مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1355- إذا كان أفرايم انكسر وسقطت السامرة في ثلاث سنوات (2مل 17: 6، 18: 9، 10) فلماذا تنبأ إشعياء النبي بأن أفرايم ينكسر في خمسة وستين سنة (أش 7: 8)؟

 

ج: 1- قامت الإمبراطورية الأشورية بهجومها الأول على مملكة إسرائيل في عصر منحيم بن جادي، ففي سنة 743 ق.م. هجم الملك " فول"، وهو تغلث فلاسر الثالث (745 - 727 ق.م.) على المملكة الشمالية، وكانت الإمبراطورية الآشورية قد أوشكت أن تكون القوة العالمية الأولى، بينما كانت مملكتي إسرائيل وآرام في طريقهما للاضمحلال " فَجَاءَ فُولُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى الأَرْضِ، فَأَعْطَى مَنَحِيمُ لِفُولَ أَلْفَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ... فَرَجَعَ مَلِكُ أَشُّورَ وَلَمْ يُقِمْ هُنَاكَ فِي الأَرْضِ" (2مل 15: 19، 20). ويقول " القمص تادرس يعقوب": "فول Pul اسم بابلي للملك الآشوري تغلث فلاسر الثالث (745 - 727 ق.م.) (1أي 5: 26). جاء إلى العرش كمغتصبٍ له، إذ كان قائدًا في الجيش، وأراد أن يبرهن أنه منافس للملك. في عهد تغلث فلاسر وخلفائه صارت آشور هي القوة المُهيمنة على الشرق الأوسط لمدة تقرب من القرن (747 - 612 ق.م.). في هذه الفترة تدخلت آشور في شئون إسرائيل ويهوذا. كمثال في عام 743 ق.م. بعث تغلث فلاسر الثالث بغزو أدى إلى قبول سوريا وفلسطين الخضوع لأشور بشروط سخيفة لحساب آشور. ورد في سجلات هذا الملك الأشوري أن منحيم ملك إسرائيل كان يدفع جزية له، وذلك كما جاء هنا (2مل 15: 19 - 20)"⁽¹⁾.

          وكان يُكنى عن مملكة إسرائيل بأفرايم لأن هذا السبط هو أكبر الأسباط الشمالية، وقامت الإمبراطورية الآشورية بسبي مملكة إسرائيل على ثلاث مراحل، هي:

المرحلة الأولى: تمت في أيام فقح بن رمليا ملك إسرائيل، فبعد أن نطق إشعياء بالنبوءة بسنة أو سنتين جاء تغلث فلاسر ملك آشور وحارب فقح وقتل وسبى الكثيرين: "فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ عِشْرِينَ سَنَةً. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ... فِي أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادَشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي، وَسَبَاهُمْ إِلَى أَشُّورَ" (2مل 15: 27 - 29) ثم " فَتَنَ هُوشَعُ بْنُ ايلة عَلَى فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا وَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ فِي السَّنَةِ الْعِشْرِينَ لِيُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا" (2مل 15: 30).

المرحلة الثانية: تمت في أيام هوشع بن ايلة ملك إسرائيل، بعد أن نطق إشعياء بهذه النبوءة بنحو عشرين عامًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. حيث سقطت السامرة بعد حصار دام نحو ثلاث سنوات وسبى شلمناصر هوشع وحاشيته: "صَعِدَ عَلَيْهِ شَلْمَنْأَسَرُ مَلِكُ أَشُّورَ، فَصَارَ لَهُ هُوشَعُ عَبْدًا وَدَفَعَ لَهُ جِزْيَةً. وَوَجَدَ مَلِكُ أَشُّورَ فِي هُوشَعَ خِيَانَةً... فَقَبَضَ عَلَيْهِ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ. وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ. فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِهُوشَعَ أَخَذَ مَلِكُ أَشُّورَ السَّامِرَةَ، وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ " (2مل 17: 3 - 6). فحصار السامرة بدأ " وَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِلْمَلِكِ حَزَقِيَّا، وَهِيَ السَّنَةُ السَّابِعَةُ لِهُوشَعَ بْنِ ايلة مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، صَعِدَ شَلْمَنْأَسَرُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا. وَأَخَذُوهَا فِي نِهَايَةِ ثَلاَثِ سِنِينَ. فَفِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِحَزَقِيَّا، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ لِهُوشَعَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، أُخِذَتِ السَّامِرَةُ. وَسَبَى مَلِكُ أَشُّورَ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ" (2مل 18: 9 - 11) ولكن ظلت هناك بقية من الشعب في أرض إسرائيل، فسقوط السامرة بعد أن نطق إشعياء بالنبوءة بنحو عشرين عامًا، لا يتعارض مع هذه النبوءة التي حددت أن مملكة إسرائيل ستنهار تمامًا حكومة وشعبًا خلال مدة 65 عامًا " وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْبًا" (أش 7: 8).

المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الأخيرة من السبي في أيام أسرحدون ملك آشور الذي أتى بأجانب وأسكنهم في السامرة، فزالت مملكة إسرائيل وانكسر أفرايم، وتحققت نبوءة إشعياء بالكامل بعد مرور 65 سنة، وجاء في سفر عزرا " وَسَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ سَبَاهُمْ أُسْنَفَّرُ الْعَظِيمُ الشَّرِيفُ وَأَسْكَنَهُمْ مُدُنَ السَّامِرَةِ" (عز 4: 10).

 

2- جاء في سجلات سرجون: "في بدء حكمي الملكي... حاصرت مدينة السامريين، وهزمتها... وأخذت 2729 أسيرًا من سكانها، أعددت منهم قادة جنود خمسين مركبة من المركبات الملكية... ثم أعدت بناء المدينة أفضل مما كانت عليه، وأسكنت فيها أسرى آخرين من دول أخرى هزمتها"⁽²⁾⁽³⁾.

 

3- يقول " القس منسى يوحنا": "ذُكر في (2مل 15: 19) أن تغلث فلاسر ملك آشور حارب ملك إسرائيل وقتل وسبى كثيرين، وهذا يعتبر السبي الأول بعد تنبؤ إشعياء بسنة أو سنتين. ثم بعد عشرين سنة لنطق إشعياء بنبوءته جاء شلمناصر ملك آشور وأخذ في الفتك وسبي ملك إسرائيل ورجال مملكته كما جاء في (2مل 17: 1 - 6، 8: 19 - 22) وهذا هو السبي الثاني. ولكن تمام نبوءة إشعياء كان في السبي الثالث في أيام أسرحدون ملك آشور الذي أزال مملكة إسرائيل من الوجود وأتى بالأجانب إلى السامرة واستعمرها وسبى منسى ملك يهوذا في سنة 21 لمُلكه وكان ذلك بعد نطق إشعياء بنبوءته بخمس وستين سنة. راجع (عز 4: 2، 3، 10، 2مل 17: 24، 2أي 33: 11)"⁽⁴⁾.

 

4- يقول " القديس جيروم": "يقول التاريخ المقدَّس أن فول Pul في عهد منحيم ملك إسرائيل، هو أول ملك للأشوريين سلب الأسباط العشرة (2مل 15: 17 - 21).

الثاني تغلث فلاسر جاء إلى السامرة في أيام فقح بن رمليا (2مل 15: 29).

بعد ذلك الثالث شلمناسر الذي استولى على كل السامرة (2مل 17: 3 - 6).

الرابع سرجون الذي حارب أشدود (أش 20: 1).

الخامس أسرحدون الذي أسر السامريين في أرض اليهودية.

سنحاريب هو السادس الذي حاصر أورشليم في أيام حزقيا ملك إسرائيل بعد أن استولى على لاخيش ومدن أخرى في اليهودية (2مل 18: 19)"⁽⁵⁾.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر الملوك الثاني ص 374.

(2) Pritchard, Ancient Near Eastern texts. P.248 b.

(3) هـ. ل. اليسون - مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 238.

(4) ردود كتابية منطقية على مزاعم وافتراءات خيالية عن الكتاب المقدَّس ص 69.

(5) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير سفر الملوك الثاني ص 374.

هل تزوج آحاز وأنجب ابنه حزقيا وهو في الحادية عشر من عمره؟

مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (عهد قديم) كتب أ. حلمي القمص يعقوب

هل لا يوجد فرعون لمصر باسم سوا في أيام هوشع ملك يهوذا؟

---