يقول " محمد قاسم": "المفروض أن أحد الوالدين أو كلاهما هو الذي ينذر المولود لله، أما هنا فإننا نجد أن الله هو الذي نذر المولود لنفسه"(1).
ج: 1- إذا رجعنا إلى شريعة النذير في سفر العدد نجد أن الإنسان هو الذي ينذر نفسه للرب لفترة معينة، يعيش خلالها حياة مقدَّسة بعيدًا عن الخمر والمسكر والخل ونقيع العنب، حتى أنه لا يأكل عنبًا رطبًا ولا يابسًا، ولا يعلو رأسه موسى، ولا يقترب من جسد ميت، وعندما تنتهي أيام نذره يقدم للرب ذبيحة خطية وذبيحة سلامة ويحلق رأسه، ثم يباشر حياته العادية [راجع سفر العدد إصحاح 6: (عد 6)]. وهذا ما فعله بولس الرسول، فيقول عنه سفر الأعمال أنه " سافر في البحر إلى سورية ومعه بريسكلا وأكيلا بعدما حلق رأسه في كنخريا. لأنه كان عليه نذر" (أع 18: 18) وعندما وصل إلى أورشليم أوصاه الأخوة قائلين " فافعل هذا الذي نقول لك. عندنا أربعة رجال عليهم نذر. خذ هؤلاء وتطهر معهم وأنفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم فيعلم الجميع أن ليس شيء مما أُخبروا عنك بل تسلك أنت أيضًا حافظًا للناموس" (أع 21: 23، 24) وكان من الممكن أيضًا أن ينذر والدي الطفل ابنهما أو ابنتهما للرب، كما نذرت حنة أم صموئيل ابنها للرب " فصلت إلى الرب وبكت بكاء. ونذرت نذرًا وقالت يا رب الجنود إن نظرت نظرًا إلى مذلة آمتك وذكرتني ولم تنسَ أمتك بل أعطيت آمتك زرع بشر فإني أعطيه للرب كل أيام حياته ولا يعلو رأسه موسى" (1 صم 1: 10، 11) وفعلًا بعد أن رزقها الله بصموئيل قدمته للهيكل مع ثلاثة ثيران ودقيق وخمر قائلة " قد أعرته للرب. جميع أيام حياته هو عارية للرب" (1 صم 1: 28) أما إذا كانت النذيرة بنت فإنها تظل تخدم في الخدمات الملحقة بالهيكل حتى سن الزواج، وهذا ما حدث مع مريم العذراء عندما قدمتها أمها للهيكل في طفولتها فظلت حتى وقت خطبتها ليوسف النجار.
2- في حالة شمشون اختار الله هذا النذير من بطن أمه، وهذا ما أوضحه الملاك لأم شمشون " وقال لها أنت تحبلين وتلدين ابنًا. والآن فلا تشربي خمرًا ولا مسكرًا ولا تأكلي شيئًا نجسًا. لأن الصبي يكون نذيرًا لله من البطن إلى يوم موته" (قض 12: 7) فإذا كان الله هو الذي يمنح الحياة والوجود لكل إنسان، فليس كثيرًا عليه أن يختار إنسانًا من بطن أمه ويخصصه له، وهذا ليس بالأمر الفريد الذي حدث مع شمشون، فإشعياء النبي أيضًا يقول " الرب من البطن دعاني من أحشاء أمي ذكر إسمي" (أش 49: 1) وقال الرب لأرميا النبي " قبلما صوَّرتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك" (أر 1: 5) وقال بولس الرسول " لما سرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي" (غل 1: 15) وليس في الكتاب المقدَّس كله ما يمنع من اختيار الرب لشخص معين وتخصيصه للخدمة.
3- معنى اسم " شمشون " غالبًا شمس أو مشمس، فشمشون هو الرجل المشمس المنير البشوش، القوي البنية، الذي يتمتع بقوة تفوق قوة البشر، ينساب شعره على رأسه في شكل سبع خصال، ويتمتع بروح المرح والفكاهة، ويتذوق الشعر، وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "لا يمكن الجزم بمعنى اسمه، فقد يكون مشتقًا من الكلمة العبرية " شمش " بمعنى " شمس " أو " مثل الشمس " أطلقه عليه أبواه توقعًا لما سيكون عليه كنذير للرب. أو قد يكون مشتقًا من الكلمة العبرية " شمام " بمعنى " يُدمّر " ويكون معنى شمشون " المدمر".."(2).
_____
(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 319.
(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 4 ص 554.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1023.html
تقصير الرابط:
tak.la/vztc9zp