س: هل "يهوناثان ابن جرشوم بن منسى" (قض 18: 30) بحسب ترجمة فان دايك، أم أن "يوناثان بن جرشوم بن موسى" بحسب الترجمة اليسوعية؟ وغيَّرها النُّسَّاخ إلى "ابن منسّى" حتى لا ينسبوا كاهِنًا للأوثان لموسى النبي؟ (عن فيديو لأحمد سبيع).
ج: 1- لقد أغفل الناقِد، ربما عن جهل الفرق بين "ابن" (بالألف) قبل جرشوم، و"بن" (بدون الألف) قبل "منسّى"، وهذا يضعنا أمام احتمال أن المقصود بـ"جرشوم" معنى وليس اسمًا، ومعنى "جرشوم" في العِبرية גֵּרְשֹׁם أي "غريب"، فيكون "يهوناثان ابن الغريب ابن منسى"، ويؤكد هذا أن اسم حفيد موسى النبي من جرشوم، هو "شبوئيل"، وليس يهوناثان. جاء في سفر أخبار الأيام: "كَانَ شَبُوئِيلُ بْنُ جَرْشُومَ بْنِ مُوسَى وَكَانَ رَئِيسًا عَلَى الْخَزَائِنِ" (1 أخ 26: 24). بالإضافة إلى أن الفاصِل الزمني بين موسى وتلك الأحداث التي جَرَت في زمن القُضاة نحو 400 سنة (أربعمائة سنة)، فلا بُد أن حفيد موسى كان قد مات قبل أحداث سبط دان هذه بأكثر من مائتيّ عام.
2- "يوناثان بن جرشوم بن موسى" وُجِدَت في قليل من المخطوطات، والفرق بين اسم "منسَّى"، واسم "موسى" حرف النون العبري "נ"، فاسم "منسى" يزيد على اسم "موسى" بحرف النون (بعد حرف الميم). وبما أن احتمالية سقوط حرف أكثر من احتمالية زيادة حرف، لذلك الاحتمال الأكبر أن بعض النُّسَّاخ اليهود سقط منهم حرف النون، فصار الاسم في تلك المخطوطات القليلة "موسى" بدلًا "منسى". وللأمانة العِلمية فإن ترجمة فان دايك (بالشواهِد) وضعت في الهامش ملاحظة أن كلمة منسَّى قُرِءَت في بعض المخطوطات "موسى". وغني عن البيان أن اسم "يوناثان" هو هو "يهوناثان" في هذه الحالة، كما هو الحال مع "يُونَاثَانُ بْنُ شِمْعَى" (2 صم 21: 21) هو هو "يَهُونَاثَانُ بْنُ شِمْعَا" (1 أخ 20: 7)، ويُترجم بالإنجليزية بنفس الاسم Jonathan (طبعة NKJV).
3- ورد اسم "منسّى" في الترجمات العربية: فان دايك - ترجمة كلمة الحياة - الترجمة العربية المشتركة - الترجمات الإنجليزية: ترجمة الملك جيمز KJV، وفي ترجمة الملك جيمز الحديثة NKJV:
Jonathan the son of Gershom, the son of Manasseh.
وأيضًا ورد اسم "منسّى" في معظم الترجمات الإنجليزية، وفي الترجمات السريانية القديمة، ومعظم نُسَخ السبعينية، ومُعظم المخطوطات العِبرية، وهكذا استقرت في النص التقليدي، بينما جاءت في الفولجاتا وفي قليل من المخطوطات "موسى".
4- ليس لدينا ما نخفيه، ولو كان حفيد موسى قد سقط في عبادة الأوثان، ما كان الكتاب يخفي شيئًا، فلم يكن إسماعيل وإخوته من قطورة وهم أولاد إبراهيم في صلاح أبيهم، ولم يخفي الكتاب سقوط هارون في عمل العجل الذهبي، ولم يكن لحُفْنِي وفينحاس حياتهم المقدسة مثل أبيهما عالي الكاهن، إنما كانا سبب نكبة في إسرائيل (1 صم 2: 22). وأيضًا بعض ملوك يهوذا الأبرار خرج من صُلبهم أبناء أشرار، فحزقيال الملك الصالح جاء من صُلْبِهِ ابنه "منسى" الذي "عَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ رَجَاسَاتِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ... وَعَبَّرَ ابْنَهُ فِي النَّارِ، وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَاسْتَخْدَمَ جَانًّا وَتَوَابعَ، وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ، وَوَضَعَ تِمْثَالَ السَّارِيَةِ الَّتِي عَمِلَ، فِي الْبَيْتِ" (2 مل 21: 2، 6، 7). والمقصود بـ"البيت": هيكل الرب. ويوشيا الملك الصالح الذي أعاد للهيكل قُدسيته خرج من صُلبِهِ ابنه "يهوآحاز" الذي عمل الشر في عينيّ الرب (2 مل 23: 32).
5- هذه الحالة تُمَثِّل اختلافًا في حرف سقط سهوًا وبدون أي قصد من بعض المخطوطات، وبالطبع لا يؤثر في أي عقيدة إيمانية، فهذا يدخل ضمن القِراءات المتنوعة أو المختلفة التي يهتم بدراستها عِلم النقد النصّي التابِع لمدرسة النقد الأدنى (راجع الباب الأول من كتاب مدارس النقد - عهد جديد - جزء 6). ومعلوم لدى الكافة أن أي عمل كلاسيكي في حجم العهد القديم، أو العهد الجديد، أو كِتابات هيروديت وأرسطو وأفلاطون، أو القرآن، لا يخلو قط من القِراءات المُختلفة، وإلَّا فليُفَسِّر لنا الناقِد أسباب الاختلافات المهولة في إحصاءات حروف القرآن وكلماته وآياته وسوره. وليرجع إلى كِتاب "فنون الأفنان في عيون علوم القرآن" لابن الجوزي، ص. 246-249، ليجد عشر إحصاءات لحروف القرآن تتراوَح بين (300188) و(373250)، أي بفارِق نحو 70 ألف حرف، زيد أو حُذِفَ (حروف القرآن الحالي: 320015 حرفًا)، وتراوحت كلمات القرآن بين (76000) وبين (79277) بفارق أكثر من (3000) كلمة (كلمات القرآن الحالي: 77439). وجاءت الاختلافات في الآيات بما يزيد عن 30 آية (آيات القرآن الحالية: 6348)، واختلفت السور في عددها وأشكالها. ولا يتسِع الحديث عن كتابة القرآن بدون تنقيط ولا تشكيل، وأول مَنْ اخترع حركات التشكيل "أبو الأسود الدؤلي" قبل وفاته سنة 69 هـ.، وكانت على شكل نُقَط تُوَضع فوق الحروف أو أسفلها، مما أدَّى لحدوث لَبْس بين نِقاط الحروف ونقاط التشكيل، كما شرح ذلك الباحِث "محمد المُسَيَّح" بتشديد الياء (المُسيِّيح وليس المسيح Mohammed Lamsiah) في كِتابه "مخطوطات القرآن: مدخل لدراسة المخطوطات القديمة، ص. 51-51" (راجع أيضًا ثيودور نولدكة - تاريخ القرآن ط. (1)، ص. 390). كما أنك يا صديقي ما زلت تجد القراءتين المختلفتين في (قض 18: 30) موجودتين، لم نتخلَّص من أحدهما، ولم نحرق المخطوطات التي حملت اسم هذا أو ذاك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1043b.html
تقصير الرابط:
tak.la/kjjjv72