St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1180- عندما أخبر داود الملك يوناثان النبي بأنه يريد أن يبني بيتًا للرب، شجعه يوناثان (2صم 7: 2، 3) وفي الصباح غيَّر يوناثان رأيه وأخبر داود أن الذي سيبني بيتًا للرب هو ابنه (2صم 7: 12-15).. فكيف يغير النبي رأيه بهذه السهولة؟ وإن كان القرار قرار إلهي فلماذا تعدى يوناثان على حق الرب واتخذ قرارًا ليس له أن يتخذه؟

 

ج: 1- من جهة الترتيب الزمني تأتي أحداث هذا الإصحاح السابع بعد الإصحاح الثامن وبعد أن حارب داود جميع أعدائه، ووهبه الرب النصرة في جميعها، ولذلك يقول في هذا الإصحاح أن الرب أراحه من جميع أعدائه: "وكان لما سكن الملك في بيته وأراحه الربُّ من كل الجهات من جميع أعدائه. أن الملك قال لناثان النبي أنظر. إني ساكن في بيت من أرز وتابوت الله ساكن داخل الشقق. فقال ناثان للملك أذهب أفعل كل ما بقلبك لأن الرب معك" (2صم 7: 1 - 3). لقد شجع يوناثان داود لبناء بيت للرب، وهذا كان يمثل رأي ناثان الشخصي، ولم يقل الكتاب أن ناثان هنا استشار الرب، ثم عندما عاد ناثان إلى بيته: "وفي تلك الليلة كان كلام الرب إلى ناثان قائلًا. أذهب وقل لعبدي داود هكذا قال الرب. أأنتَ تبني لي بيتًا لسكناي... متى كملت أيامك واضطجعت مع أبائك أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتًا لأسمي" (2صم 7: 4 - 13) وهنا نرى لله رأيًا آخر غير رأي ناثان.

 

2- رأى ناثان بحسب نظرته البشرية أن داود الملك الذي حارب حروب الرب ووهبه الله النصرة على جميع أعدائه هو أفضل إنسان يبني بيتًا لله. أما الله فقد رأى بعين المستقبل أن الأنسب لبناء بيت الرب هو سليمان بن داود، لأن يداه لم تسفكا دماء مثل يدي أبيه، ولأن عصره سيتميز بالسلام والرخاء والعظمة، وقال داود لأبنه سليمان: "يا ابني قد كان في قلبي أن أبني بيتًا لأسم الرب إلهي. فكان إليَّ كلام الرب قائلًا قد سفكتَ دمًا كثيرًا وعملت حروبًا عظيمة فلا تبني بيتًا لأسمي لأنك سفكتَ دماءً كثيرة على الأرض أمامي. هوذا يولد لك ابن يكون صاحب راحة وأريحه من جميع أعدائه... هو يبني بيتًا لأسمي" (1أي 22: 7 - 10).

ويتضح مما سبق أن ناثان لم يقل رأيًا وغيَّره، إنما قال رأيه وكان لله رأيًا آخر، فأرسل الله رسالة إلى ناثان، الذي أبلغها بكل دقة وأمانة للملك داود، وكان من الطبيعي أن ينساق ناثان النبي لرأي جابله، فقد كان لناثان مشاعر يوحنا المعمدان: "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص" (يو 3: 30) وهكذا كانت مشاعر داود النبي أيضًا، فعندما يتكلم الرب من يجرؤ على مراجعته أو معارضته؟! ومن جانب آخر لم يتعدى ناثان على حق الله الذي يقرر من سيبني البيت، لأنه لم يكن هناك حكم مُسبق لله عرفه ناثان وخالفه، فلو كان ناثان يعرف أن الله حدَّد سليمان لبناء الهيكل لأنصاع لهذا وأطلع داود على هذا.

 

3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "كان ناثان نبيًا أمينًا لله وللملك وله وقاره الخاص، قام بحزم وشجاعة لكنه في أدب بتوبيخ الملك عندما أرتكب الخطية مع امرأة أوريا الحثي (2صم 12: 1 - 15). قام هو وجاد الرائي بترتيب خدمة بيت الرب (2أي 29: 25) عمل مع بثشبع على إقامة سليمان ملكًا (1مل 1: 8 - 45). وافق ناثان في البداية على طلب داود الخاص ببناء بيت الرب، إذ حسبه طلبًا صالحًا ولائقًا، لكنه إذ استشار الرب أجابه ألا يعمل ذلك بل يترك الأمر لأبنه من بعده"(1).

ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "كان كل من داود وناثان نبيًا للرب، ولكل منهما مواهبه بحسب حكمة الله وتدبيره، وعرض داود فكرته على ناثان لثقته في المواهب الإلهيَّة المعطاة له وفي صداقته ومشورته الحسنة... أستحسن ناثان رغبته المبنية على حبه لله غيرته المقدَّسة لبناء بيت له، فقال له أن يفعل ما يريد ويبني بيتًا للرب، وأكد له أن عمله سيُكلل بالنجاح لأن الرب معه، ونلاحظ أن ناثان تكلم إليه عن رأيه الخاص كصديق تقي مُخلص ولم يكن قد أستشار الرب في هذا الأمر"(2).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر صموئيل الثاني ص 49، 50.

(2) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الثاني ص 72.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1180.html

تقصير الرابط:
tak.la/26zxpkw