ج: 1- كان أمام جدعون هدفًا واضحًا يشغل كل تفكيره ومشاعره وهو القضاء على ملكي مديان، فطالما أن الملكين حيين فالخطر على بني إسرائيل لن يتوقف، بل سيعودان إلى بلادهما ويكونا جيش آخر، ويعيدان الكَرَة تلو الأخرى، ولذلك لم يشغل جدعون نفسه بخصومة جانبية قد تتصاعد إلى قتال وحرب مع بني جلدته، بدون داعٍ وبدون هدف، وقد أنقذ هذا الموقف المتأزم تواضع جدعون، فاستطاع أن يمتص غضب رجال أفرايم بكلمات مدح قليلة قائلًا " ماذا فعلت الآن نظيركم " أي ماذا صنعت أنا مما صنعتموه أنتم الذين تصديتم لفلول مديان الهاربة، وقتلكم أميرهم غرابًا وذئبًا. وقال لهم أيضًا " أليس خصاصة أفرايم خيرًا من قطاف أبيعزر " أي أضعف من فيكم وأقل شأنًا لهو أعظم من أفضل رجال عائلتي، وبسهولة كسر تواضع جدعون كبرياء وتشامخ أفرايم، وأطفئ لهيب غضبهم ولا سيما أنهم كانوا يشعرون أنهم أفضل من غيرهم من الأسباط، إذ حصلوا على بركة مضاعفة من أبيهم يعقوب، ومنهم خرج يشوع بن نون رجل الله، فهدأت نفوسهم، إذ ضمَّد جدعون كرامتهم الجريحة حتى قال الكتاب عنهم " حينئذ ارتخت روحهم عنه".
2- كلمة " خصاصة " المقصود بها بقايا الثمار بعد جني المحصول، وغالبًا ما كانت تترك للفقراء والغرباء واليتامى وطيور السماء. أما كلمة "قطاف" فالمقصود بها القطفة الأولى من الثمار. فقال جدعون أن خصاصة أفرايم أي الضعفاء والمهملين في أفرايم لهم أفضل من قطاف أبيعزر أي أفضل من أعظم رجال عائلة أبيعزر التي خرج منها جدعون.
3- يقول " القمص تادرس يعقوب": "كان يمكن لجدعون أن يوبخهم، لأن المديانيين استعبدوهم 7 سنوات ولم يتحرك منهم أحد، لكنه كقائد حكيم أبرز منهم الجانب الطيب، موضحًا أن ما عمله لم يكن إلاَّ استعداد للمعركة، وأما هم فقاموا بالعمل اللائق بكرامتهم وعظمتهم، فكسبهم في صفه عوض أن يخسرهم كأعداء يقاومونه، لقد حسب أفرايم صغير النفس محتاجًا إلى كلمة تشجيع لا إلى مقاومة وتوبيخ"(1).
_____
(1) تفسير سفر القضاة ص 82.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1008.html
تقصير الرابط:
tak.la/pk47pxz