ج: 1- كانت النذور أمرًا متعارف عليه قبل شريعة موسى " ونذر يعقوب نذرًا قائلًا.." (تك 28: 20) وأكد الكتاب على ضرورة الوفاء بالنذر: "أن لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفي" (جا 5: 5) كما أوضحت الشريعة أن نذر الابنة أو الزوجة يتوقف على موافقة أبيها أو زوجها على هذا النذر، أما إذا لم يوافق عليه فأنها تصير في حلٍ من الإيفاء بهذا النذر (عد 30: 3 - 8).
2- في تلك العصور كان للوالدين حق التصرف في الأبناء، حتى أن الأب كان يمكنه أن يبيع ابنه أو ابنته، ولاسيما عندما كان يعاني من الفاقة والفقر " وإذا باع رجل ابنته أمة لا تخرج كما يخرج العبيد" (خر 21: 7) وبلا شك أن النذر لله أفضل بكثير جدًا من بيع الأبناء.
3- كانت حنَّة متألمة جدًا بسبب عقوريتها من جانب، ومن جانب آخر تعيير ضرتها " فننه " لها، فاشتاقت أن يكون لها نسلًا ليزيل عارها من بين الناس، وتعهدت أنها ستقدمه نذيرًا للرب لا يعلو رأسه موسى، طبقًا لما جاء في شريعة النذير " فعن الخمر والمسكر يفترز ولا يشرب خلّ الخمر ولا خلّ المسكر ولا يشرب من نقيع العنب ولا يأكل عنبًا رطبًا ولا يابسًا. كل أيام نذره... لا يمرُّ موسى على رأسه" (عد 6: 3 - 5) واستجاب الرب لها، ووهبها طفلًا، وقبل نذرها، فاختاره ليكون هو صموئيل العظيم في الأنبياء الذي كان وجوده ضروريًا في هذه الفترة، فقاد الشعب نحو الله، وكان حائط صد ضد العبادات الوثنية، ومسح أول ملكين على بني إسرائيل، وتصدى لتجاوزات الملك شاول، وكان صوت الحق للشعب، وعاش أمينًا وشاهدًا لإلهه. أما تساؤل الناقد: "ماذا لو أن صموئيل عندما بلغ سن الرشد رفض هذا النذر " فحياة صموئيل المقدَّسة خير رد على هذا التساؤل.
4- كانت الشريعة تعطي للإنسان الحق في فك نذر الأنفس البشرية مقابل دفع مبلغ من المال، فإذا نذر إنسان ابنه أو ابنته، وأراد أن يفك هذا النذر، فأنه يقدم مبلغًا من المال يتغير بحسب سن النذير، وبحسب نوعه ذكر أم أنثى، فمن سن شهر إلى خمس سنوات يُدفع عن الذكر خمسة شواقل وعن الأنثى ثلاثة شواقل، ومن سن خمسة سنوات إلى عشرين سنة يُدفع عن الذكر 20 شاقلًا وعن الأنثى عشرة شواقل، ومن سن عشرين إلى ستين سنة يُدفع عن الذكر خمسين شاقل وعن الأنثى ثلاثين شاقلًا، وأكثر من ستين سنة يُدفع عن الذكر خمسة عشر شاقلًا وعن الأنثى عشرة شواقل [راجع (لا 27: 1 - 8)].
5- ظلت عادة نذر الآباء للأبناء معمولًا بها، وهوذا حنَّة امرأة يواقيم تنذر ما في بطنها لله، ويرزقها الله مريم العذراء سيدة نساء العالمين، وجاء في القرآن: "إذ قالت امرأة عمران ربّ إني نذرت لك ما في بطني مُحررًّا فتقبل مني أنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت ربّ إني وضعتها أنثى... وإني أسميتها مريم... فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا وكفلها زكريا" (آل عمران 34 - 36) وهكذا كان صموئيل الذي تقبله ربه بقبول حسن وأنبته نباتًا حسنًا وكفله بعالي الكاهن، وقال " محمد قاسم محمد " في اعتراضه على اختيار الله لشمشون ونذره: "المفروض أن أحد الوالدين أو كلاهما هو الذي ينذر المولود لله"(1) وهذا ما حدث مع صموئيل... فعلام الاعتراض؟!
6- اصطحبت حنَّة زوجها والطفل صموئيل لتقدمه للهيكل، وأخذت معها ثلاثة ثيران لأنها كانت ميسورة الحال، ولكيما تعبر عن جزيل شكرها لله الذي رزقها هذا المولود الذي غيَّر حياتها، ولعلها أرادت تقديم ذبيحة محرقة لرضى الرب عنها وعن طفلها، وذبيحة خطية ليسامحها الرب عن ضعفاتها، وذبيحة سلامة ليأكل منها عالي الكاهن وأولاده وكذلك أسرتها، ولهذا السبب أخذت ثلاثة ثيران وهي تقدم ابن الصلاة والدموع للرب الإله، فما الخطأ الذي ارتكبته حنَّة عندما أخذت معها هذه الثيران..؟! وهل الثيران أغلى على قلبها وقلب زوجها من ابنها صموئيل؟!
_____
(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 419.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1074.html
تقصير الرابط:
tak.la/cm9b7c2