ج:
أولًا: جاء في سفر الملوك عن أبيا بن رحبعام بن
سليمان: "وَسَارَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا أَبِيهِ الَّتِي عَمِلَهَا
قَبْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ
كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ" (1مل 15: 3).. فما هي خطايا
رحبعام التي سلك فيها؟
لقد تساهل رحبعام مع العبادات الوثنية، فانتشرت في مملكة
يهوذا " وَعَمِلَ يَهُوذَا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ
وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ
بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا. وَبَنَوْا هُمْ أَيْضًا
لأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ وَأَنْصَابًا وَسَوَارِيَ عَلَى كُلِّ
تَلّ مُرْتَفِعٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. وَكَانَ
أَيْضًا مَأْبُونُونَ فِي الأَرْضِ، فَعَلُوا حَسَبَ كُلِّ
أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ
بَنِي
إِسْرَائِيلَ"
(1مل 14: 22 - 24) فرحبعام تربى في كنف أمه نعمة العمونية (1مل 14: 21) وورث من أبيه التساهل مع العبادات الغريبة، ومع كل
هذا فإن هيكل الرب كان مازال قائمًا تُقدم فيه العبادات والذبائح
والمحرقات، فرحبعام لم يترك عبادة الرب لكنه تساهل مع العبادات
الأخرى التي انتشرت كالوباء وما تبعها من انحلال خلقي حتى كثر
الشواذ جنسيًا في أرض يهوذا، ولهذا تخلى الله عنهم وقتيًا فصعد
شيشق ملك مصر وسلب خزائن الرب وخزائن بيت الملك، وعلى نفس المنوال
نسج أبيا، وعلى ذات الدرب سار، فتساهل مع العبادات الشيطانية،
وبهذا لم يكن قلبه كاملًا أمام الرب إلهه كما كان قلب داود الجد
الأكبر الذي لم يسمح بانتشار مثل هذه الأرجاس في الأرض، بل كان
قلبه كاملًا أمام الله فلم يمل عن عبادة الله يمنة أو يسرة، ولم
يكن قلبه يومًا منقسمًا تارة مع الله وتارة مع العبادات الغريبة،
إنما قلبه كان مكرَّسًا لإلهه.
ثانيًا: مَلَكَ أبيا في السنة الثامنة عشر من مُلك يربعام، وكان ليربعام
ورحبعام ابن يُدعى " أبيا " وقد مات أبيا بن يربعام وهو مازال
صبيًا، أما آبيا (أوآبيام) ابن رحبعام فقد عاش بعد موت أبيه،
ودخل في معركة مع يربعام وانتصر عليه، فجاء في سفر الأخبار أن
أبيا جمع جيشًا قوامه 400 ألف، بينما جمع يربعام ملك
إسرائيل
جيشًا قوامه 800 ألف، وكان هدف أبيا إعادة فرض السيطرة على كل
أسباط إسرائيل، ولذلك نادى في رجال
الأسباط الشمالية الذين
انشقوا
عن المملكة قائلًا: اسْمَعُونِي يَا يَرُبْعَامُ وَكُلَّ
إِسْرَائِيلَ. أَمَا لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَ
إِسْرَائِيلَ أَعْطَى الْمُلْكَ عَلَى
إِسْرَائِيلَ لِدَاوُدَ... فَقَامَ يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ عَبْدُ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ
وَعَصَى سَيِّدَهُ... وَتَشَدَّدُوا عَلَى رَحُبْعَامَ بْنِ
سُلَيْمَانَ، وَكَانَ رَحُبْعَامُ فَتًى رَقِيقَ الْقَلْبِ فَلَمْ
يَثْبُتْ أَمَامَهُمْ. وَالآنَ أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّكُمْ
تَثْبُتُونَ أَمَامَ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ بِيَدِ بَنِي دَاوُدَ،
وَأَنْتُمْ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ وَمَعَكُمْ عُجُولُ ذَهَبٍ قَدْ
عَمِلَهَا يَرُبْعَامُ لَكُمْ آلِهَةً. أَمَا طَرَدْتُمْ كَهَنَةَ
الرَّبِّ بَنِي هَارُونَ وَاللاَّوِيِّينَ، وَعَمِلْتُمْ
لأَنْفُسِكُمْ كَهَنَةً كَشُعُوبِ الأَرَاضِي... وَأَمَّا نَحْنُ
فَالرَّبُّ هُوَ إِلهُنَا، وَلَمْ نَتْرُكْهُ. وَالْكَهَنَةُ
الْخَادِمُونَ الرَّبَّ هُمْ بَنُو هَارُونَ وَاللاَّوِيُّونَ فِي
الْعَمَلِ. وَيُوقِدُونَ لِلرَّبِّ مُحْرَقَاتٍ كُلَّ صَبَاحٍ
وَمَسَاءٍ. وَبَخُورُ أَطْيَابٍ وَخُبْزُ الْوُجُوهِ عَلَى
الْمَائِدَةِ الطَّاهِرَةِ، وَمَنَارَةُ الذَّهَبِ وَسُرُجُهَا
لِلإِيقَادِ كُلَّ مَسَاءٍ، لأَنَّنَا نَحْنُ حَارِسُونَ
حِرَاسَةَ الرَّبِّ إِلهِنَا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ
تَرَكْتُمُوهُ. وَهُوَذَا مَعَنَا اللهُ رَئِيسًا، وَكَهَنَتُهُ
وَأَبْوَاقُ الْهُتَافِ لِلْهُتَافِ عَلَيْكُمْ. فَيَا
بَنِي
إِسْرَائِيلَ لاَ تُحَارِبُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِكُمْ
لأَنَّكُمْ لاَ تُفْلِحُونَ" (2 أي 13: 4 - 12).
وهنا نلاحظ الآتي:
1)
2)
أن أبيا يُذكّر هؤلاء المنشقين بأن الله هو الذي أعطى داود مملكة إسرائيل، فالعودة إلى المملكة المتحدة هي إرادة إلهيَّة.3)
وضع أبيا أمامهم الحقائق الآتية:أ - أن يربعام أقام لهم عجلين من ذهب في دان وبئر سبع ليتعبدوا لهما ويسجدوا أمامهما (1مل 12: 28 - 30).
ب - طرد بنو إسرائيل المنشقون كهنة الرب من بني هرون وأقاموا لأنفسهم كهنة غير شرعيين، فيربعام "صَيَّرَ كَهَنَةً مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْبِ لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي لاَوِي" (1مل 12: 31).
ج - أن أبيا وشعبه رغم تساهلهم مع العبادات الوثنية إلاَّ أنهم لم يتركوا الرب إلههم، بل مازالوا يتعبدون له.
د - كهنة الرب الشرعيين من بني هرون واللاويون مازالوا يمارسون خدماتهم في الهيكل.
هـ- العبادة الحقيقية المبهجة مازالت قائمة في الهيكل، ففيه تُصعَد ذبيحة الصباح وذبيحة المساء، وخبز الوجوه مازال على مائدة خبز الوجوه وعدده لم ينقص عن اثني عشر (لا 24: 5) إشارة لأسباط إسرائيل جميعًا، والمنارة الذهبية مازالت تضيء.
فواضح أن أبيا يدافع عن مجد الرب وهيكله وكهنته، ويشتاق لرجوع أخوته المنشقين إلى أورشليم. أما كون قلبه غير كامل مثل كمال قلب داود لأنه تساهل مع العبادات الوثنية، الأمر الذي لم يقع فيه داود مطلقًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1288.html
تقصير الرابط:
tak.la/jthrk8q