يقول الأستاذ " محمد قاسم": "لا يستطيع أحد غير الكهنة من بني هارون أن يُصعد محرقات للرب، وصموئيل ليس من بني هارون، وبالتالي فهو ليس كاهنًا وليس من اختصاصه إصعاد محرقات إلاَّ إذا كان قد أغتصب الكهانة"(2).
كما يقول أيضًا: "كان صموئيل من سلالة قورح الذي خاصم موسى (1أي 6: 22 - 37) أي أنه كان من اللاويين فقط وليس من الكهنة لأنه ليس من سلالة هارون، ولم يُذكر في التوراة صراحة أنه كاهن ومع ذلك فقد قام بأعمال الكهنة، ففي (1صم 7: 9) {فأخذ صموئيل حملًا رضيعًا وأصعده محرقة بتمامه إلى الرب} وفي (1صم 10: 8) قال صموئيل لشاول {وتنزل قدامي إلى الجلجال وهوذا أنا أنزل إليك لأصعد محرقات وأذبح ذبائح سلامة} وفي (1صم 13: 8 - 14) حينما أصعد شاول المحرقة ولم ينتظر صموئيل ليصعدها له تنبأ له صموئيل بزوال ملكه، وإصعاد المحرقات من اختصاص الكهنة فقط وليس اللاويين، كما ذكر الأستاذ " ذكي شنودة" (المجتمع اليهودي ص 104) أن صموئيل أصبح قاضي اليهود ورئيس كهنتهم وليس كاهنًا فقط، فكيف كان كاهنًا أو يقوم بأعمال الكهنة وهو ليس من سلالة هارون؟"(3).
ج: 1- كان صموئيل نبيًا وقاضيًا، وهو من سبط لاوي، سكنت أسرته وسط سبط أفرايم، فهو لاوي بحسب المولد وأفرايمي بحسب موضع السكنى، ولم يكن صموئيل كاهنًا لأنه لم يكن من نسل هرون، وبعد موت عالي الكاهن وكان الله قد أعدَّ صموئيل لتحمل مسئولية تلك الفترة الصعبة التي يجوز فيها شعب الله من فترة القضاة إلى فترة الملكية، فصارت لصموئيل الزعامة الروحية عوضًا عن أبيه الروحي عالي الكاهن، وقد كلَّفه الله بعمل الكاهن بدليل قول الكتاب: "وقال الرب خذ بيدك عجلة من البقر وقل قد جئت لأذبح للرب" (1صم 16: 2) فهذا دليل كافٍ على أن صموئيل كان مُكلَّفًا من قبل الرب للقيام بعمل الكهنوت في تقديم الذبائح عن الشعب، ولولا هذا ما كان صموئيل النبي تجرأ قط ويصعد حملًا رضيعًا ذبيحة للرب، وما كان يتجرأ قط أن يبني مذبحًا للرب في الرامة Rama "بنى هناك مذبحًا للرب" (1صم 7: 17)، وما كان يتجرأ قط ويقول لشاول: "وتنزل قدامي إلى الجلجال وهوذا أنا أنزل إليك لأصعد محرقات وأذبح ذبائح سلامة" (1صم 10: 8).. بلا أدنى شك كان صموئيل النبي يُقدّس خدمة الكهنوت ويرى أن من يتعدى عليها فأنه يُجرِم في حق الرب، ولذلك عندما تجرأ شاول، وهو ملك، على التعدي على خدمة الكهنوت... ماذا كان رد فعل صموئيل..؟ لقد غضب جدًا حتى قال له: "قد إنحمقت لم تحفظ وصية الرب إلهك التي أمرك بها" (1صم 13: 13) لأن الله أعطى لشاول المُلك ولم يعطه الكهنوت، أما صموئيل النبي فقد أعطاه الله النبوءة والقضاء، وأيضًا أن يقوم بعمل الكاهن الأعظم في تقديم الذبائح، ومسح الملوك.
2- لم يكن صموئيل حالة فريدة، فقد سبقه في هذا جدعون القاضي، إذ وهو من سبط منسى، وقد إختاره الله لينقذ الشعب من المديانيين، أعطاه أن يقدم له ذبيحة قائلًا له: "ابن مذبحًا للرب إلهك على رأس هذا الحصن بترتيب وخذ الثور الثاني وأصعد محرقة على حطب السارية التي تقطعها" (قض 6: 26) فالذي وضع طقس الكهنوت وأختار له هرون ونسله... أليس من حقه تكليف جدعون أو صموئيل بتقديم الذبائح؟! وما أجمل قول عاموس للملك: "فأجاب عاموس وقال لأمصيا. لستُ أنا نبيًا ولا أنا ابن نبي بل أنا راعٍ وجاني جميز. فأخذني الرب من وراء الضأن وقال لي الرب أذهب تنبأ لشعبي إسرائيل" (عا 7: 14، 15).. وإن كان الرب قد أوضح أنه سيتخذ كهنة ولاويين ليس من بني إسرائيل فقط، بل من الأمم فقال: "ويحضرون كل أخوتكم من كل الأمم تقدمة للرب... وأتخذ منهم كهنة ولاويين قال الرب" (أش 66: 20، 21).. فلماذا نستعجب من دعوة الرب لصموئيل النبي ليقوم بعمل الكهنوت ؟!!
3- قدم صموئيل النبي حملًا رضيعًا للمحرقة، والحمل الرضيع يشير للبراءة والنقاوة والطهارة، وعندما فعل صموئيل النبي هذا لم يخالف الشريعة قط... لماذا؟ لأن الشريعة سمحت بتقديم الحمل محرقة من اليوم الثامن: "ومتى وُلِد بقر أو غنم أو معزى يكون سبعة أيام تحت أمه ثم في اليوم الثامن فصاعدًا يُرضى به قربان وقودٍ للرب" (لا 22: 27).. قدم صموئيل الحمل الرضيع ذبيحة محرقة أي أنه يُذبح ويُحرق بالكامل، ولا يأكل منه الكهنة ولا غيرهم شيئًا، بل كل الذبيحة تُقرَّب للرب تُوقد بتمامها على المذبح، وهي تشير إلى إكرام الرب وطلب رضاه، كما تشير إلى تقديم الحياة بالكامل للرب، وقد قبل الرب هذه الذبيحة، بل وجاءت الاستجابة سريعة: "وصرخ صموئيل إلى الرب من أجل إسرائيل فاستجاب له الرب... فأرعد الرب بصوت عظيم في ذلك اليوم على الفلسطينيين وأزعجهم فانكسروا أمام إسرائيل" (1صم 7: 9، 10) وتحقَّقت النصرة لبني إسرائيل في ذات الموضع الذي سبق وأنكسروا فيه، وسلب منهم تابوت العهد، ويذكر يوسيفوس أنه قد حدثت زلزلة عظيمة فتشقَّقت الأرض وسقط فيها عدد كبير من جنود الفلسطينيين. وظل التاريخ يحفظ في ذاكرته تلك الذبيحة المقبولة التي قدمها صموئيل النبي، فيقول يشوع بن سيراخ: "صموئيل المحبوب عند الرب نبي الرب سنَّ المُلكَ ومسح رؤساء شعبه. قضى للجماعة بحسب شريعة الرب... دعا الرب القدير عندما كان أعداؤه يضيقون من كل جهة وأصعد حملًا رضيعًا. فأرعد الرب من السماء وبقصيفٍ عظيم أسمع صوته. وحطم رؤساء الصوريّين وجميع أقطاب فلسطين" (سي 46: 16 - 21).
_____
(1) علاء أبو بكر - البهريز جـ1 س381.
(2) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 338.
(3) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 560.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1092.html
تقصير الرابط:
tak.la/s4a2txy