يقول " علاء أبو بكر": "تقول دائرة المعارف الكتابية: {ولا ندري بالتحديد كم من الزمن مضى بين عودته من جشور وتمرده على أبيه. بعض الدارسين يرى أن الأصح أن نقرأ (2صم 15: 7) على أنها أربع سنوات كما جاءت في النسخ السريانية والسبعينية وليست أربعين سنة} فأين الروح القدس الذي من شأنه ضبط هذا التاريخ"(1).
ويقول " محمد قاسم محمد " أن داود صار ملكًا في عمر الثلاثين عامًا (2صم 5: 4) وبعد أن صار ملكًا تزوج من معكة (أم أبشلوم) وأنجب منها أبشالوم بعد توليه الحكم بما لا يقل عن سنة أو أكثر، وكل ما ملكه داود 40 سنة (2صم 5: 4، 1مل 2: 11).. إذًا عندما أتم أبشالوم الأربعين من عمره كان داود قد مات منذ سنة أو أكثر، كما أن هذا الحادث، وهو حادث اختطاف أبشالوم الحكم من أبيه، لم يحدث عندما كان داود في أيامه الأخيرة حيث كانوا يدثرونه بالثياب ولا يدفأ (1مل 1: 1)(2).
ج: جاء في سفر صموئيل الثاني: "وفي نهاية أربعين سنة قال أبشالوم للملك دعني فأذهب وأوفي نذري الذي نذرته للرب في حبرون" (2صم 15: 7) ونحن هنا أمام احتمالين:
الاحتمال الأول: أن المدة أربع سنين وليس أربعين، ولأن الأرقام في العبرية كان يُعبَر عنها بحروف، والحروف التي تعبر عن أربعة، وأربعين متقاربة فالناسخ ظنها أربعين، وللأمانة الكاملة لم يجرؤ أحد على تغييرها، وقال بهذا الرأي المؤرخ اليهودي يوسيفوس، ولذلك جاء في بعض الترجمات مثل السبعينية والسريانية واللاتينية وكذلك ترجمة الحياة العربية " وفي نهاية أربع سنوات". ولكن هذا الاحتمال هو الأضعف.
الاحتمال الثاني: إذ كان الكاتب مزمعًا أن يتكلم عن طرد داود من المُلك رجع بالذاكرة إلى بداية مُلك داود عندما " قال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول... إملأ قرنك دهنًا وتعال أرسلك إلى يسى البيتلحمي لأنه قد رأيتُ لي في بيته ملكًا... فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط أخوته" (1صم 16: 1، 13)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكان قد مرَّ بين مسح داود ملكًا في بيت لحم وبين حادثة طرده من المُلك في أورشليم أربعين عامًا، ولذلك قال الكتاب " وفي نهاية أربعين سنة". وعندما ذكر الكاتب مدة الأربعين سنة هنا لم يقل منذ عودة أبشالوم إلى أورشليم، لأنه لو قال هذا لكان الخبر خاطئًا، ولكنه ذكر الأربعين سنة وتركها مُطلقة ولم يربطها برجوع أبشالوم إلى أورشليم، لأنها في الحقيقة ترتبط ببداية مسح داود ملكًا، وهذا حدث هام في تاريخ شعب الله، ولذلك من قام بوضع شواهد الكتاب المقدَّس وضع في الطبعة العربية لفانديك حرف (ح) 1 صم 16: 1 وهو الشاهد الخاص بمسح داود ملكًا بيد صموئيل. وإذا احتج أحدًا قائلًا، ولكن مدة مُلك داود كلها أربعين سنة، وثورة أبشالوم على داود لم تحدث قبيل وفاته، إذًا المدة من بداية مُلك داود وحتى ثورة أبشالوم تبلغ أربعين عامًا، نقول له أن كلامك صحيح، ولكن الكتاب لم يحتسب المدة منذ بداية مُلك داود، ولكن منذ مسحه ملكًا، وبلا شك أن داود مُسح ملكًا ولم يتسلم المُلك إلاَّ بعد مرور سنوات طويلة وبعد موت شاول، وهذا هو الاحتمال الأقوى.
_____
(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ 1 س410 ص 290، 291.
(2) راجع التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 394، 395.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1204.html
تقصير الرابط:
tak.la/n58y5fn