كما يقول " علاء أبو بكر " أيضًا: "ويُعلم من (صموئيل الثاني 14: 27) أنه ما كان لأبشالوم إلاَّ بنت واحدة اسمها ثامار، أي ليس لها أخوات، فمن هي إذًا معكة هذه؟ فثامار هذه هي البنت الوحيدة لأبشالوم بن داود، وهي غير ثامار ابنة داود التي زنى بها أمنون أخوها، ولم يرد أن لها أختًا أسمها (ميخيا) أو (ميخياهو) أو (ميخايا) أو (معخا) أو (معكة) ولذلك اضطرب قاموس الكتاب المقدَّس في هذا الأمر اضطرابًا شديدًا، فحاولوا التوفيق فقالوا: أن معكة ابنة أبشالوم، أو بنت ابنته ثامار، وأن أوريايل تزوج ثامار ابنة أبشالوم، فإن كانت ثامار هي معكة (ميخاياهو) لزم منه أن يكون أوريايل أبو معكة هو زوجها في نفس الوقت، وأن أبشالوم أبوها وجدها في نفس الوقت، وإن معكة لها أبوان أوريايل وأبشالوم في نفس الوقت (قاموس الكتاب المقدَّس ص 14، 136، 908، 937)"(2).
ج: أولًا: قال الكتاب عن أبيا (أبيام) ملك يهوذا " اسْمُ أُمِّهِ مَعْكَةُ ابْنَةُ أَبْشَالُومَ" (1مل 15: 2) ونفس المعنى جاء في سفر الأخبار عن رحبعام " أَخَذَ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَبِيَّا" (2أي 11: 20).
ثانيًا: جاء في سفر الأخبار أيضًا عن أبيا بن رحبعام " وَاسْمُ أُمِّهِ مِيخَايَا بِنْتُ أُورِيئِيلَ مِنْ جَبْعَةَ" (2أي 13: 2).
والحقيقة أنه في الفكر اليهودي يمكن أن يدعى الإنسان باسم أبيه أو باسم جده أو باسم أمه أو باسم جدته، فمن يحمل شهرة أعظم هو الذي يُنسب له الإنسان، وعلاوة على هذا كثيرًا ما يحمل الشخص اليهودي اسمين، وإذا تتبعنا الأخبار بتدقيق نلاحظ الآتي:
1-
لم ينجب أبشالوم إلاَّ بنتًا واحدة وهي ثامار: "وَوُلِدَ لأَبْشَالُومَ ثَلاَثَةُ بَنِينَ وَبِنْتٌ وَاحِدَةٌ اسْمُهَا ثَامَارُ" (2صم 14: 27) وقد أسماها أبشالوم على اسم أخته ثامار.
2-
تزوجت ثامار ابنة أبشالوم بأوريئيل وأنجبت معكة، فمعكة هي ابنة ثامار وأوريئيل، ولكن بسبب شهرة جدها أبشالوم دُعيت معكة بنت أبشالوم مع أنها حفيدته، وتزوجت معكة برحبعام بن سليمان وأنجبت أبيا، وهذا يتوافق تمامًا مع ما جاء في (1مل 15: 2، 2أي 11: 20).
3-
معكة لها اسم آخر وهو ميخايا، إذًا ميخايا هي هي معكة ابنة ثامار وأوريئيل وحفيدة أبشالوم، وهي زوجة رحبعام وهي أم أبيا، ولذلك دُعيت " مِيخَايَا بِنْتُ أُورِيئِيلَ" (2 أي 13: 2).
4-
جاء في سفر الملوك عن آسا بن أبيا (أبيام) بن رحبعام " وَاسْمُ أُمِّهِ مَعْكَةُ ابْنَةُ أَبْشَالُومَ" (1مل 15: 10) فالكاتب هنا:أ - ينسب معكة إلى جدها أبشالوم.
ب - ينسب آسا إلى جدته معكة أم أبيا والد آسا.
وهذا أمر متعارف عليه في الكتاب المقدَّس، فمثلًا نجد في ثلاث آيات متتالية يُنسب آسا إلى داود رغم أن بينهما ثلاثة أجيال فآسا هو ابن أبيا بن رحبعام بن سليمان بن داود: "وَعَمِلَ آسَا مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَدَاوُدَ أَبِيهِ" (1مل 15: 11) ويعتبر الكتاب أن كل من أبيا ورحبعام وسليمان أباء آسا " وَنَزَعَ جَمِيعَ الأَصْنَامِ الَّتِي عَمِلَهَا آبَاؤُهُ" (1مل 15: 12) وأيضًا ينسب آسا إلى معكة مع أنها جدته " حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّهُ خَلَعَهَا" (1مل 15: 13).
أبشالوم بن داود
ثامار تزوجت أوريئيل
(نُسِبت لجدها: معكة بنت أبشالوم) معكة (ميخايا) تزوجت رحبعام بن سليمان
أبيا
(نُسِب لجدته: آسا بن معكة) آسا
5- قال "يوسيفوس" المؤرخ اليهودي، بناء على شهرة الجد، فمعكة ذُكرت باسم جدها أبشالوم وهي بنت أوريئيل زوج معكة ابنة أبشالوم، لأن أوريئيل لم يكن مشهورًا شهرة أبشالوم بن داود الملك.
6- رغم أن معكة كانت تمثل الزوجة الثالثة لرحبعام من زوجاته الثمانية عشر، إلاَّ إنه " أَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ، لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً" (2أي 11: 21)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وسر تفضيل وحب رحبعام لمعكة يرجع إلى أنها ورثت الجمال والفتنة عن أمها ثامار وجدها أبشالوم، كما أنها تمتعت بشخصية قوية، فتسلطت معكة على القصر، وأعتبرها الجميع أنها "الملكة الأم" وبعد موت زوجها نصَّبت ابنها أبيا عوضًا عن أبيه ملكًا على يهوذا، ثم حفيدها آسا، وقد قصد الكتاب أن يدعوها " مَعْكَةُ ابْنَةُ أَبْشَالُومَ " ربما لأن كليهما كان شريرًا، فأبشالوم قتل أخيه أمنون، وطارد أبيه داود وطلب نفسه، وزنى مع سراري أبيه، ومعكة شجعت العبادات الوثنية، وتحكمت في شئون القصر، فوجد آسا فيها خطورة على عرشه وعلى مملكته فخلعها من المُلك: "وَعَمِلَ آسَا مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَدَاوُدَ أَبِيهِ... حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّهُ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً، لأَنَّهَا عَمِلَتْ تِمْثَالًا لِسَارِيَةٍ، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ" (1مل 15: 11، 13).
7- جاء في " دائرة المعارف الكتابية": "معكة أم الملك أبيا وكانت ابنة أو بالحري حفيدة أبشالوم، وزوجة للملك رحبعام بن سليمان (1مل 15: 2، 1 أي 11: 20 - 22) وذلك في نحو 926 ق.م. وفي العدد العاشر من نفس الإصحاح سفر الملوك الأول (15: 10) تُذكَر على أنها أم آسا الملك، ولكن كلمة "أم" هنا تستخدم بمعناها الواسع، فقد كانت جدة آسا لأبيه، ويبدو أن معكة كانت حفيدة أبشالوم وابنة ثامار ابنة أبشالوم الوحيدة من أورئيل من جبعة حيث تدعى معكة " مِيخَايَا بِنْتُ أُورِيئِيلَ" (2أي 11: 20 - 22، 13: 2) ولأنها عملت تمثالًا لسارية، خلعها آسا من أن تكون ملكة (الملكة الأم) وقطع تمثالها وأحرقه في وادي قدرون (1مل 15: 10 - 13، 2 أي 15: 16)"(3).
8- لم يضطرب قاموس الكتاب المقدَّس، فقد ذكر عن معكة أنها: ابنة أبشالوم أو بنت ابنته وثالثة نساء رحبعام وأم أبيا وجدة آسا (1مل 15: 2، 2أي 11: 20 - 22) وتُسمى أيضًا ميخايا بنت أوريئيل من جبعة (2أي 13: 2). أما أوريئيل فكان زوج ثامار ابنة أبشالوم. وفي بداءة مُلك آسا كان لها وظيفة والدة الملك (1مل 15: 5، 2أي 11: 20 - 22). غير أنه إذ عملت تمثالًا للإلهة أشيرة خلعها آسا من أن تكون ملكة (1مل 15: 13، 2أي 15: 16). هذا ما ذكره قاموس الكتاب المقدَّس ويتفق تمامًا مع ما ذكرناه آنفًا... فأين هو الاضطراب؟!
_____
(1) محمد قاسم - التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 432، البهريز جـ 1 س 71.
(2) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س 70 ص 61، 62.
(3) دائرة المعارف الكتابية جـ 7 ص 184.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1287.html
تقصير الرابط:
tak.la/pfjk94f