(1) المُحاكمة أمام حنَّان: في قصره. وفيها سُمعت أقوال المسيح المبدئية: ولم يَرْوِها إلاَّ القديس يوحنا الحبيب. (يو18: 12-14، 19-24).
(2) المُحاكمة أمام مجمع السِّنْهِدْرِيم برئاسة قَيَافَا: مُحَاكَمَة دينية على المستوى اللاهوتي حول هل يسوع ابن الله. وإقراره بذلك (مت57:26-68). وهي جلسة غير اعتيادية في منتصف الليل، ولذلك فهِي غير قانونية. ثم استهزاؤهم به وإنكار القديس بطرس له، في أورشليم يوم الجمعة العظيمة.
(3) المُحاكمة أمام مجمع السِّنْهِدْرِيم وشيوخ الشعب، الهيئة القضائية اليهودية العليا بمساندة الشعب كجلسة رسمية وحيدة من جهة القضاء الديني: في الصباح الباكر في الجناح الجنوبي للهيكل "في بيت المدراش"؛ ليجعلوا ما فعلوه ليلًا أمرًا رسميًا. (لو66:22-71). وندم يهوذا، وانتحاره بأورشليم يوم الجمعة العظيمة. وإرسال الرب إلى هيرودس: فتبدأ المحاكمات المدنية الرومانية الثلاثة.
ويُحدد الأب متى المسكين المخالفات القانونية فيقول:
اكتشف المتخصِّصون مخالفات قانونية في الأحكام اليهودية والتوراة في هذه المُحَاكَمَة[122]:
أ. لا ينبغي أن تُجرى مُحَاكَمَة توجِب القتل ليلًا.
ب. ممنوع أن تُجرى محاكمات، وخاصة في جريمة يُمكِن أن يُحكَم فيها بالقتل يوم السبت أو يوم عيد عظيم كاليوم الأول من الفِصْح.
ت. بحسب تفسير الربيِّين لا يصح سماع أقوال بالنسبة للقضايا الكبرى في عشية الأعياد.[123]
ث. القبض على المسيح[124] تمَّ من خلال رشوة[125]، دُعيت "ثمن دم" [126]أخذها يهوذا من رئيس الكهنة.
ج. تم استِجواب المسيح كمُتهم ولكن طُلِب منه أن ينطق بما يُجَرِّم نفسه.
ح. لا يصح الوصول إلى الحكم بالقتل نتيجة اتهام إذا لم يقتنع المتَّهم بعدالة المُحَاكَمَة.
يقول العالِم دالمان في تحقيقاته القانونية في صَلْب المسيح: [إن السبب الوحيد الذي من أجله قُدِّم المسيح للمُحَاكَمَة أنهم أرادوا أن يقتلوه[127] وحسب. فمنذ أن بدأ المسيح يُعلِّم ويكرز بملكوت الله وقد ظهرت إرادة قتله لدى رؤساء الكهنة والكتبة، وقد اكتشفها بيلاطس الروماني نفسه، «أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا.» (متى18:27)!! ولكن ليجعلوا القتل قانونيًا أدخلوه المُحَاكَمَة. وهي ليست مُحَاكَمَة بل مؤامرة للقتل. ولمَّا قتلوه عيَّروه: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!» (مر31:15).][128] [فكان قَوْلُهم هذا هو رسالته الحقيقية التي جاء من أجلها: أن يبذل نَفْسُهُ ليُخلص الآخَرِينَ «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا16:3).وهكذا اتخذوا قرار موته بلا مُحَاكَمَة، بلا جريمة. بل كانت جريمته إكرام شعبه له، ورغبتهم أَن يملك عليهم. وكانت هاتان الجريمتان كافيتين في نظر الحاقدين أَن يحكموا عليه بالموت.][129]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
· كانوا يَطلبون أن يَقبضوا علي الرب سرًا خَوفًا من الشَعب. وكانوا يُسرعون إلى المُحاكمة، وتَنفيذ الحُكم قبل الاحتفال بعيد الفِصْح، لذلك دَفع رؤساء الكَهنة وشيوخ الشَعب الرعاع إلى إثارة الشَغب. ثُم أرادوا الإسراع إلى تَسليمه إلى أيدي الرومان قَبل أن تَنفضح أساليبهم الشريرة، فكان عَليهم سَريعًا تلفيق التُهم ضده. فقد انتقل من حَنان رئيس الكَهنة الماكر إلى قَيَافَا رئيس الكهنة الرسمي دون أن يُمسكوا عَليهِ تُهمة كافية.
· التجأوا إلى شُهُودُ زُورٍ ليشهدوا ضد المسيح: فيقول القديس متى: «وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ، لَمْ يَجِدُوا. وَلكِنْ أَخِيرًا تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ وَقَالاَ: "هذَا قَالَ: إنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَنْقُضَ هَيْكَلَ اللهِ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِيهِ"» (متى59:26).
· استحلف رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ ثم أدانه على ما قاله: « قَالَ لَهُ: "أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ"؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ". فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِينَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلًا: "قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ! مَاذَا تَرَوْنَ"؟ فَأَجَابُوا وَقَالوُا: "إنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ".» (متى26: 63- 66).
· ينبغي أن تُناقَش هذه التُهَم الخطيرة أمام مجلس السِّنْهِدْرِيم في مَقرِّه الرسمي وليس في بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. أما هم «فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ.» (لو22: 53- 54).
· [اتهم رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ الرب يسوع أمام بيلاطس تهمًا غير التي من أجلها قبضوا عليه، فقد كانت التهمة أمام السِّنْهِدْرِيم التي قُبض عليه بسببها هي التجديف وقالوا: «قَدْ جَدَّفَ! مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إلَى شُهُودٍ؟ هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ!». ولكن لأنهم يعلمون أن مثل هذه التهمة لا تعني شيئًا عند الرومان، لذلك أمام بيلاطس استُبدِلت تُهمة التجديف بأخرى تَهُمُّ الحكومة الرومانية، هي الخيانة العُظمى ضد قيصر][130] بتحريضه الشعب ضد دفع الضرائب، وادعائه أنه ملك، وإثارة الشغب، وهي اتهامات غير صحيحة.
_____
[122]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص788.
G. Dalman. Jesus- jeshua. The Crucifixion of Jesus from the Standpoint of Pharisaic Law’’. JBL (Dec-).pp. 315
[123]المشنا: فصل 5 مقطع 5، عن الأب متى المسكين، شرح إنجيل يوحنا: الجزء الثاني، دير القديس انبا مقار 1990م ص1115.
[124]كان المَسيحُ موثقًا قَبل أن يَكون مُدانًا، وكانوا يُفَتشون عن تُهمتَيْنِ ليَجعلوهُ مُذنبًا أمام اليهود وأمام الرومان. مُحاولين أن يَظهروا بالعدل.
[125]وهذا أمر مَعيب. فلو كان القضاء اليهودي أكثر دِقة، لقُضِي ببطلان الإجراءات. وقد استخدم رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الرشوة ثلاث مرات: مرةً مع يهوذا ليُسَلِّمه لهم، وإذ أعاد المال لهم لم يستطيعوا أن يقبلوه لأنه ثمن دم!. وثانيةً لجَلْبِ شهود زور ضد ربنا يسوع. وثالثةً للجنود المكلفين بحراسة القبر إذ« تَشَاوَرُوا وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً قَائِلِينَ: "قُولُوا إنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلًا وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ".» (مت28: 12)
[126]واجب الكهنة أن يُرشدوا الشعب إلى التوبة، فيكونوا وُسطاء لمُصالحتهم بالله، ولكن رجع يهوذا إلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ نَادِمًا وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ قَائِلًا: «قَدْ أَخْطَأْتُ إذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا»، فلم يقودوه إلى التوبة، بل قَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!»، وسلموه لليأس «فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ومَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ.» (متى3:27-5). فتخلوا عن واجباتهم كرُعاة، وعن بحثهم عن العدالة.
[127]حَكَمَ اليهود على يسوع بالموت قبل أن تبدأ محاكمته. فالقديس مرقس يقول: « وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ» (مر1:14، 2). ويقول القديس يوحنا: «فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَيَافَا، كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: "أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا، وَلاَ تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا"!» (يو49:11، 50).
[128]G. Dalman, S. Rosen Blatt, The Crucifixion of Jesus from the Standpoint of Pharisaic Law.
[129]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص788.
[130]فرانك ج. باول، محاكمة يسوع المسيح، ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم، مراجعة الأنبا غريغوريوس، ص19.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/religious-summary.html
تقصير الرابط:
tak.la/g4s6cf7