ج: 1- سلك آحاز بحسب شرور الأمم الوثنية، وقد " عَبَّرَ
ابْنَهُ فِي النَّارِ حَسَبَ أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ
طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ
بَنِي
إِسْرَائِيلَ. وَذَبَحَ
وَأَوْقَدَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ وَعَلَى التِّلاَلِ وَتَحْتَ
كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ" (2مل 16: 3، 4) ولذلك تخلت عنه
المعونة الإلهيَّة، فتحالف رصين ملك آرام مع فقح بن رمليا ملك
إسرائيل، وهاجما آحاز غير أنهما لم يستطيعا إسقاطه، بينما أرسل
آحاز إلى تغلث فلاسر ملك آشور هدايا من فضة وذهب أخذها من بيت الرب
ومن خزائن بيت الملك، واستغاث به قائلًا: "أَنَا عَبْدُكَ
وَابْنُكَ. اصْعَدْ وَخَلِّصْنِي مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ وَمِنْ
يَدِ مَلِكِ
إِسْرَائِيلَ الْقَائِمَيْنِ عَلَيَّ" (2مل
16: 7) فسمع ملك آشور له وهاجم آرام وقتل ملكها رصين، فتوجه
إليه آحاز إلى دمشق ليشكره ويقدم له الولاء، فرأى مذبحًا في دمشق
فأعجب بشكله، ولم ينتظر حتى يعود إلى بلاده ليصنع مثله، إنما
أرسل إلى أوريا الكاهن " شِبْهَ الْمَذْبَحِ وَشَكْلَهُ
حَسَبَ كُلِّ صِنَاعَتِهِ" (2مل 16: 10) فبنى أوريا مذبحًا
بحسب ما أرسله الملك آحاز من دمشق، ويبدو أن هذا المذبح الذي
قلَّده آحاز هو مذبح آشوري، أحضره ملك آشور من بلاده، ليصعد عليه
الذبائح لآلهته لتمنحه النصرة على أعدائه، وأنشأ آحاز مذبحًا شبيه
به لإعلان خضوعه لملك آشور، وسروره بآلهة آشور، وعندما عاد آحاز
إلى
أورشليم أزاح مذبح المحرقة النحاس عن مكانه، وأصعد ذبائح سلامة
على المذبح الجديد: "وَأَصْعَدَ عَلَيْهِ. وَأَوْقَدَ مُحْرَقَتَهُ وَتَقْدِمَتَهُ وَسَكَبَ سَكِيبَهُ،
وَرَشَّ دَمَ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ الَّتِي لَهُ عَلَى
الْمَذْبَحِ" (2مل 16: 13) وأيضًا قدم آحاز ذبائح
لآلهة الأراميين، وكان هذا خطأ شنيعًا يحمل قدر كبير من عدم
الذكاء، لأن آحاز " ذَبَحَ لآلِهَةِ دِمَشْقَ... وَقَالَ
لأَنَّ آلِهَةَ مُلُوكِ أَرَامَ تُسَاعِدُهُمْ أَنَا أَذْبَحُ
لَهُمْ فَيُسَاعِدُونَنِي. وَأَمَّا هُمْ فَكَانُوا سَبَبَ
سُقُوطٍ لَهُ وَلِكُلِّ
إِسْرَائِيلَ" (2أي 28: 23)
فإن كانت آلهة آرام عجزت عن إنقاذ الأراميين من يد آشور فكيف تنقذ
آحاز وشعبه..؟! وتمادى آحاز في شروره حتى أنه "أَغْلَقَ
أَبْوَابَ بَيْتِ الرَّبِّ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ مَذَابحَ فِي
كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي
أُورُشَلِيمَ... فِي كُلِّ مَدِينَةٍ
فَمَدِينَةٍ مِنْ يَهُوذَا عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ لِلإِيقَادِ
لآلِهَةٍ أُخْرَى، وَأَسْخَطَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ" (2أي 28: 24، 25) وهكذا نرى
الكتاب المقدَّس الصادق الأمين
يذكر الحدث ونتائجه كما حدث تمامًا بدون تهويل ولا تهوين، وكان
نتيجة هذه التصرفات الخاطئة أمر إشعياء النبي أن يأخذ لوحًا
كبيرًا ويكتب عليه عبارة "لمَهَير شلال حاش بز"
بحروف واضحة، ووضعها في مكان ظاهر في الهيكل ليقرأها الكل، وهي
تعني "يعجل الغنيمة يسرع النهب" أو "أسرع إلى السلب بادر إلى
النهب" كنبوءة عما ستتعرض له مملكة يهوذا في الأيام المقبلة (راجع
أش 8: 1، 2).
2- جاء في " التفسير التطبيقي":
"ذهب آحاز إلى دمشق ليدفع الجزية للملك تغلث فلاسر، فلأن الأشوريين
كانوا قد استولوا على دمشق عاصمة آرام (732 ق.م.) خشى آحاز أن
يزحفوا إلى الجنوب، ولكنه أتكل على المال، أكثر مما على الله،
لإبعاد الملك القوي عن بلاده. ومع أن الملك تغلث فلاسر لم يستولِ
على يهوذا إلاَّ أنه سبب لها متاعب كثيرة حتى ندم آحاز على
استنجاده به (2أي 28: 20، 21).. قلد الملك الشرير آحاز العادات
الدينية الوثنية، وغيَّر خدمات الهيكل، واستخدم مذبح الهيكل
لمنفعته الشخصية. وبعمله هذا، أظهر احتقارًا شديدًا لأوامر الله...
استبدل آحاز مذبح المحرقة، بالمذبح الوثني الذي كان صورة طبق الأصل
من المذبح الذي رآه في دمشق. وكان هذا أمرًا بالغ الخطورة، لأن
الله كان قد أعطى توجيهات محددة لما يجب أن يكون عليه المذبح،
وفيما يُستخدم (خر 27: 1 - 8) وبناء هذا المذبح الجديد كان بمثابة
إقامة صنم"(1).
وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "وتوجه الملك آحاز إلى دمشق للقاء تغلث فلاسر ملك آشور
باعتباره ملكًا تابعًا عبَّر عن شكره وولاءه للملك الأشوري
المنتصر. فشاهد هناك المذابح: لعلها مذابح الإله رمون (2مل 5: 18،
2أي 28: 22) ولكن الاحتمال الأرجح أنه شاهد مذبحًا ملكيًا لتغلث
فلاسر، وقيام آحاز ببناء مذبح مشابه له يعد إعلانًا أكبر لخضوعه
للأشوريين"(2).
_____
(1)
التفسير
التطبيقي ص 815، 816.
(2)
الكتاب
المقدَّس الدراسي ص 907.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1353.html
تقصير الرابط:
tak.la/h228cfq