St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1226- ما الداعي لتكرار كثير من الأحداث بين سفري الملوك وسفري صموئيل أحيانًا، وبين سفري الملوك وسفري أخبار الأيام أحيان أخرى؟ وما هو هدف سفري الملوك؟

 

ج: 1 - يعتبر سفر الملوك الأول والثاني امتداد طبيعي لسفري صموئيل، فسفر صموئيل الأول ابتدأ بانتهاء عصر القضاة وبداية عصر الملوك، وانتهى سفر صموئيل الثاني بقرب نهاية حياة داود، ويستمر تسلسل الأحداث زمنيًا في سفر الملوك، فنرى تنصيب سليمان على عرش داود في حياة أبيه، وأمجاد سليمان وغناه وحكمته، وبناء الهيكل، ثم يحكي لنا السفر عن انقسام المملكة في عصر رحبعام، ويؤرّخ مع سفر الملوك الثاني لملوك يهوذا وملوك إسرائيل، ويعبر بنا سفر الملوك الثاني على سبي مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م. ثم يصل بنا إلى سبي مملكة يهوذا سنة 586 ق.م.، وإن كانت بدايات سفر الملوك الأول شهدت تشييد الهيكل العظيم، فإن نهاية الملوك الثاني شهدت هدم الهيكل وتخريبه، وواضح جدًا أن سفر الملوك الأول والثاني يغطي فترة لاحقة للفترة التي يغطيها سفر صموئيل الأول والثاني. إذًا القول بأن هناك تكرار بين سفر الملوك وسفر صموئيل هو قول جانبه الصواب.

          أما القول بأن هناك تكرار بين سفري الملوك وسفري الأخبار، فهذا صحيح، مع ملاحظة أن لكل منهما نظرة خاصة وهدف معين في تسجيل الأحداث، فسفر الملوك سجل الأحداث كما حدثت بالضبط، أما سفر الأخبار فقد تم تسجيل الأحداث من وجهة نظر لاهوتية، فأدرج الكاتب إيجابيات الملوك والأنبياء متغاضيًا عن ضعفاتهم وسقطاتهم، وسفر الملوك ركز على تاريخ المملكة من وجهة نظر مدنيَّة، أما سفر الأخبار فقد ركز على تاريخ المملكة من وجهة نظر روحيَّة، فركز على العبادة والحياة مع الله والكهنوت، وأوضح أن الحياة الروحية هي أساس ازدهار المملكة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وفقدان الحياة الروحية هو اضمحلال للمملكة، ولذلك ركز سفر الملوك على النتائج النهائية لحكم كل ملك، بينما اهتم سفر الأخبار بتسجيل المواقف الإيمانية للملوك. ولنا عودة لهذه الجزئية في الكتاب القادم إن شاءت نعمة الرب وعشنا.

 

2- أهداف سفر الملوك الأول والثاني: من أهداف سفر الملوك ما يأتي:

أ  - ركز سفر الملوك على مُلك داود، والملوك الصالحين الذين ساروا على دربه، فقال عن سليمان قبل سقوطه " وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ الرَّبَّ سَائِرًا فِي فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ "  (1مل 3: 3) وقال عن " آسا " الملك: "وَعَمِلَ آسَا مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَدَاوُدَ أَبِيهِ" (1مل 15: 11). وقال عن " يوشيا " الملك الصالح: "وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي جَمِيعِ طَرِيقِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَحِدْ يَمِينًا وَلاَ شِمَالًا." (2مل 22: 2) فقد اهتم كاتب سفر الملوك حقيقةً ببيت داود، ويقول "القس صموئيل يوسف": "أن هدف الكاتب من هذين السفرين هو أن يتطهر إسرائيل ويسلك بأمانة أمام إلهه وأن يُظهر ولاءً كاملًا نحو الله. لأجل العهد الذي قطعه الله معه، وأن يحيا شعب الله حياة العدل والبر والنقاوة، وعلى أساس العدل والبر وحياة النقاوة يُحاكم الولاة"(1).

ب - ركز الكاتب على سلوك الملوك، فوصف ملوك إسرائيل بالإضافة لعدد ليس بقليل من ملوك يهوذا أنهم أشرار، وتكررت عبارة: "وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ " في سفري الملوك نحو 43 مرة، وصارت خطية يربعام مثلًا على هذا السلوك الشرير، ولذلك تكرر تعبير " خطايا يربعام " أو " طريق يربعام " ثمان مرات في السفر، ويربعام هذا هو أول ملوك المملكة الشمالية الذي أقام عجلين من الذهب في دان وبيت إيل وقال هذه آلهتك يا إسرائيل، وأغرى الشعب وأسقطه في عبادة الأوثان، وانحط الشعب حتى أنهم قدموا أطفالهم ذبائح بشرية، ومارسوا السحر والعرافة ومخاطبة الأرواح، فحلَّ بهم الغضب الإلهي، وصارت أورشليم مدينة الملك العظيم مدوسة من الأمم وسقطت أسوارها وتهدَّم هيكلها وصارت خرابًا.

جـ- ركز الكاتب على القيمة العظيمة والمكانة السامية لهيكل أورشليم، فأفرد عدة إصحاحات يحكي فيها عن قصة إنشائه، وظل يتابع أخباره، وتجديده بيد يوشيا (1مل ص 22) كما تعرَّض لمن أساءوا للعبادة في الهيكل مثل آحاز الملك الذي وضع مذبح المحرقة جانبًا وأقام مذبحًا كمذبح مملكة آرام (2مل 16: 10 - 16).

د  - اهتم الكاتب بالنواحي التاريخية وركز على النتائج النهائية للأحداث فمثلًا بالرغم من أن " عمري " من أعظم ملوك إسرائيل فإن السفر لم يفرد له سوى ستة آيات (1مل 16: 23 - 28) ورغم أن سقوط السامرة هو سقوط لمملكة إسرائيل ككل إلاَّ أن الكاتب أوجز الحديث في هذا الأمر في آيات قليلة (2مل 17: 3-6، 18: 9-12).

هـ- اهتم سفر الملوك بعرض حياة نبيين عظيمين وهما إيليا النبي وأليشع النبي، والسعي الدءوب الذي قام به كليهما للإعلان عن الإله الحقيقي، ومحاولتهما ربط الشعب بالله.

و  - حمل سفر الملوك الأول والثاني تعاليم روحيَّة سامية، فأظهر قيمة الهيكل والعبادة والكهنوت والذبائح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وأوضح ما تفضي به المشورات الرديئة كمشورة الأحداث لرحبعام والتي ترتب عليها انقسام المملكة، وفضح خطة الزواج بالأجنبيات، تلك الخطية التي أدت بأحكم حكماء الأرض للسقوط في عبادة الأوثان، ولم يغفل السفر افتقاد الله لشعبه مرارًا وتكرارًا. حتى أنه أعطى النصرة لأخآب ملك إسرائيل الشرير لكيما يعرف هو وشعبه الإله الحقيقي، وأوضح السفر كيف كان الله يدافع عن شعبه من أجل أمانة داود، فأبقى له سراجًا منيرًا حيث لم ينقطع له نسل من أورشليم على مدار أكثر من أربعة قرون وحتى سقوط أورشليم بيد البابليين سنة 586 ق.م..

ز  - اهتم السفر بالتركيز على سلسلة الأنساب الملكية التي سيأتي منها السيد المسيح له المجد.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1)  المدخل إلى العهد القديم ص 245.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1226.html

تقصير الرابط:
tak.la/rjwhxa5