ج: 1- الله العارف بالقلوب كان يعرف أن العدد الأكبر من جيش جدعون تفيض قلوبهم بالخوف والرعبة من جيش مديان الضخم من جهة العدد والتسليح، وإنما قد خرجوا للحرب ليس على سبيل الشجاعة، إنما خشية من الملامة، ولم يدركوا أن الله يرفض أي عمل على سبيل الاضطرار والإكراه غير نابع من القلب، حتى لو وصل هذا العمل لحد المخاطرة بالحياة، ولهذا أمر جدعون قائلًا " والآن نادٍ في أذان الشعب قائلًا من كان خائفًا ومرتعدًا فليرجع وينصرف من جبل جلعاد. فرجع من الشعب اثنان وعشرون ألفًا. وتبقى عشرة آلاف" (قض 7: 3) وهذا يطابق ما جاء في وصية موسى من قبل " ثم يعود العرفاء يخاطبون الشعب ويقولون من هو الرجل الخائف والضعيف القلب. ليذهب ويرجع إلى بيته لئلا تذوب قلوب أخوته مثل قلبه" (تث 20: 8) فقد استبعدت الشريعة الخائفين من الحرب، وأيضًا من بنى بيتًا ولم يدشنه، ومن غرس كرمًا ولم يبتكره، ومن خطب امرأة ولم يأخذها.
وقد اختار الله 300 رجل فقط لكيما يكون فضل النصرة لله وليس للشعب، وهذا ما أوضحه الله لجدعون عندما قال له " أن الشعب الذي معك كثير عليَّ لأدفع المديانيين بيدهم لئلا يفتخر عليَّ إسرائيل قائلًا يدي خلصتني... لم يزل الشعب كثيرًا" (قض 7: 2، 4).
2- أمر الله جدعون أن ينزل بالعشرة آلاف ليشربوا من الماء في يوم حار وجاف، فالغالبية العظمى أهملوا سلاحهم وجثوا على ركبهن ليشربون الماء، ولم يظهر على هذا المسرح سوى ثلثمائة رجل حافظوا على سلاحهم، ولم يتخلوا عن وضع الاستعداد، فقط مالوا يرفعون الماء بأيديهم إلى أفواههم ويلغُّون بألسنتهم مثل الكلب، فقال الله لجدعون بهؤلاء أخلص إسرائيل، فهؤلاء الرجال هم اليقظون الحذرون الأكثر ضبطًا لأنفسهم، الذين اكتفوا بقدر ضئيل من الماء، لأن كل حواسهم ومشاعرهم وأفكارهم كانت مركزة تجاه المعركة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1007.html
تقصير الرابط:
tak.la/pw3v2q2