بولس الفغالي": لماذا لم يستشيروا ارميا أو صفنيا؟ أكانا بعيدين عن
أورشليم؟
ربما. أتكون خلدة مشهورة؟ الأمر معقول - نشير هنا إلى التاريخ
المقدَّس عرف نبيات عديدات مثل مريم أخت
موسى
(خر 15: 20) ونوعدية
(نح 6: 14) وحنة (لو 2: 36) ودبورة (قض 4: 4 - 5)"(4).
3- " خلدة " اسم عبري معناه "ابن عُرس" وهي امرأة شالوم المسئول
عن ثياب القصر (2مل 22: 14)، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
وقد سكنت خلدة في القسم الثاني من
أورشليم، وعندما ذهب إليها رُسل الملك، قالت خلدة لرسل الملك يوشيا
فعلًا أن الرب سيجلب شرًا على هذا الموضع وكانت هناك رسالة إلهيَّة
خاصة ليوشيا الملك: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ
إِسْرَائِيلَ مِنْ جِهَةِ الْكَلاَمِ
الَّذِي سَمِعْتَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ رَقَّ قَلْبُكَ
وَتَوَاضَعْتَ... مَزَّقْتَ ثِيَابَكَ وَبَكَيْتَ أَمَامِي. قَدْ
سَمِعْتُ أَنَا أَيْضًا، يَقُولُ الرَّبُّ. لِذلِكَ هأَنَذَا
أَضُمُّكَ إِلَى آبَائِكَ، فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ،
وَلاَ تَرَى عَيْنَاكَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَنَا جَالِبُهُ
عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ"
(2مل 22: 18 - 22) وقال الناقد أن يوشيا قد قُتل في مجدو وهو
بعد في سن الشباب (2مل 23: 29) ومعنى هذا أن خلدة لم تصدق في
نبوءتها، بل يقول عبارة صعبة " في هذه المرة يكذب القول النبوي
" فكيف يكون قولًا نبويًا، أي من الله، ويكذب..؟!! والحقيقة
أنه عندما قالت خلدة " فَتُضَمُّ إِلَى قَبْرِكَ بِسَلاَمٍ
" لم تكن تتحدث عن الطريقة التي سيموت بها، إنما تتحدث عن
الوقت المناسب الذي سيموت فيه، ولذلك قالت " وَلاَ تَرَى
عَيْنَاكَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَى هذَا
الْمَوْضِعِ".. كان من المفروض أن يموت يوشيا في سلام،
ولكن يوشيا دفع بنفسه في مغامرة لا طائل منها، فقد سقطت نينوى بيد
البابليين، فصعد " نخو " فرعون مصر لمساندة الأشوريين والتصدي
للبابليين، وكان لا بُد أن يعبر من أرض يهوذا، فتصدى له يوشيا،
وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "فرعون
نخو ملك مصر: حكم بين عامي 610 - 595 ق.م. تقريبًا.
لمساعدة ملك آشور: كان فرعون نخو ينوي مساعدة آشور أوباليت
الثاني آخر ملوك آشور في صراعه ضد قوة البابليين المتنامية تحت حكم
نبوبلاسر، وكانت العاصمة الآشورية نينوى قد سقطت بالفعل في يد
البابليين والماديين في سنة 612 ق.م. تقريبًا (أنظر سفر ناحوم)
وكانت القوات الآشورية الباقية قد تجمعت في حاران، ولكن في سنة 609
ق.م. تقريبًا أجبروا على التقهقر غرب الفرات، ويبدو أن هذا هو
الوقت الذي جاء فيه المصريون تحت قيادة فرعون نخو لنجدة الآشوريين. فهب يوشيا لمساعدة ملك آشور:
ربما كان يوشيا قد عارض مرور جيش نخو من معبر مجدو (أنظر 1 أي
35: 20 - 24) لأنه خشى أن يكون لتزايد قوة المصريين والآشوريين
عواقب وخيمة على استمرار استقلال يهوذا"(5).
وجاء في " التفسير التطبيقي":
"حدث ذلك في عام 609 ق.م. وكانت نينوى عاصمة الآشوريين قد دمرها
البابليون قبل ذلك بثلاث سنوات. ولكن الأشوريين المهزومين أعادوا
حشد جيوشهم في حاران وكركميش، فأرسلت بابل جيوشها لتحطيمهم مرة
واحدة وإلى الأبد. وقد انزعج فرعون نخو، الذي كان يريد أن يجعل مصر
قوة عالمية، انزعج من قوة بابل النامية، لذلك زحف بجيوشه شمالًا
مخترقًا يهوذا ليساعد الأشوريين في كركميش، ولكن يوشيا ملك يهوذا
حاول منع نخو من العبور في أرضه وفي طريقه إلى كركميش، فقُتل
يوشيا، وخضعت يهوذا لمصر، وواصل نخو سيره إلى كركميش وقاوم
البابليين لمدة أربع سنوات، ولكن في عام 605 ق.م. انهزم تمامًا،
وصعدت بابل إلى القمة وأصبحت سيدة العالم وقتئذ"(6).
وهل قتل يوشيا يُعد تكذيب لنبوءة خلدة..؟ يقول " القمص
تادرس يعقوب": "مات يوشيا في معركة (2مل 23: 20 - 30)
ومع هذا كان وعد الله له على لسان خلدة " فتُضم إلى قبرك بسلام "
وكان موته في المعركة يُعتبر في عيني الله موت بسلام0 هذه الميتة
أفضل بكثير من بقائه حيًا يرى الكوارث التي تحل بشعبه، فتَّتمرَّر
نفسه جدًا، لذلك قيل " وجه الصديق يُضم من الشر". مات يوشيا
بعدما مَلَكَ 31 سنة، ودُفن في قبور أبائه، وناح عليه كل يهوذا
وأورشليم،
ورثاه ارميا، فترك ذكرًا طيبًا، وانضم إلى قبره بسلام، وإن كان قد
قُتل في الحرب"(7).
وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "فتدفن في قبرك بسلام: تشير تلك النبوءة إلى موت يوشيا
قبل أن أوقع الرب قضاءه على
أورشليم
على يد نبوخذنصر، ولذا فهي لا
تتعارض مع مصرع يوشيا في معركة مع فرعون مصر الملك نخو (2مل 23: 29
- 30) كان يوشيا واثقًا من أن القضاء الأخير على يهوذا وأورشليم
لن يأتي في أيامه"(8).
_____
(1)
التاريخ
الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص
520.
(2)
دائرة المعارف
الكتابية جـ 5 ص 173.
(3)
تفسير سفر
أخبار الأيام الثاني ص 479.
(4)
التاريخ
الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص
523.
(5)
الكتاب
المقدَّس الدراسي ص 932.
(6)
التفسير
التطبيقي ص 983.
(7)
تفسير أسفار
سفر الملوك الثاني ص 512.
(8)
الكتاب
المقدَّس الدراسي ص 928.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1362.html
تقصير الرابط:
tak.la/2bx4n9c