ج: 1- اسم " أبيناداب " يعني " أبا الكرم أو النُبل " وقد إختار أهل يعاريم بيت أبيناداب ليضعوا فيه التابوت ليست كراهية لأبيناداب، بل لأنهم رأوا أن هذا البيت هو أفضل بيت في قرية يعاريم، وكان البيت قائمًا على أكمة عالية، فوضعه في ذاك البيت تقديرًا منه لسمو مقام التابوت، وكان لأبيناداب ثلاثة أبناء هم اليعازار وعُزَّة وأخيو، فقدَّسوا اليعازار ومعنى اسمه " الله معين " وكلَّفوه بحراسة التابوت، فلا يقترب أحد منه، وظل اليعازرا أمينا على هذا العمل مدة عشرين سنة، وهكذا حلَّ تابوت العهد ضيفًا مباركًا في هذا البيت وتلك القرية، بينما كانت خيمة الاجتماع في شيلو خاوية من تابوت العهد الذي يُعبّر عن الحضرة الإلهيَّة وبذلك إتجهت نحو الخراب، ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس " عن أهل قرية يعاريم: "فرح أهل قرية يعاريم بدعوة سكان بيتشمس لهم لكي يأتوا ويأخذوا التابوت إلى مدينتهم... ونرى أن أهلها كانوا أكثر توقيرًا لتابوت الرب من أهل بيت شمس، فلم ينظروا بفضول إليه، ولم يرفعوا عنه غطاءه، ولم يجعلوه على صخرة في العراء، بل أعتنوا به وجعلوه مصونًا في بيت، وأقاموا شابًا لحراسته، ولهذا لم يضربهم الرب مثلما ضرب بيتشمس، بل كان وجود التابوت عندهم بركة عظيمة"(1).
وجاء في " كتاب السنن القويم " عن أهل قرية يعاريم وعن اليعازار: "لم يخافوا منه وإن كان قد ضُرِب الفلسطينيين وأهل بيتشمس بسببه، لأنهم قصدوا إصعاده وحفظه بالاحترام اللائق، وآمنوا بأن وجوده عندهم بركة. أن الله نار آكلة للمرتدين عنه وأما جميع الذي يحبونه ويحبون شريعته فيشتهون الإقتراب منه. أبيناداب: الأرجح لاوي لأنهم كانوا تعلَّموا العمل بموجب الشريعة. وهكذا قال يوسيفوس... ولم يُذكر أنه (اليعازار) صار كاهنًا بل أنه كان حارسًا للتابوت"(2).
2- قد يتساءل البعض لماذا لم يتم إرجاع تابوت العهد إلى شيلو ليوضع داخل خيمة الاجتماع كما كان من قبل؟.. يبدو أن الفلسطينيين قد أعتدوا على شيلو ودمروها ولذلك قال أرميا النبي فيما بعد عن بيت الرب: "أجعل هذا البيت كشيلوه وهذه المدينة أجعلها لعنة لكل شعوب الأرض" (أر 26: 6) ولكن خيمة الاجتماع أمكن أنقاذها من أيادي الفلسطينيين فلم تدمر، ولذلك فإننا نلتقي بها فيما بعد في مدينة " نوب " مدينة الكهنة أيام حكم الملك شاول (1صم 21: 4 - 6) ثم مدينة " جبعون " في أيام حكم داود وإبنه سليمان " وصادوق الكاهن وأخوته الكهنة أمام مسكن الرب في المرتفعة التي في جبعون" (1أي 16: 19) فمسكن الرب هو خيمة الاجتماع.
3- قال الكتاب أن صموئيل النبي جمع الشعب في المصفاة: "فاجتمعوا في المصفاة وأستقوا ماء وسكبوه أمام الرب وصاموا في ذلك اليوم وقالوا هناك قد أخطأنا إلى الرب" (1صم 7: 6).. لقد كانت وقفة توبة وندم ومراجعة للنفس، ثم أخذوا ماء في أوعيتهم وسكبوه على الأرض أمام الرب... فماذا كانوا يقصدون بهذا التصرف..؟ الماء المسكوب يُعبّر عن الضعف الكامل المُطلق الذي يصل إلى حد العدم والموت، لأن الماء المسكوب على الأرض من المستحيل جمعه ثانية، وهكذا أرادوا أن يقولوا للرب أنه لم تعد لديهم أية قوة، فقد صاروا كالماء المسكوب، وعندما إختار يوآب المرأة التقوعية الحكيمة لتتوسط لدى داود لكيما يعيد ابنه أبشالوم قالت: "لأنه لابدَّ أن نموت ونكون كالماء المهراق على الأرض الذي لا يُجمع أيضًا" (2صم 14: 14) وتنبأ داود عن المصلوب قائلًا: "كالماء أنسكبتُ. إنفصلت كل عظامي. صار قلبي كالشمع. قد ذاب في وسط أمعائي" (مز 22: 14) وأيضًا سكب الماء يشير لسكب القلب التائب أمام الله، ولهذا نادى داود النبي التائبين قائلًا: "أسكبوا قدامه قلوبكم. الله ملجأ لنا" (مز 62: 8) ونادى النبي الباكي أرميا في مراثيه ابنة صهيون قائلًا: "ياسور بنت صهيون أسكبي الدمع كنهر نهارًا وليلًا... أكسبي كمياه قلبك قبالة وجه السيد" (مرا 2: 18، 19).
_____
(1) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 66.
(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 4 (أ) ص 35.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1091.html
تقصير الرابط:
tak.la/5a2rtd7