يقول " ليوتاكسل":
"كيف يقول اليهود لرحبعام {أن أباك قسى نيرنا. وأما أنت فخفف الآن
من عبودية أبيك القاسية ومن نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك}
(1مل 12: 4) بينما ذكر الكتاب من قبل أن أيام
سليمان
كان العيش
فيها رغدًا والذهب كثير والفضة في
أورشليم
كالحجارة"(2).
ويقول " الخوري بولس الفغالي " عن
مملكة إسرائيل:
"عرفت سنوات من الازدهار بفضل تجارة مربحة (1مل 10: 5) ولاسيما
تجارة الخيل بين
كيليكية
ومصر (1مل 10: 27 - 29) كل هذا الغنى دفع
قسمًا من المصاريف الباهظة التي يتطلبها الهيكل والقصر، ولكنه لم
يدفعها كلها، لهذا لجأ
سليمان
إلى الأشغال الشاقة، وفرض السخرة على
شعبه (1مل 5: 27) سخَّر من كل
إسرائيل
(1مل 11: 28) وحاول كاتب
لاحق أن يصحح الصورة في (1مل 9: 2) فقال: أما
بنو إسرائيل فلم يجعل
منهم
سليمان
عبيدًا، وزادت ديونه لحيرام ملك صور فأعطاه الضِّيَع في منطقة كابول
في الشمال الشرقي من عكا"(3).
كما يقول " الخوري بولس الفغالي":
"يحاول الكاتب أن يُبرئ ساحة
سليمان، فيقول عنه أنه لم يُسخّر
بني
إسرائيل بل أبناء الشعوب الذين بقوا في
أرض كنعان، مثل الأموريين والحثيين... ولكن الواقع هو غير هذا، و(1مل 5: 13) تقول سخَّر
سليمان
ثلاثين ألفًا من
بني
إسرائيل"(4).
ويقول " زينون كوسيدوفسكي":
"أن نظام الاستعباد البشري الفظيع ذلك لا يختلف بشيء عن نظام
الفراعنة في عهد بناء الأهرامات العظيمة. وإذا ما تنبهنا إلى أن
عدد سكان
إسرائيل
في ذلك الوقت (حسب الإحصاء الذي أجراه داود) كان
مليونًا ومائتي ألف رجل فيمكننا أن نتصور النسبة الكبيرة من السكان
التي أستعبدها
سليمان
وأستغل مجهودها العضلي في مواقع العمل"(5).
ج:
1- جاء في سفر الملوك: "جَمِيعُ الشَّعْبِ الْبَاقِينَ
مِنَ الأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ
وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ
بَنِي
إِسْرَائِيلَ، أَبْنَاؤُهُمُ الَّذِينَ بَقُوا بَعْدَهُمْ
فِي الأَرْضِ، الَّذِينَ لَمْ يَقْدِرْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ
يُحَرِّمُوهُمْ، جَعَلَ عَلَيْهِمْ
سُلَيْمَانُ تَسْخِيرَ عَبِيدٍ
إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَأَمَّا
بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَمْ
يَجْعَلْ
سُلَيْمَانُ مِنْهُمْ عَبِيدًا لأَنَّهُمْ رِجَالُ
الْقِتَالِ وَخُدَّامُهُ وَأُمَرَاؤُهُ وَثَوَالِثُهُ وَرُؤَسَاءُ
مَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانُهُ"
(1مل 9: 20-22) وهنا الفرق يبدو واضحًا للجميع أن
سليمان
أستعبد سكان الأرض الأصليين الذين كان محكومًا عليهم بالإبادة
نتيجة عظم شرورهم، وأقام على هؤلاء العبيد مسخرين يراقبون أعمالهم. أما
بنو إسرائيل فقد اختار منهم
سليمان
ثلاثين ألفًا هؤلاء لم
يكونوا عبيد ولم يُعاملوا معاملة العبيد، إنما كانوا يُستخدمون
كأيدي عاملة
Labor force، ولذلك كان كل منهم يعمل لمدة شهر ويعود إلى بيته لمدة شهرين
للحفاظ على وحدة الأسرة، فكان كل منهم يعمل في السنة أربعة أشهر
فقط في المنشآت الضخمة التي أنشأها
سليمان، أما من استعبدهم
بنو إسرائيل فكانوا يعملون بصفة مستمرة، فكانوا يُستخدمون كعبيد
بالسخرة Forced
slave labor
ومنذ أيام داود كان هناك 153600 منهم، وهذا كان
أسلوب متعارف عليه في تلك الأيام، فطالما سخر فرعون مصر
بني
إسرائيل في بناء المدن والمخازن ومرَّر حياتهم بعبودية مرة.
ويقول " القمص تادرس يعقوب": "عندما عاد سيزوستريس
ملك مصر من حروبه بنى معابد كثيرة في كل مدن مصر ولم يستخدم في
بنائها مصريًا واحدًا، بل قام بالبناء أسرى الحرب، وقد نُقش على
كل هيكل: "لم يعمل أحد من المواطنين في هذه المباني " يبدو أن
سليمان
وضع نقشًا مشابهًا على منشآته"(6).
وجاء في " كتاب السنن القويم": "وسخَّر
الملك سليمان... كان التسخير من العادات القديمة وبواسطته عمل
الملوك أعظم أعمالهم كالأهرام في مصر والهياكل وقصور الملوك بل
بابل ونينوى. سخر فرعون
بني
إسرائيل في مصر قال بليني أن 360000
عامل عملوا مدة عشرين سنة في بناء الأهرام. وكان المسخرون يضربون
الفعلة بالسياط كأنهم بهائم. وربما ابتداء التسخير في
إسرائيل في
آخر مُلك داود، فأنه عيَّن أدونيرام على التسخير (2صم 20: 24)"(7).
ويقول " هـ. لم اليسون":
"التسخير أو العمل بالإرغام كان نوعًا من أنواع الضرائب المعترف
بها في العصور القديمة (1صم 8: 16) فقد كان النظام المتبع على ما
يظن هو اتخاذ نسبة معينة من عدد سكان المدينة أو القرية وتكليفهم
بالعمل أو السخرة للخدمات المختلفة للدولة خاصة الأعمال العمرانية.
وقد بدأ داود هذا النظام في أواخر حكمه (2صم 30: 24) أما
سليمان
فقد استهل حكمه باستخدام نظام التسخير على أوسع نطاق، فضلًا عن أنه
استعبد نسل جميع السكان القدامى الذين لم يقبلوا الرب إلهًا لهم
(1مل 9: 20 وما بعده).. لا يوجد تناقض بين (1مل 9: 22، 5: 13) لأنه
بينما كان استعباد الكنعانيين وتسخيرهم دائمًا، كان تسخير اليهود
مؤقتًا لحين انتهاء العمل الذي طُلب منهم. وقد فسَّر (2أي 2: 18)
الموقف أكثر إذ أن العمال في (1مل 5: 15) هم العبيد الكنعانيون"(8).
2- كما أوضحنا أن
سليمان
لم يستعبد
بني
إسرائيل ولم يُسخّرهم في العمل، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
بينما كان أسلوب التسخير معترفًا به حينذاك، ففي مصر أثناء
الحكم الروماني كان كل رجل مصري يلتزم بتقديم عدة أيام عمل بلا
مقابل كنوع من الضريبة، فيعمل في تمهيد الطرق وشق الترع وتنظيفها...
إلخ والذين استخدمهم
سليمان
في المساهمة في بناء بيت الرب وبيته لم
يزد عددهم عن ثلاثين ألفًا من إجمالي
بني
إسرائيل الذين بلغ عددهم
عدة ملايين،
فبنو
إسرائيل لم يكن عددهم حينذاك مليون ومائتي رجل
كقول كوسيدوفسكي، لأنهم عندما خرجوا من مصر كان عددهم نحو
مليونين، ولا بد أن بعد مرور 480 سنة (1مل 6: 1) أن عددهم تضاعف عدة
مرات، وعصر
سليمان
الذي ساد فيه السلام لم يتعرض فيه أحد للموت
بسبب الحروب، بل عاشوا في عصر سلام فلم تتحول ميزانية الدولة للجيش
والمعدات الحربية، وأيضًا كان عصر رخاء ورواج حتى أن الفضة صارت في
أورشليم
كالحجارة، ومع هذا فإن أحدًا لا ينكر أن الإنشاءات الضخمة
التي قام بها
سليمان
قد أرهقت الشعب كثيرًا، ويقول
سليمان: "بَنَيْتُ لِنَفْسِي بُيُوتًا،
غَرَسْتُ لِنَفْسِي كُرُومًا. عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ
وَفَرَادِيسَ، وَغَرَسْتُ فِيهَا أَشْجَارًا مِنْ كُلِّ نَوْعِ
ثَمَرٍ. عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ لِتُسْقَى بِهَا
الْمَغَارِسُ الْمُنْبِتَةُ الشَّجَرَ. اتَّخَذْتُ لِنَفْسِي
مُغَنِّينَ وَمُغَنِّيَاتٍ وَتَنَعُّمَاتِ بَنِي الْبَشَرِ،
سَيِّدَةً وَسَيِّدَاتٍ"
(جا 2: 4-8).
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(1) البهريز جـ 1 س 433.
(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 399.
(3) المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 324.
(4) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 428، 429.
(5) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 295.
(6) تفسير سفر الملوك الأول ص 224.
(7) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (ب) ص 270.
(8) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 183، 184.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1266.html
تقصير الرابط:
tak.la/z5924bn