كما يقول " علاء أبو بكر": "ضرب أحد أبطال داود المدعو التحكموني رمحه على 800 شخصًا فقتلهم دفعة واحدة؟!! (2صم 23: 8) يا له من إله يهوى الأفلام الهندية وأفلام بروسلي!! إلاَّ أنه عندما دخل الفيلم للمرة الثانية تأكد أن يشبعام بن حكموني هو الذي هزَّ رمحه، وكان عدد القتلى 300 شخصًا بدلًا من 800 (1 أي 11: 11) وهل تتخيل أنه من الممكن أن يهز إنسان رمحه فيقتل 300 أو 800 شخصًا؟ أعتقد أن هذا مستحيل إلاَّ إذا كان الرمح عنقودي أو نووي؟"(2).
ج: 1- جاء في سفر صموئيل الثاني: "هذه أسماء الأبطال الذين لداود. يوشيب بشبث التحكموني رئيس الثلاثة. هو هزَّ رمحه على ثمان مئة قتلهم دفعة واحدة" (2صم 23: 8).
وجاء في سفر أخبار الأيام: "وهذا هو عدد الأبطال الذين لداود. يَشُبعْام بن حكموني رئيس الثوالث. هو هزَّ رمحه على ثلاث مئة قتلهم دفعة واحدة" (1أي 11: 11).
والحقيقة أن " يوشيب " هو يَشبُعْام " فالاثنان نطقان مختلفان لنفس الشخص، وكذلك " التحكموني" و"حكموني " وسواء كان " التحكموني" و"الحكموني " فكليهما يعني " الحكيم " وكليهما نسبة إلى مؤسّس أسرة دُعيت باسم " حكموني"، كما نقول عن عاصمة الدولة العثمانية " أستانبول " أو " الأستانة " أما " بشبث " فمعناها " الجالس في مكانه " ولعل هذا المعنى يعني " الصامد في مكانه " لأن الفلسطينيين عندما اشتبكوا في قتال مع بني إسرائيل تقهقر رجال إسرائيل بينما ظل هو يهاجم حتى كلت يده ولصقت بالسيف، وحقق نصرًا كبيرًا.
2- يقول " نيافة الأنبا إيسيذورس": "الاسم العلم في النص الأول (يوشيب بشبث التحكموني) مركَّب من اسم واسم فاعل وقد يجوز ذلك في كل لغة، يجوز أن يكون مركَّبًا من مضاف ومضاف إليه مثل " عبد الله " ومن فعل وفاعل مثل " جاد الحق"، ومن فعل ومفعول به مثل " تأبط شرًا"، ومن اسم واسم فاعل ومضاف مثل " الحاكم بأمر الله"، ومن اسم واسم فاعل بغير المضاف مثل " المعتصم بالله" و"المتوكل على الله". فأسم العلم في النصف الأول (يوشيب بشبث التحكموني) مُركَّب من اسم واسم فاعل وظرف فأن "بشبث" معناه الجالس في مكانه. وهذا الاسم في النص الثاني (يَشُبعْام بن حكموني) يؤدي إلى المعنى ذاته... المقصود من هذه اللفظة وهو (يَشُبعْام) المنسوب إلى " يشب " أو الذي هو من قبيلة أو شعب يشب"(3).
3- من يستكثر عدد الذين قتلهم " يوشيب " بمفرده، فأن هذه الحادثة ليست فريدة، فقد سبق شمشون وقتل بمفرده ألف رجل، وليس برمح ولكن بلحى حمار، وقول الكتاب " هزَّ رمحه " أي أن المعركة لم تستمر وقتًا طويلًا.
4- أما سر الخلاف في العدد بين ثلثمائة وثمانيمائة، فهناك عدة احتمالات:
أ - أن يوشيب قتل ذات مرة ثمان مئة، وفي مرة أخرى قتل 300 شخص.
ب - أن يوشيب قتل ثلاث مئة بمفرده، والذين معه قتلوا الخمسمائة، فما قتله بمفرده ثلاث مئة شخص نُسب له، وما قتله مع جنوده ثمان مائة نُسب له أيضًا، فعندما غنَّت النسوة قائلات: "قتل شاول ألوفه وداود ربواته" فمن المعروف أن شاول لم يقتل ألوفًا بمفرده، ولا داود قتل ربوات بمفرده.
ج - هناك معنى أشمل لفعل " قتل " وهو " ضرب " سواء أدى هذا الضرب إلى الموت أو الإصابة فقط، فكاتب سفر صموئيل ذكر 800 شخص وهم الذين قتلوا أو أصيبوا، أما كاتب سفر أخبار الأيام فذكر عدد الذين ماتوا فعلًا وهم 300 شخص.
ويقول "نيافة الأنبا إيسيذورس": "أن هذا البطل إذا كان جندي وصرع إلى الأرض 300 فارسًا يتخبطون بدمائهم، فلابد أنه أثخن بالجروح وحمل على الهرب 500 آخرين، فذكر الكاتب للنص الأول جميع من قتل وفرَّ هاربًا، وأما الكاتب للنص الثاني فاقتصر على ذكر الذين قتلوا فقط. هذا إذا كانت الواقعة واحدة"(4).
5- سبب الاختلافات في الأسماء في قائمة أبطال داود بين سفريّ صموئيل وأخبار الأيام، أنه جاء في قائمة أخبار الأيام 16 اسمًا مختلفًا عما جاء في سفر صموئيل، وذلك لأن كل قائمة كُتبت في وقت يختلف عن الآخر، وخلال الوقت الفاصل بين كتابة القائمتين قد مات البعض، وحلَّ محلهم آخرون.
وجاء في "التفسير التطبيقي": "تتضمن هذه الأعداد بعض الأعمال العظيمة التي قام بها بعض أبطال جيش داود. وكان هناك فريقان بارزان: "الثلاثون" و"الثلاثة" (2صم 23: 18 - 39، 1أي 11: 11 - 25) ولكي يصير الإنسان عضوًا في هذه الجماعة، عليه أن يُظهر شجاعة لا تُبارى في المعارك، وكذلك حكمة في القيادة، وكان " الثلاثة " هم أبرز جماعة. أما قائمة " الثلاثين " فتشمل في الحقيقة سبعة وثلاثين اسمًا، ولكنها تشمل بعض المحاربين الذين نعرف أنهم ماتوا من قبل (مثل أوريا 23: 39) وواضح أن أعضاء جددًا قد عُينوا ليحلوا محل الذين سقطوا في المعارك"(5).
ويقول "أ. م رينويك": "والقائمة هنا (في سفر صموئيل) تختلف عن (1أي 11: 26 - 41) ربما لأنها كُتبت في وقت مختلف، وأوردت في (1أي 11: 41 - 47) ستة عشر اسمًا آخر، وقد يجوز أنهم حلُّوا محل آخرين ماتوا ومجموع الأبطال سبعة وثلاثون اقرأ (ع 39) ثلاثة في القسم الأول وثلاثة في القسم الثاني، وواحد وثلاثون في القسم الثالث ويوآب لم يُحسب في القائمة لأنه كان القائد الأعلى"(6).
_____
(1) البهريز جـ 1 س261.
(2) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س90 ص 71، 72.
(3) مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 143، 144.
(4) مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 144.
(5) التفسير التطبيقي ص 690.
(6) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ 2 ص 149.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1218.html
تقصير الرابط:
tak.la/cz2rtzp