يقول " ليوتاكسل":
"حتى الآن لم يُوفق أحد إلى شرح مغزى هذا النص التوراتي، فليس ثمة
إشارة في أي مكان إلى أن إليشع مسح وقتل التاعسين الذين نجو من سيف
ياهو"(1).
ج:
1- جاء في سفر الملوك وصية الله لإيليا: "فَقَالَ لَهُ
الرَّبُّ: اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِكَ إِلَى بَرِّيَّةِ
دِمِشْقَ، وَادْخُلْ وَامْسَحْ حَزَائِيلَ مَلِكًا عَلَى أَرَامَ، وَامْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكًا عَلَى
إِسْرَائِيلَ،
وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا
عِوَضًا عَنْكَ. فَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ حَزَائِيلَ
يَقْتُلُهُ يَاهُو، وَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ يَاهُو
يَقْتُلُهُ أَلِيشَعُ"
(1مل 19: 15 - 17).
وهنا نجد أنفسنا أمام شقين من النبوءة، الشق الأول: أن
الذي ينجو من سيف حزائيل يقتله ياهو، والشق الثاني: الذي ينجو من
سيف ياهو يقتله اليشع.
الشق الأول: من ينجو من سيف حزائيل يقتله ياهو:
أرسل بنهدد ملك آرام حزائيل إلى اليشع النبي ليستخبر عن إمكانية
شفائه، فنظر اليشع لحزائيل وبكى قائلًا: "لأَنِّي
عَلِمْتُ مَا سَتَفْعَلُهُ
بِبَنِي
إِسْرَائِيلَ مِنَ الشَّرِّ،
فَإِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ، وَتَقْتُلُ
شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ، وَتَشُقُّ
حَوَامِلَهُمْ" (2مل 8: 12)، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
وعندما دخل يورام ملك
إسرائيل مع أخزيا ملك يهوذا في حرب ضد حزائيل ملك آرام، جُرح
يورام، غير أنه أفلت مع أخزيا من سيف حزائيل (2مل 8: 28، 29)..
فماذا كان مصيرهما..؟ لقد طالهما سيف ياهو (2مل 9: 24، 27). لقد هربا من سيف حزائيل ملك آرام فسقطوا بسيف ياهو، وبذلك
تحقق الشق الأول من النبوءة حرفيًا.
الشق الثاني: من ينجو من سيف ياهو يقتله اليشع: واليشع لم يحمل سيفًا ماديًا يقتل به من هربوا من سيف ياهو،
إنما حمل سيف كلمة الله التي قيل عنها " أَمْضَى مِنْ كُلِّ
سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ"
(عب 4: 12).. حمل اليشع سيف الكلمة النافذ فعندما تعدى عليه
فتيان بيت إيل بالتقريع وسخروا منه لعنهم فخرجت دابتان وافترست
منهم 42 فتى (2مل 2: 24).. حمل اليشع سيف الكلمة النافذ كقول
الله في سفر هوشع " مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ يَاأَفْرَايِمُ؟
مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ يَا يَهُوذَا؟ فَإِنَّ إِحْسَانَكُمْ
كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا. لِذلِكَ
أَقْرِضُهُمْ بِالأَنْبِيَاءِ. أَقْتُلُهُمْ بِأَقْوَالِ فَمِي.
وَالْقَضَاءُ عَلَيْكَ كَنُورٍ قَدْ خَرَجَ"
(هو 6: 4، 5) والمقصود بأفرايم هنا
مملكة إسرائيل لأن سبط
أفرايم كان أكبر
أسباطها وأشهرهم. فقد نظر الله إلى كلتا المملكتين،
إسرائيل
ويهوذا، وإذا توبتهما سطحية، وما فعلوه من إحسانات قد
تلاشت كسحاب الصبح سريع الزوال وكالندى الذي لا يلبث أن يتبدد من
حرارة الشمس، ولذلك حكم عليهما، وقوله " أَقْرِضُهُمْ
بِالأَنْبِيَاءِ " أي أقبل حكم الأنبياء عليهم فأقتلهم وأقضي
عليهم، وقضائي عليهم يشع كالنور... حمل اليشع سيف الكلمة النافذ كما
قال الله لأرميا النبي: "اُنْظُرْ قَدْ
وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ
وَتَغْرِسَ"
(ار 1: 10).. " هأَنَذَا جَاعِلٌ كَلاَمِي فِي فَمِكَ
نَارًا، وَهذَا الشَّعْبَ حَطَبًا، فَتَأْكُلُهُمْ" (ار 5: 14).
2- يقول "القس وليم مارش": "يقتله أليشع:
القول مجاز لأن أليشع لم يقتل أحدًا بالسيف ولكنه قاوم عبادة البعل
بتعليمه فقتلهم بسيف فمه (أش 11: 4)"(2).
3- لماذا أمر الله إيليا بمسح ملك أممي من آرام..؟ لقد أمر الله
بهذا لأن حزائيل هذا سيكون بمثابة العصا التي بها سيؤدب الله شعبه، وجاء في " التفسير التطبيقي":
"طلب الله من إيليا أن يمسح ثلاثة أشخاص مختلفين. كان الأول حزائيل
الذي مسحه ملكًا على سورية. كان على إيليا أن يمسح ملكًا عدوًا،
لأن الله كان مزمعًا أن يستخدم سورية أداة لتأديب
بني
إسرائيل على
خطيتهم. كانت سورية الأداة الأجنبية لهذا التأديب. أما تأديب
بني
إسرائيل داخليًا، فقد جاء من ياهو، كملك على
إسرائيل، هو الذي
سيقضي على من عبدوا البعل الإله الكاذب (2مل 9، 10). أما الشخص
الثالث الذي كان على إيليا أن يمسحه، فكان اليشع النبي الذي
سيخلفه. كانت مهمة اليشع العمل على إرجاع الشعب إلى الله. أما
المملكة الجنوبية فكان يحكمها في ذلك الوقت، يهوشافاط الملك
المكرَّس لله"(3). ثم أن الله
هو المتحكم في ممالك الدنيا وملوكها، وينفذ إرادته عن طريق هؤلاء
الملوك، فبالرغم من أن " كورش " ملك فارس كان أمميًا إلاَّ
أن الله استخدمه لإعادة شعبه من السبي وإرجاع الآنية المقدَّسة
وإصدار الأمر ببناء
أورشليم، وقد قال عنه بفم إشعياء النبي قبل أن
يولد " الْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ: رَاعِيَّ، فَكُلَّ
مَسَرَّتِي يُتَمِّمُ. وَيَقُولُ عَنْ
أُورُشَلِيمَ: سَتُبْنَى،
وَلِلْهَيْكَلِ: سَتُؤَسَّسُ"
(أش 44: 28).. " هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ
أُمَمًا"
(أش 45: 1).
_____
(1)
التوراة كتاب
مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 422.
(2)
السنن القويم
في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 341.
(3)
التفسير
التطبيقي ص 756.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1307.html
تقصير الرابط:
tak.la/p2bfwvx