St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   atheism
 
St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   atheism

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب رحلة إلى قلب الإلحاد، الجزء الأول: الإلحاد.. بذار ورجال - أ. حلمي القمص يعقوب

8- الفصل الرابع: شهوة الكبرياء

 

س6: لماذا يلجأ الإنساني الشهواني المتكبر للإلحاد؟

ج: قيل أن "وراء كل إلحاد شهوة" وهذا القول صحيح إلى حد بعيد، فعندما يسقط الإنسان في الشهوة والشر وهو يعرف أن للشر عقوبة زمنية وأبدية، فإن كان متواضعًا فأنه يقدم توبة واعترافا ملتمسًا من الله أن يصفح عنه ويتغاضى عن خطاياه. أما إن كان متكبرًا عنيدًا، ولا يريد أن يتخلى عن الخطية والفساد، ويود أن يهرب من الدينونة والعقاب، فكيف يحل هذه المعضلة؟ وكيف يريح ضميره..؟ أنه يلجأ إلى إنكار وجود الله، وبالتالي فهو حر يفعل كل ما يشاء خيرًا كان أم شرًا. والكبرياء يلقي بالإنسان في الجهل والعمى الروحي، فعندما فتح السيد المسيح عيني المولود أعمى، وعوضًا أن يمجد الفريسيون الله تزمَّروا بشدة لأن السيد المسيح صنع طينًا وطلى عيني المولود أعمى في يوم سبت، ولم يتواضعوا ليقبلوا عمل الله " فقال يسوع لدينونة أتيتُ أنا إلى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذي يبصرون" (يو 9: 39) وهذا ما أوضحه بولس الرسول في موضع آخر " إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح" (2 كو 4: 3) فالكبرياء هي جهل بحقيقة الله المتواضع المُحب " قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مز 14: 1) والكبرياء تؤدي لكسر الإنسان " قبل الكسر يتكبر قلب الإنسان" (أم 18: 12) ولا يوجد أكثر وأصعب من كسر الإلحاد وإنكار وجود الخالق، ففي الوقت الذي يظن فيه الملحد أنه أنتصر وكسب وربح وأبتعد عن العقيدة والديانة، فإنه في الحقيقة يخسر كل شيء. والكبرياء رجس، فعندما واجه السيد المسيح الفريسيين الذين يتكبرون ويستعلون على الناس " فقال لهم أنتم الذين تبرَّرون أنفسكم قدام الناس. ولكن الله يعرف قلوبكم. إن المستعلى عند الناس هو رجس قدام الله" (لو 16: 15).

St-Takla.org Image: Man, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: Man, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: رجل، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

 لقد كان الشيطان ملاكًا وسقط بسبب الكبرياء عندما قال " أرفع كرسي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي" (أش 14: 13، 14) والشيطان المتكبر لا يكف عن نفخ الكبرياء في أتباعه، فقال " كارل ماركس " في قصائده المشهورة ضد الله " أنني أريد فقط أن أنتقم بكل جوارحي من ذلك الواحد الذي يسكن السماء، متسلطًا على البشر.. لقد خطف مني كل شيء.. كل العوالم تبخرت بين يديَّ، ولم يبقَ لي سوى الانتقام المُر.. سوف أعلو بعرشي فوق الرؤوس" (1).

 وقد يقود الإنجاز العلمي الإنسان المتكبر إلى الإلحاد، ويقول "رأفت شوقي": "أن النجاح الخارق الذي حقَّقه العلم والتقنية ملأ البعض بشحنة من الكبرياء جعلتهم يأنفون من أي ارتباط بكائن أسمى، وحملتهم على الاعتقاد بأن الإنسان هو سيد الكون بقوته الذاتية وقادر على كل شيء.. إن هناك نزعة شعبية أُعجبت بالعلم وإنجازاته وبما حققه الإنسان، وأخذت هذه النزعة تُغيّر ما كان يُنسب مباشرة إلى الله على أنه ينسب ويفسر علميًا، وبالتالي الاستغناء عن الله والإيمان به" (2) والحقيقة أن الإنجاز العلمي هو وليد العقل البشري، والله هو صاحب الفضل الذي أنعم على الإنسان بعقل مُفكر مبتكر، وهو الذي يشرق على الإنسان بنور علمه الإلهي (أعطيتني علم معرفتك) والأمر العجيب هو بدلًا أن ينسب الإنسان هذا الإنجاز إلى توفيق الله ومعونته، فأنه ينسبه لنفسه، فيُضرَب بداء الكبرياء، ويرتفع بعقله، حتى يجعله سيدًا وإلهًا، ويعبده عوضًا عن الله، وتتضخم ثقة الإنسان المتكبر بعقله بينما تتضاءل ثقته بإلهه، ونحن لا نهاجم العلم ولا نقلل من أهميته، إنما نعترض على من يُؤلّه العقل الذي أنجب لنا هذا العلم العظيم، فمن الأمور الإيجابية للعلم أنه يسعى دائمًا نحو الحقيقة المجردة، والحقيقة دائمًا تقرّبنا إلى الله، وكم تلامس العلماء العظماء مثل " إسحق نيوتن" و"أينشتين " مع عظمة الله التي أبدعت الكون بهذه الروعة " السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 19: 1)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. والذين يدرسون أعضاء الإنسان ووظائف تلك الأعضاء كثيرًا ما يقفون لحظات عن التشريح ليسبحوا الله على عظمته وحكمته التي تفوق العقول، وأيضًا العلم جعل الإنسان يتخلى عن الخزعبلات التي آمن بها قديمًا، فقد نسب كل ما عجز عن تفسيره إلى إله معين، فجعل للبرق إلها وللرعد إلهًا وللمطر إلهًا وللنار إلهًا وللكواكب آلهة.. إلخ، والعلم هو الذي صنع ثورة الاتصالات التي ربطت بين البشر في كل مكان، حتى صار العالم كله مثل قرية صغيرة فما يحدث في ركن منها يُسمع في بقية الأركان، وأيضًا الحقائق العلمية الصحيحة نجدها متوافقة مع ما جاء في الكتاب المقدَّس.. كل هذه الأمور الإيجابية للعلم يهدرها الإنسان عندما يؤله نفسه ويقول ليس إله، ويهدرها عندما يسعى للسيطرة على الغير ويصنع حروبًا مع أخيه الإنسان (راجع أ. رأفت شوقي- الإلحاد نشأته وتصوُّره ج1ص31، 32).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) أورده القس أنجليوس جرجس - وجود الله وصور الإلحاد ص 82

(2) الإلحاد.. نشأته وتطوُّره ج 1 ص 29، 33


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/atheism/pride.html

تقصير الرابط:
tak.la/v2j742x