أسماك السلمون وثعابين الماء: تخرج أسماك السلمون من المياه العذبة وتتجه للمياه المالحة لتعيش حياتها، وحينما يحين وقت التكاثر تقطع هذه الأسماك رحلة 4000 كم من المكان الذي تعيش فيه إلى المكان الذي خرجت منه للحياة في المياه العذبة، متخطية كل العقبات مثل الأمواج والتيارات المضادة، ثم تضع الأنثى نحو 3000 - 5000 بيضة، والذكر يقوم بتلقيحها، وبعد أن تكون هذه الأسماك قد بدأت رحلتها وهي لونها أحمر براق تصل في نهاية المطاف بعد رحلة الأربعة آلاف كيلومتر وقد أسوَّد لونها، وأُنهكت وتآكلت زعانفها الذيلية، وتتعرض للموت حتى تفيض مياه النهر بمثل هذه الأسماك الميتة، بينما تبدأ الصغار رحلتها عبر آلاف الكيلومترات لتصل إلى المكان الذي عاش فيه أسلافها، وهلم جرا...
ويقول الدكتور " كريسي موريسون".. " إن الطيور لها غريزة العودة إلى الموطن، فعصفور الهزاز الذي يعيش بالأبواب، يهاجر جنوبًا في الخريف، ولكنه يعود إلى عشه القديم في الربيع التالي، والحمام الزاجل، إذا تحيَّر بعض الوقت من جراء أصوات جديدة عليه وهو في رحة طويلة داخل قفص، فإنه عند خروجه يحوم برهة ثم يقصد قدمًا إلى موطنه دون أن يضل .
وثعابين الماء متى اكتمل نموها، هاجرت من مختلف البرك والأنهار لعدة آلاف من الأميال في المحيط قاصدة كلها إلى الأعماق السحيقة جنوبي جزيرة برمودا على ساحل أمريكا الشمالية الشرقي وهناك تبيض ثم تموت. أما صغارها، تلك التي لا تملك وسيلة (بعد موت أمهاتها) لتعرف بها أي شيء سوى أنها في مياه قفرة، فإنها تعود أدراجها وتجد طريقها إلى كل نهر أو بحيرة أو بركة صغيرة حيث كانت أمهاتها، ومتى أكتمل نموها دفعها أيضًا ذلك القانون الخفي إلى الرجوع إلى نفس الجزيرة لتبيض ثم تموت هي أيضًا، وليستأنف صغارها أيضًا نفس الدور. ومن ثمَ لم يحدث قط أن صُيد ثعبان ماء أمريكي في مياه أوربا، ولا ثعبان ماء أوربي في مياه أمريكا... فهل الذرات والهباءات إذا توحدت معًا في عصفور أو حمامة أو ثعابين ماء، يكون لها حاسة التوجه وقوة الإرادة اللازمة للتنفيذ، أم هو الله الذي خلقها بهذه الغريزة ويوجهها في طريقها حتى لا تحيد عن مسلكها" (العلم يدعو للإيمان ص 111 - 124) (154).
ويقول الأستاذ ميشيل تكلا أن " هجرة ثعبان السمك المصري الذي يقطع أربعة آلاف ميل إلى أماكن وضع البيض في أعماق المحيط بالقرب من جزر الهند الغربية، ولكي يصل إلى المحيط الأطلسي لابد له أن يعبر البحر الأبيض ويعثر على مضيق جبل طارق، فكيف يفعل ذلك؟ لا يزال العلم غير قادر على تفسير هذه الظاهرة، والبحث متواصل لحل هذا اللغز، وليس أمام العلماء من شيء غير إرجاع هذه المقدرة الفذة إلى قوة الغريزة وفعلها...
الحقيقة إن الخالق العظيم وضع إبداعه في جينات مخلوقاته من الحيوانات والطيور... فحكمة الحيوان تنبع مما غرسه فيه الخالق من غرائز. وإثباتًا لذلك فإن حيوان الخلد لديه تقنية فريدة في أنواعها لضمان إمداد نفسه بالغذاء الطازج من الديدان الأرضية الرطبة والملتوية، وإذا قتل الخلد الديدان التي يقتنصها فإنها تذبل في الحال وتتقلص ويصبح لا طعم لها، وبدلًا من ذلك يقوم الخلد بنزع نهاية رأس الدودة، وهو في هذه الحالة لا يقتلها بل يجعلها غير قادرة على الهرب، وهو يعمل ذلك بوحي من الغريزة... كما إن لنوارس البحر طريقة فنية لفتح المحار المُحكم الغلق تثير أحيانًا دهشة الإنسان لقوة فعل الغريزة، يلتقط النورس محارة مغلقة ويطير بها إلى علو شاهق، ثم يلقي بها فوق صخرة فتنكسر على الأثر، ثم يهبط بسرعة البرق لالتهام محتوياتها... وقد زودت الطبيعة طائر الغطاس أو كما يسمونه بالغواص الجهنمي بقدر كبير من البراعة في إخفاء عشه الذي يبنيه فوق المستنقعات، فعندما تقع عيناه على عدوه يتجه نحوه يسحب على الفور حصيرة من النباتات الغضة ويغطي بها عشه، ثم يغوص في الماء دون أن يحدث أي رجة، ويعود إلى الظهور بعد مائة قدم من المكان" (155).
_____
(154) أورده برسوم ميخائيل - حقائق كتابية ج 1 ص 216
(155) جريدة وطني في 5 نوفمبر 1995م
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/atheism/contemplation4.html
تقصير الرابط:
tak.la/gvj87yt