محتويات: (إظهار/إخفاء) |
ما هذِهِ
الْكَأْسُ؟ هل للسيد المسيح إرادتان أو مشيئتان؟ هل كان الرب خائفًا من الصليب؟! ما معنى مَلاَكٌ يُقَوِّيهِ؟! هل حدث كسر في عظام المِعصَم؟ دَمٌ ومَاءٌ |
رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ والْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ، كما رَأَى الْمُجْتَازُونَ المجَدِّفُونَ، وَالْجُنْدُ المُحيطون بالصليب الربَ يسوع يُسلم الروح، وسمعوه ينَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». (لوقا46:23).
ثُم دفَنَه يوسف الرامي، ودحرج عليه حجرًا كبيرًا (متى60:27). وذهبوا إلى القبر وختموه بخاتم الوالي، وأقاموا العسكر وشدَّدوا الحراسة (متى66:27).
ومع كل هذا فهناك اعتراض حول موت السيد المسيح!!
فقد صلى الرب ثلاث مرات: «يَا أَبَتَاهُ، إنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ» (متى39:26).
وقال مار بولس في رسالته إلى العبرانيين: «الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ.» (عب5: 7،8).
فهل بعد عبارة: «يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ» مات المسيح ؟!
وما معنى «يَا أَبَتَاهُ، إنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ»؟
«يَا أَبَتَاهُ πάτερ μου»: فرقٌ كبير بين بُنوتنا وبُنوة الابن الوحيد الجنس. فإن كنا ندعو الآب "أبانا"، لكن المسيح وحده يخاطبه «يا أبتاه». ولذلك فَصَل الرب في حديثه بين أُبوة الآب له وأبوته للبشر وقال: «أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإلهِي وَإلهِكُمْ» (يوحنا17:20).
τὸν πατέρα μου καὶ πατέρα ὑμῶν καὶ θεόν μου καὶ θεὸν ὑμῶν.
وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ» (مر36:14): وهو [نداء جاء ثلاث مرات في العهد الجديد: مرة على لسان الرب يسوع، في صلاته في جَثْسَيْمَانِي، ومرتَيْنِ على لسان مار بولس الرسول:
1. نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ» (رومية15:8) ᾧ κράζομεν· αββα ὁ πατήρ.».
2. صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ». (غلاطية6:4). κρᾶζον· αββα ὁ πατήρ».] [394]
[وعبارة: «يَا أَبَا الآبُ» ترجمة حرفية لـ« αββα ὁ πατήρ» وكلمة «αββα» آرامية سريانية وتعني يا أبي. وتُرجمت هذه العبارة: «abba `viwt»[395] في القبطية، و«ܐܰܒ݂ܰܐ ܐܰܒ݂ܽܘܢ»[396] في السريانية، «أَبَا أيها الآبُ»[397] في اليسوعية القديمة، وفي الدومنيكانية، و«أَبَا! أبتاه!» في البولسية، و«يَا أَبَتاه» في اليسوعية 1969 م.، و«أَبَا يَا أَبَا» [398]في الترجمة المشتركة، و«أَبَا، أيها الآبُ» في ترجمة الكسليك، و«أَبَا، يا أبتِ» [399]في اليسوعية الجديدة، و«أيها الآبُ أبانا»[400] في الترجمة الرعائية . وكلمة "الآب ὁ πατήρ" التي تأتي بعد "أَبَا αββα" هي تفسير لها، وبناءً عليه، اقترحنا أن تُعتَبر "أَبَا" مساوية "أيها الآبُ".][401]
ورغم صلاة الرب: «فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ»، فصَلْب المسيح حقيقةٌ ثابتةٌ في الكتاب المقدس، (يو20:19). تنبأ عنها العهد القديم في صورة مؤكَدة فقال: «ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ» (مزمور16:22)، وكَأَنَّ الحَدَث قد تم فعلًا، «وأُحْصِي كُلَّ عِظَامِي» (مز17:22). «يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ» (مز18:22). «وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلًّا» (مزمور21:69). «فَيَنْظُرُونَ إلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ» (زكريا10:12).
ولم يتنحى الربُّ عن الصليبَ. بل عندما قال له مار بطرس: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!» (أن يُسلم للموت)، انتهره قائلًا: «اِذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي» (متى22:16-23).
وقال الرب: «أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي.» (يوحنا18:10). فكيف يسأل الآب أن ينجيه من الصليب؟! وهذا يتعارض مع قول مار بولس: «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي6:2-8).
يقول ذهبي الفم: [إنْ كان الرب لا يريد أن يُصلَب، ويرغب أن يُفلت من الصليب ويطلب هذا من الآب، فكيف يجب أن يبذل ذاته؛ لأن المحبة تظهر مما يكمن في إرادة كل أحد.][402]
قال السيد المسيح لابني زبدي: «أتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا» (متى20: 22) فما هِيَ هذِهِ الْكَأْسُ؟ أهِي كأس الموت، نيابةً عن البشر؟ بالطبع ليس هذا هو المعنى. لماذا؟!:
أولًا: لأن الرب لا ينتظر أن يموت تلميذاه نيابةً عن البشر؟ ويقوما بعمل الفداء!
وثانيًا: لا يمكن أن يتنحى الرب عن عمل الفداء، فلماذا تجسد إذن؟! يقول القديس البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية: [ما هي الضرورة أن يتجسد الكلمة، أليس من أجلنا لفدائنا؟][403]
لذلك قال الرب «وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إلَى هذِهِ السَّاعَةِ» (يو12: 27). وقال: «أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يوحنا11:10). إذَن لا يمكن أن تكون الكأس هِيَ كأس الصليب، فقد صُلب مار بطرس فيما بعد، مُنكَّس الرأس، ولم يهرب. وأندراوس قَبِل الصليب بفرح وعانقه. وقبِلَ الشهداء الحرق والغلْي في الزيت، واستشهدوا بأنواعٍ وطرق كثيرة. فبالأولى لا يخاف من الموت رب الحياة.
هناك إجابتان على هذا السؤال:
أولهما: يعلن المسيح بصلاته هذه أن تَأنُّسَه حقيقي، وأنه إنسانيًا يرفض الألم؟ لذلك طلب أَنْ تَعْبُرَ عَنْه هذِهِ الْكَأْسُ؟ وتؤكد مخطوطة Mai اليونانية [ أن خوف المسيح من الموت ليُثبت أنه إنسانٌ حقيقي؛ فالخوف جزء من صفات الطبيعة البشرية.][404]
والمصلوب سيحمل الخطية واللعنة: «وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إثْمَ جَمِيعِنَا» (اش53: 6). [وصلاة الرب أن يعبر عنه الكأس، هي رفض للخطية والشر واللعنة التي سيحملها وهو القدوس الطاهر. فمن الطبيعي أن يرفض القدوس حَمْلَ الإثم، ولكنه إراديًّا من أجل الحب يحمله. «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا» (2كو5: 21). والكأس هي قبول خطايا البشرية جميعًا وكل عارها وصفاتها التي تتعارض مع علاقته بالآب.][405]
وثانيهما: الكأس في حقيقتها الموت.
يشرح القديس مار بولس الرسول هذه النقطة في رسالته إلى العبرانيين فيقول:
«الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ.» (عب7:5).
في أيام جسده: يقصد في زمن تجسُّد الرب وآلامه (1بط 4: 1).
إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ: لم يحاول الرب الهرب من الصليب، بل لهذا جاء إلى أرضنا لأنه «لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إلَى هذِهِ السَّاعَةِ» (يو12: 27). وتنبأ عن ألامه وموته. ولكن الضرب بالسياط ودَقَّ المسامير في جسده، ما دام التجسد حقيقي جعله يصرخ بشدة، صرخ لأجلنا نائبًا عنا، وقَبِلَ العار. صرخ في بستان جثسيماني وعرقه يتصبب مثل الدم، وطلب أن تجوز عنه هذه الكأس. تحمل آلام حقيقية، وكإنسان طلب أن تُرفَعَ عنه هذه الكأس، ولكنه إذ هو واحد بلاهوته مع أبيه، مشيئتهما واحدة، أخضع إرادته الإنسانية الرافضة للألم، للإرادة الإلهية ليُخلص البشر.
قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ: ليس هذا معناه أن الآب استجاب له فلم يمت، بل استجاب فأقامه من الموت، ليقيمنا فيه، فنحن جسده الذي طلب له الخلاص. بالموت داس الموت. وخلص البشر من الموت، وعند صراخه استجاب له الآب، وبموتهم فيه في المعمودية وقيامتهم متحدين معه في قيامته.
[ كان مُقبلًا على آلام رهيبة، وطلب قوة للاحتمال حتى لا يموت من هول الآلام قبل الصليب؛ لكي يُكمل الفداء على الصليب فيقول "قَدْ أُكْمِلَ". وبالفعل أتم عمل الصليب. وهذا معنى قول الرسول «وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ، سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ» (عب5: 9). ومعنى سُمِع له أنه لم يمت قبل أن يتم الفداء بالصليب وأن يُسَلِّم روحه بسلطانه وبإرادته الكاملة. وكانت هذه إرادة المسيح أن يُصلب، والصليب لعنة، وقد أراد المسيح أن يحمل عنا اللعنة التي جاءت علينا بسبب الخطية فتحولت اللعنة إلى بركة][406].
مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ : انتصر الرب على إبليس والموت؟ "لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ." (يو30:14)، ليس فيه خطية فليس للموت سلطان عليه، داس الموت ببره. كان إبليس يقبض على أرواح البشر في الجحيم، أما المسيح الذي بلا خطية لم يتمكن من القبض على روحه، بل قبضت روح المسيح المتحدة بلاهوته على إبليس وقيده. ومات الربُ فداءً عن البشرية. وقوله سُمِع له مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ: يعني استجابة الآب لشفاعته الكفارية كرئيس كهنة يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا.(عب4: 15، 16 ، 5: 1).
«مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ.» (عب8:5)
كان الرب مُنهكًا جسدًا ونفسًا، وكان ممكنًا أن يموت قبل وصوله إلى الصليب؛ لذلك طلب أن تجوز عنه هذه الكأس، فيُسانِد اللاهوت الناسوت وتُحفَظ حياتُه حتى يَصِل إلى الصليب. لذلك قال الرب: «يَا أَبَتَاهُ، إنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ» (متى39:26). فالموتُ ثمرة الخطية، وحَمَلَ الابنُ خطايا العالم كله في كل زمان ومكان، حاملًا عار خطايا البشرية، حاملًا غضب الآب الكامل ولعنة الخطية.
ويُعلق القديس كيرلس الإسكندري فيقول:
[هل أنت أيضًا يا رب ترتعب من الموت؟ وتتراجع عن الألم؟! ألستَ أنت الذي علَّمتَ الرسل القديسين ألاَّ يُبالوا بهما قائلًا: «لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ» (مت28:10). وأكثر من هذا، فنعمة الثبات هي عطيَّتك؛ وكل قوة وثقة وشجاعة هي منك. فأنت الحياة، وعلَّة الحياة. يحدثك داود قائلًا: «تُرْسِلُ رُوحَكَ فَيُخْلَقُونَ» (مز30:103). كيف إذن تحْزَن وَتكْتَئِب حَتَّى الْمَوْتِ؟ أنت هو الله بالطبيعة، وتعلم أنه باحتمالك الموت في الجسد تُحرِّر البشرية منه، وتغلِب الهاوية، وتجذِب إليك أرواح القديسين. ونحن سمعناك تقول: «اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إلَيَّ الْجَمِيعَ» (يو31:12،32][407]
كان المسيح قادرًا أَن يهرُب من الموت بقوة كما فعل من قبل. لكنه لأجل الفداء أَتَيْ إلَى هذِهِ السَّاعَةِ».
· ذهب للبستان الذي يعرفه يهوذا في الوقت المحدد وقال: «هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُني قَدِ اقْتَرَبَ».
· قال: «أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يو10: 11).
· قال لليهود: «انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (يو19:18). وقال: «كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ». (مت12: 38-41، لو11: 29- 30).
· قال: «أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ... يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ». وعندما أراد سمعان أن يمنعه قائلًا «حَاشَاكَ يَا رَبُّ»! قال له الرب: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي» (متى16: 21-23).
يقول القديس إيرونيموس (جيروم): [فلتحمَرَّ خجلًا وجوه الذين ظنوا أن الموت رَوَّع المسيح، وأنه صلى مرتعِبًا من الآلام. فهو عَلِم أنه بعد يومين سيقع الفِصْح ويُسلَّم ليُصلب، ومع هذا لم يهرب بل قَالَ لَهُمْ: «شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ» (لو15:22) قبل أن أتألم.][408]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
أكمل الرب قائلًا: «وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». (متى39:26)(مر36:14، لو42:22).
كان لابد أن يقدم الرب ذاته ذبيحة كفارية، وأن يشرب كأس الألم الحقيقي، نِيرانًا تحرق ذبيحة المحرقة إلى نهايتها. ولابد أن يحتمل إلى أن يَستوفي العدل الإلهي حقَّه كاملًا. فقد تأنسَ حقًا، وصار آدم الثاني، حاملًا خطايانا، حاملًا قَصاصَها، مُنحنيًا تحت الغضب الإلهي.
ويقول القديس جيروم: [لنُقدِّم الشكر لأن ليسوع جسدٌ حقيقي ونفسُ حقيقيّة. فلو أن الرب لم يأخذ الطبيعة الإنسانيّة بكاملها لما خلَّص البشريّة. لو أنه أخذ جسدًا فقط، لخلَّص الجسد دون النفس، مع أننا نحتاج إلى خلاص النفس أكثر. فأخذ الجسد والنفس معًا ليخلِّصهما، يخلِّص الإنسان بكامله كما خلقه.][409]
ويقول القدّيس إمبروسيوس: [لكونه الله الذي لبِس جسدًا، قام بدور الضعف الجسدي؛ حتى لا يوجد عُذْر لدى الذين ينكرون التجسُّد. فأتباع ماني لا يُصدّقون، وفالنتيوس يُنكر التجسُّد، ومرقيون يَدَّعي أنه كان خيالًا، لقد أظهر نفسَه أنه يحمل جسدًا حقيقيًا.] [410]
«وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ» (مرقس14: 36، متى39:26).
ἀλλ’ οὐ τί ἐγὼ θέλω ἀλλὰ τί σύ·
ليس للابن إرادة غير إرادة الآب؛ إذ قال:
«أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ» (يو10: 30) ἐγὼ καὶ ὁ πατὴρ ἕν ἐσμεν.
واحدٌ في الصفات الجوهرية والمشيئة الحقيقية. فالرب أخذ إنسانيتنا كاملةً بكل صفاتها الجوهرية. والخطية ليست من صفاتها الأصلية، فقد كان آدم إنسانًا كاملًا قبل أن يخطئ، والخطية دخلت إليه بحسد إبليس. ولذلك قيلت عبارة «مَا خَلَا الْخَطِيَّةَ» (عب4: 15) كنوعٍ من الاحتراس والشرح.
وفي اتحاد اللاهوت بالإنسانية، نؤمن بمشيئة واحدة للإله المتأنس، ولهذا قال «لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (يو6: 38).
نعم هناك مشيئتان في الرب: مشيئة إلَهية تطلب الفداء؛ فيقبل أن يشرب الكأس، ومشيئة إنسانية تحمل الخوف من الصليب والألم، ولكن المشيئتين مُتَّحِدتان؛ فخضوع الناسوت للاهوت كامل. ولذلك قال: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لَا إرَادَتِي بَلْ إرَادَتُكَ» (لو42:22)، وهكذا صارت إرادة واحدة ومشيئة واحدة، وكانت مسرته أن يعمل مشيئة الآب.
يقول القديس ديونيسيوس السكندري الكبير، مُعلم الكنيسة الجامعة: [ عبارة «تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ» لا تعني "لا تُقَرِّبها مني" ... لأن الشيء الذي يجتاز عنه لا بد وأن يبلغه أولًا. ولأنه اتخذ لنفسه طبيعة الإنسان وقيل أنه صار جسدًا. فهو يطلب أن لا تُتمَّم إرادة الطبيعة الأدنى، رغم أنها طبيعته الخاصة، بل يطلب عوضًا أن تتم إرادة الطبيعة الأعلى، التي هي إرادة أبيه، أو هي الإرادة الإلهية التي بحسب الطبيعة الإلهية هي واحدة وهي نفسها موجودة فيه وموجودة في الآب].[411]
وخاطئة هي تعبيرات وليم باركلي في تفسيره لإنجيل القديس متى إذ قال: [ إن أحدًا لا يبغي أن يموت في سن الثالثة والثلاثين، ولا يبغي أن يموت متذوقًا مرارة الصليب وعذابه، لذلك فإننا نرى صراع يسوع في تسليم مشيئته لمشيئة الله... لقد كان خلاص العالم يتأرجح في الميزان في بستان جَثْسَيْمَانِي. فلو أن يسوع أدار ظهره للصليب، فإن الخيبة كانت تصيب قصد الله لأجل العالم. لكن يسوع عرف أن واجبه أن يسير في الطريق إلى نهايته، إلى الصليب.][412]
والعجيب أن وليم باركلي قد نقل عباراته هذه من إلِين هوايت نبية الأدڤنتست السبتيين[413]. واشترك وليم باركلي البروتستانتي، وإلِين هوايت الأدڤنتستية في تقديم صورة مُخجِلة عن السيد المسيح، إذ قدماه، تتصارع داخله الطاعة وقبول الألم، مع رغبة الهروب من الموت ومرارة الصليب، حتى تأرجح خلاص العالم في الميزان، وأخيرًا غلبت المشيئة الصالحة لخلاص العالم.
بينما كان هذا الصراع محلولًا في داخل الشهداء القديسين لقوة إيمانهم، من اللحظات الأولى، قليلٌ منهم
كان إيمانهم أقل واحتاجوا أن يتأرجحوا حتى يأخذوا قرارهم. وفي زمننا الآن رأينا شهداء قرية العور بمدينة المنيا الذين اصطفوا في هدوءٍ وتسليمٍ كاملَيْن على شاطئ البحر مُسَلِّمينَ رقابهم للذبْح، والسلام يملأ وجوههم، يرفعون قلوبهم بالصلاة، دون صراع، ودون تأرجُح، من أجل عِظَم محبتهم في الملك المسيح.
أفَهَل نُقدِّم الإله القدوس المتأنس، مترددًا في قبول الآلام الفدائية التي من أجلها جاء؟! نعم هي آلام مُضنية يَتَأَوَّهُ لها الجسد، إنما الرب وقد سلم مشيئته من اللحظة الأولى «لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ» تسليمًا بلا اهتزازٍ أو تأرجح. مشيئته واحدة هي مشيئة الآب التي هي مشيئة الِابْن دائمًا.
نعم هِيَ مشيئة واحدة من مشيئتَيْنِ؛ فإذا كان الإنسان البار تظهر فيه المشيئتين المتحدتين، بصورة غير
متصارعة، فبالأولى قدوس القديسين له المشيئة الواحدة، رغم الخوف الطبيعي للطبيعة الناسوتية من الألم والصلب والسياط وكل العذابات. وقد أشار مار بولس في رسالته إلى العبرانيين فقال:
«الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ، مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ.» (عبرانيين5: 7،8)
وهنا نسأل: ما معنى «وَسُمِعَ لَهُ»؟! هل خَلَّصَهُ الآب مِنَ الْمَوْتِ؟ أم مات الابن حقًّا بالصليب؟ نعم مات. لذلك فالمعنى، أن الآلام التي اجتازها رب المجد قبل الصليب، سواء ماديةً أو نفسية أو روحية، كادت أن تُميتَه قبل أن يَصِلَ إلى الصليب، ولذلك كانت صلواته وتضرعاته للآب في البستان تهدف إلى أن اللاهوت يُساند الناسوت؛ فلا يموت قبل الصليب، قبل أن يقول: «قَدْ أُكْمِلَ».
أما عبارة «مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ» فهذا هو الوحيد البار بلا خطيَّة وحده، الذي يَصلُح أن يموت بديلًا عن آدم المخطئ. فالفداء: بارٌ يموت بدلًا من مذنب. وهذا هو البار الذي يُمكنه أن يُقدِّم ذاته ذبيحة على الصليب، ويسفك دمه؛ لأنه «بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ» (عب9: 22).
يقول القدِّيس أوغسطينوس: [ إن إرادة الآب وإرادة الابن واحدة؛ فلهما روح واحد.. لقد جاء نيابة عنَّا نحن الذين رفضنا إرادة الله، فخضع للصليب بسرور من أجل الطاعة للآب، وفي نفس الوقت لأنه يريد ذلك: «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ» (يوحنا16:3). وكأنَّ البذل هو إرادة الآب المحب، وفي نفس الوقت إرادة الابن. فقال مار بولس: «أحبَّني وأسلم نفسه لأجلي» (غل20:2) باذلًا نفسه المملوءة حبًا. وهذا ما يُثبت ناسوته الحقيقي، وأنه سلَّم الإرادة للآب؛ ليَتعلمَ الطاعة بما تألم به.][414]
[الذي دعا الصليب مجدًا ووَبَّخ تلميذه بطرس؛ لأنه أراد أن يُعَوِّقه عن الصلب، وبرهن على أن الراعي الصالح هو الذي يبذل نفسه عن الخراف، وأنه أتى إلى الصليب بكامل إرادته، كيف يترجى ألا يحدث هذا؟! وعندما اقترب هؤلاء منه، «وقَالَ لَهُمْ: "مَنْ تَطْلُبُونَ"؟ أَجَابُوهُ: "يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ". قَالَ لَهُمْ: "أَنَا هُوَ". فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: إنِّي أَنَا هُوَ، رَجَعُوا إلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. (يو4:18). وبعدما أعْماهم أولًا، وبرهن على أنه كان يمكنه أن يهرب، إلا إنه سلَّمَ نفسه آنذاك؛ لكي نعلم أنه لا بإجبار ولا بعنف، قد عانى الصلب، بل بكامل إرادته، وأنه منذ زمن بعيد كان يَعِدُّ كل شيء للصلْب.][415]
يقول العلامة أوريجينُوس: [من المستحيل أن ابن الإنسان كان يقول: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّي هذه الكأس، خوفًا! فالرب يسوع لا يستعفي من ذبيحة الموت؛ حتى تصِل نعمة الخلاص للجنس البشري كله.][416] بل كان خوف المسيح خوفًا تدبيريًا مقصودًا.
عانى الرب خوفًا إراديًا تدبيريًا. [ أولًا: ليُثبت أنه إنسانٌ حقيقي، فالخوف جزء من صفات الطبيعة البشرية. وثانيًا: لأنَّه يُمَثِّلنا، فيجب أن يغلِب ضَعف الطبيعة البشرية عن طريق قوة الكلمة. وهكذا صار المثال الكامل للسلوك الإنساني.][417]
نستطيع أن نقول أن الرب خاف ولم يخف في نفس الوقت! فما معنى هذا؟ لم يخَف؛ فهذه طبيعته التي لا تخاف شيئًا. فالذي لم يعرف خطية لا يمكن أن يخاف. والذي له السلطان أن يضع نفسه وأن يأخذها (يو18:10) لا يخاف. ولكنه خاف خوفًا تدبيريًا. [شاء أن يخاف مثلنا اختياريا؛ ليُشابهنا ويَنوبَ عنا؛ إذ حمل خطايانا (يو29:1، 2كو21:5، إش6:53).][418] ولْيُغرِي الشيطان أن يقترب منه ليُجَرِّبه، ولِيجوزَ خطوات صَلبِه فيُتَمِّم تدبيره الذي من أجله تجسد؛ إذ «لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إلَى هَذِهِ السَّاعَةِ» (يو12: 27).
يقول القديس ديونيسيوس السكندري الكبير، مُعلم الكنيسة الجامعة: [ عندما صلى الرب قائلاً: «فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ» لم يقل هذا كأنه خائف من الموت، بل لكي يخدع الشيطان بهذه الكلمات ويتركه يُسرع في تنصيب الصليب له. فكما ضَّل آدم بكلمات الخداع، فلينخدع الآن المُخادع نفسه بكلمات الإله.][419]
«وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ» (لوقا22: 43).
ὤφθη δὲ αὐτῷ ἄγγελος ἀπ’ οὐρανοῦ ἐνισχύων αὐτόν.
تفرَّد مار لوقا بهذه العبارة، كما تفرد القديس متى بإظهار خدمة الملائكة للمسيح بعد تجارب البرية (متى11:4). أما معنى «مَلاَكٌ يُقَوِّيهِ»: فالرأي الأول أن هذا الملاك يحمل رسالة رِضَى الآب؟؟، قوة سمائية لناسوت المسيح المتهالك، والمتألم، الحزين، فالملائكة أرواح خادمة للبشر (عب14:1) والرب هنا نائب البشرية.
أما الرأي الثاني والأرجح: فهو أن عبارة «مَلاَكٌ يُقَوِّيهِ» تعني أنه ظهر يُسَبِّحه بسبب الفداء العظيم المزمع أن يُتَمِّمه، ومجد الصليب الذي يتقدم إليه قائلًا: «لك القوة، والمجد والبركة والعزة إلى الأبد. آمين»[420]، تلك التي نسبح بها في أسبوع الآلام قائلين:
;wk te ]jom nem pi`wou nem pi`cmou nem piamahi sa `eneh `amyn.
ويؤيد هذا الرأي الأب بطرس السدمنتي فيقول: [الملاك إذ رأى الرب يسوع يصلي ويظهر كمن يحتاج لمساعدة من السماء، بينما هو في الحقيقة ليس محتاجًا لشيء، أخذ يمجده: لك القوة..][421]
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إنزال الأَجْسَاد عَن الصَّلِيبِ بسبب الاستعداد للفِصْح
(متى57:27) |
(مر42:15-43) |
(لوقا54:23) |
وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ. |
وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، إذْ كَانَ الاسْتِعْدَاد، أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ. |
وَكَانَ يَوْمُ الاسْتِعْدَادِ وَالسَّبْتُ يَلُوحُ |
الْفِصْح هو أكبر الأعياد اليهودية، و[كان يُحتَفل به في البداية على المُستوى العائلي، في الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الشَّهْرِ الأول، شهر أبيب العبري (خروج3:12-6)، مرتبطًا بضربة الأبكار (خروج 13:12). ثم جاءت مرحلة فِصْح الخروج، الذي ارتبط بخروج بني إسرائيل من أرض العبودية. ومع الزمن اختلط الفِصْح بعيد الفطير. كانا عيدين منفصلين، ويُحتَفَل بعيد الفطير من «الْيَوْمِ الخامس عَشَرَ إلَى الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ» (خر18:12-19).][422]، ثم [صار احتفالا عامًّا في الهيكل (تثنية1:16-8)، وصار الكهنة واللاويون خُدامه الرسميين. واستمر الْفِصْح أكبر الأعياد اليهودية وأهمها بعد السبي. فيه يجتمع اليهود في أورشليم لذبح خروف الفِصْح وأكْلِه تذكارًا لتحررهم. ويُعَدُّ مقطوعًا مَن يُهمِل الاحتفال به حتى قال الرب: «فمَنْ كَانَ طَاهِرًا وَلَيْسَ فِي سَفَرٍ، وَتَرَكَ عَمَلَ الْفِصْحِ، تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا.» (عدد13:9).][423]
هذا الفصح يقول عنه القديس بطرس السدمنتي (ق13): [ كان العيد قانونًا يوم الخميس، لكن اليهود بسبب انشغالهم بالقبض على الرب أجَّلوا الاحتفال حتى صلبوا الرب، فتأخر إلى السبت الذي صار عظيمًا والذي يبدأ من الجمعة ليلا][424].
ويتفق التقليد الليتورجي القبطي مع أن العشاء الأخير قد تم قبل الفِصْح اليهودي بيوم، ولذلك فكنيستنا القبطية الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية والخلقيدونية تستخدم الخبز المختمر، وليس الفطير في سر الافْخارِسْتِيَا[425].
ويؤيد هذا الرأي: القديس إكليمنضس الإسكندري (ق2 م)[426]. والقديس بطرس خاتم الشهداء أسقف الإسكندرية (ق3م)[427]. وفي التلمود اليهودي جاء أن يسوع عُلِّق على خشبة في عشية الفِصْح[428].
«ثم إذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا». (يوحنا31:19)
تفرَّق المجتمعون حول الصليب، ولم يَبْقَ إلا الحرس الروماني. أما الكهنة والفريسيون الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ، فتناسَوْا جريمتهم وقتْلَهم، وراحوا يهتمون بتطبيق وصية الناموس بأن تُرفَع أجساد المصلوبين، ليُدفَنوا قبل أن تَغيب الشمس، طِبقًا لأمر الله: «إذَا كَانَ عَلَى إنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ
تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إلهُكَ نَصِيبًا.» (تثنية23:21).
واِلتمس اليهود من بيلاطس كسْر سيقان المصلوبِين، تعجيلًا لموتهم؛ لكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ معلقة حتى غروب الشمس، وذلك لحِفظ السبت كما لحفظ العيد؛ «لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا»، فاهتموا بالسبت ولم يهتموا برَبِّ السبت.
ولكي تُنزَلَ جُثتا المذنبَيْن الآخَرين عن الخشبة، كان لابُد من كسْر ساقي كل منهما للتأكُد من موتهما. «فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ» (يوحنا32:19).
«وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ» (يوحنا33:19).
فلماذا مات سريعًا؟!: مات لِما قاساه من آلام نفسية وجسدية، [إذ سَفَكَ دمًا كثيرًا، من خلال جلْده بالسوط الروماني ذي الثلاثة سيور، والتي تنتهي بقطعتين عظميتين أو رَصاصيتين تُنشئ حُفَرًا في ظَهرِه وجِسمه. وتبدو هذه الجروح في صورة الكفَن غائرة بطول حوالي بوصة ونصف، بما يدل على ضراوة الجلْد، بصورة جعلت بعض العلماء يُعْزُون سرعة موت الرب على الصليب إلى تأثيرها.][429] وإكليل الشوك، والمسامير التي ثُبِّت بها الرب على خشبة الصليب، كل هذا جعله ينزف دمًا. كما أن الرب سلَّم ذاته للموت بإرادته، فمات في الوقت الذي شاء، وفي اللحظة التي أرادها.
شاء الرب بعلْمِه السابق أن يموت قبل أن يُفكر اليهود في كسْر ساقيه، فكمُلت النُبُوَّة: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ» (يو28:18، 19: 36). ولذلك قال مار بطرس الرسول في خطابه لليهود «هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ». (أعمال23:2).
وقال القديس أوغسطينوس: [ إن سيدنا يسوع المسيح كان هو الذبيحة والكاهن مُقدِّم الذبيحة معًا؛ فليس الجنود هم الذين نزعوا حياته، بل هو الذي فارقها باختياره، كما قال: «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا.» (يوحنا18:10،19). مات على الصليب إلا أنه لم يمُت بعذاب الصليب، بل بإرادته وحده.][430]
ظلَّت ثقافتُنا القديمة أن المسمارين دُقَّا في راحتي اليد، وقد أيَّد الفنانون هذه الثقافة بالصُّوَر التي رسموها. أما الكتاب المقدس فلم يُحدِّد شيئًا من ذلك. إلى أن ظهرت نتائج أبحاث كفن تورينو الحديثة، [التي اشترك فيها أربعون عالمًا أمريكيًا من مختلف التخصصات، ومعهم سبعون صندوقًا تحتوي على أحدث وأدق أجهزة الفحص، ليقولوا كلمة العلم الحاسمة. وفي اليوم الثامن من شهر أكتوبر عام 1978 م. بدأ فريق العلماء في فحص الكفن بحِيَادٍ كامل. وفي نهاية عام 1981 م.، أصدر عالمان من هذا الفريق كتابًا يحوي نتائج أبحاثهم.][431]
وكانت إحدى هذه النتائج أن المِسمَارَين لم يكونا في راحتي اليد، بل خلال مِعصَمَيِّ اليَدين.
[بدأ العالم الدكتورPierre Barbet الجرَّاح الأول لمستشفى القديس يوسف بباريس، وهي من أكبر المستشفيات المخصصة للتعليم في أوروبا، وقد أتاح له منصبه الكبير أن يقوم بتجارب عملية على الجثث والأعضاء المبتورة. لقد فكر أن الرب حينما دُقَّ في معصميه المِسماران، حدث كسْرٌ في عظام المعصم الصغيرة نتيجة اختراق المسمار الصُلب بها.][432]
[أخذ الدكتور Pierre ذراعًا مبتورة للتَّوِّ، ثم دق مسمارًا في نفس المكان الذي حدده الكفن. عند بداية اختراق المسمار حدث انحناءٌ في المِعصم فطرق Pierre المسمار طرقة شديدة، وكم كانت دهشته، عندما رأى المسمار يندفع خارجًا من الناحية الأخرى بسلاسة عجيبة، دون أن يُحدِث بالعظام أي شرْخٍ. لقد مرّ المسمار في فراغ دِسْتوت الضيق دافعًا العظام الثلاثة المحيطة به دون أن يكسرها.][433].
هكذا أكمل النُبُوَّة: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ» (يو19: 36)، «يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ» (مز20:34). فالمسيح هو الرأس، والكنيسة جسده، هو آدم الثاني والكنيسة حواء الجديدة، فهي عظمٌ من عظامه ولحمٌ من لحمه، والكنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية لا تنقَسِم. والمسيح ذبيحة الفِصْح الحقيقية، التي كان ذبْح خروف الفِصْح رمزًا لها. وكانت الشريعة تَنهَى عن كسر أي عظم منه: «فَلْيَعْمَلِ الْفِصْحَ لِلرَّبِّ. فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ يَعْمَلُونَهُ... لاَ يُبْقُوا مِنْهُ إلَى الصَّبَاحِ وَلاَ يَكْسِرُوا عَظْمًا مِنْهُ» (عدد9:9-12).
«لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ». (يو34:19).
خَرَجَ مَاءٌ ودَم [434]Af`i `ebol `nje oumwou nem ou`cnof]]
طُعِن جنبه ليتأكدوا من موته، و«ينْظُرُونَ إلَيَّ -أنا- الَّذِي طَعَنُوهُ» (زكريا12: 10)[435]
«هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ.» (1يوحنا6:5). ويقول ذهبي الفم: [إن الله قلَبَ أعمالهم إلى خلاصنا، فبعد الطعنة تدفَّقَت من جنبه ينابيع خلاصنا.][436]
وخروج مَاء ودَم من جنْب المسيح دليلٌ على:
· [أن المُخَلِّص له جسد حقيقي، وليس كما يقول الغنوسيون: أن المسيح أخذ جسدًا خياليًا.][437]
· دليلٌ على موته وحياته معًا.[ لذلك في سر الافْخارِسْتِيَا نمزج الخمر بالماء.][438]
قال بن الطَّيِّب [مَاءٌ ودَمٌ في الإنجيل القبطي القديم الصعيدي، أما الحديث فبالعكس. فالإنجيل القبطي قدَّم المَاء على الدَم. فإنْ شكَّ البعض أن الذي مات ليس هو الذي قام، فآثار المسامير والطعنة تُثبِت أنه
هو هو.][439]
والقديس يوحنا ذهبي الفم يشرح تقديم الماء عن الدم فيقول: [إن الماء يرمز إلى سر المعمودية، والدم إلى سر الافْخارِسْتِيَا، لذلك قال الماء أولًا. ولأن الكنيسة وُلِدت بهذين السِّرَّين، بواسطة «غَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تي5:3)، وسر الافْخارِسْتِيَا. والحقيقة أن الكنيسة وُلِدت من جنب آدم الثاني، كما خُلِقت حواء من جنب آدم الأول وهو نائم نومًا تدبيريًا. لذلك قَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ إمرءٍ أُخِذَتْ.» (تكوين23:2)][440]
ولذلك مزج الخمر بالماء في سر الإفخارستيا [ يشير إلى الدم والماء اللذين خرجا من جنب السيد المسيح المطعون: قال القديس إيريناؤس (140-202 م.): عندما ننال الكأس الممزوجة والخبز المقدم تصير الإفخارستيا جسدًا.][441]، وقال القديس كبريانوس (200-258 م.): [حالما تمتزج الخمر التي في الكأس بالماء حينئذ يتحد الشعب بالمسيح.][442]
وجاء في مجمع قرطاجنة (419 م.): [لا يُقدَّم في القداسات أكثر من جسد الرب ودمه كما سلم الرب نفسه أعني الخبز والخمر الممزوجة بالماء (قانون 37).[443]][444]
القديس يوحنا هو الإنجيلي الوحيد الذي ذكر طَعَنة المسيح.
في إنجيله قال: «لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ» (يو34:19).
وفي رؤياه كتب: «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ». (رُؤْيَا7:1).
وعبارة: «سَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ» (رُؤْيَا7:1): تؤكد القيامة العامة للأبرار والأشرار في وقتٍ واحد، فجميعهم سيَرَوْنه في مجيئه الثاني آتِيًا مَعَ السَّحَابِ.
وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إلَى الَّذِي طَعَنُوهُ». (يوحنا36:19-37)
لقد أسلم الرب الروح، على الصليب قبل أن يُطعَن بالحربة، فإن مار يوحنا الإنجيلي يُقدِّم هذه الحقيقة على أنه رآها بنفسه فيقول: «لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ». (يو34:19). طُعِن جنبه ليعرفوا موته «فَيَنْظُرُونَ إلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ» (زكريا12: 10)
_____
[394]القمص يوحنا فايز زخاري، كيف تتعلم اليونانية وتدرس العهد الجديد، طبعة ثانية 1995م، ص32.
[395] pjwm e;ouab Dia;yky `n`euanggelion, لجنة برئاسة القديس حبيب جرجس,.طبعة 1935م
[396]Syriac New Testament and Psalms, Bible Society in Turkey, 1982.
[397]الكتاب المقدس، الرهبنة اليسوعية، دار المشرق، لبنان 1969م، ص484.
[398]العهد الجديد الترجمة العربية المشتركة، جمعية الكتاب المقدس 2012، ص238.
[399]الكتاب المقدس، الترجمة اليسوعية الجديدة، الطبعة الثالثة 1994، ص484.
[400]العهد الجديد: قراءة رعائية، جمعية الكتاب المقدس 2006، ص514.
[401]غسان خلف، أضواء على ترجمة البستاني فاندايك للعهد الجديد، بيروت 2009م، ص37.
[402]القديس يوحنا ذهبي الفم، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، ترجمة د. سعيد حكيم 2007م، مجموعة آباء الكنيسة الذين كتبوا باليونانية (ΕΠΕ) الصادرة في تسالونيكي،1973 مجلد 12 ص319،365، مؤسسة القديس أنطونيوس، مارس 2008م، ص9.
[403]اعترافات الآباء، المكتبة البطريركية، مخطوط رقم60 لاهوت، ص16،17.
[404]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، ص713.
[405]الأب متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى دراسة وتفسير وشرح، دير القديس أنبا مقار، طبعة أولى 1999م، ص789.
[406]"https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/"
[407]القديس كِيرِلُّس الإسكندري، شرح إنجيل القديس لوقا، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد بطرس، مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، طبعة ثانية 2007م، ص710.
[408]Corpus Christianorum, Series Latina, Turnhout, Belgium: Brepols, 1953-, vol.77: p.244-45.
[409]القديس جيروم (إيرونيموس)، On Psalms homilies 35.
[410]القديس إمبروسيوس، Christian Faith 2:5.
[411]القديس ديونيسيوس السكندري الكبير، مُعلم الكنيسة الجامعة، ترجمة أمجد رفعت رشدي، مدرسة الإسكندرية، طبعة 2016م، 201.
[412]وليم باركلي، تفسير إنجيل متى: ج2، دار النشر للكنيسة الأسقفية، ص354.
[413]إلين هوايت، مُشتهى الأجيال، ترجمة إسحق فرج الله، دار الشرق الأوسط للنشر بيروت، طبعة ثالثة 1999م، ص654.
[414]القمص تادرس يعقوب ملطي، تفسير الإنجيل بحسب القديس متى، طبعة أولى 1983م، ص536.
[415]القديس يوحنا ذهبي الفم، فلتعبر عني هذه الكأس، ترجمة د. سعيد حكيم يعقوب، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2007، ص19.
[416]القمص تادرس يعقوب ملطي، تفسير الإنجيل بحسب القديس متى، طبعة أولى 1983م، ص536.
[417]القديس يوحنا ذهبي الفم، هامش عظة146 ترجمة د سعيد حكيم.
[418]الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف السابق، شرح الإنجيل للقديس متى، بنى سويف 1985م، ص253.
[419]القديس ديونيسيوس السكندري الكبير، مُعلم الكنيسة الجامعة، ترجمة أمجد رفعت رشدي، مدرسة الإسكندرية، طبعة 2016م، 204.
[420]طقس أسبوع الآلام، كنيسة القديس تكلاهيمانوت بالإسكندرية، طبعة أولى 1982م، ص96.
[421]القديس بطرس السدمنتي، القول الصحيح في آلام المسيح، تنقيح القمص يوحنا المقاري وشنوده عبد السيد، سنة 1926م، ص99.
[422]نخبة من اللاهوتيين، قاموس الكتاب المقدس، دار الثقافة، طبعة 1994م، ص678.
[423]الأب كزافييه ليون دوفور اليسوعي، معجم اللاهوت الكتابي، دار المشرق– بيروت، طبعة ثالثة 1991م، ص606،609.
[424]القديس بطرس السدمنتي، القول الصحيح في آلام المسيح، تنقيح القمص يوحنا المقاري وشنوده عبد السيد، سنة 1926م، ص407.
[425]القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس مدير الكلية الإكليريكية سابقًا، أسرار الكنيسة السبعة، مكتبة المحبة، طبعة 1977، ص69.
[426]القديس إكليمنضُس الإسكندري، مقتطفات عن زمن الفصح، ص757.
[427]القديس بطرس خاتم الشهداء أسقف الإسكندرية، مقالة عيد الفصح، ص17-18.
[428]نخبة من اللاهوتيين، قاموس الكتاب المقدس، دار الثقافة، طبعة 1994م، ص222.
[429]الأنبا بيشوي مطران دمياط، والقمص متياس فريد، كفن ربنا يسوع بين العلم والكتاب المقدس طبعة أولى أغسطس1983م، ملخص من ص123- 128.
[430]الأب بطرس فرماج اليسوعي، مروج الأخيار في تراجم الأبرار، مطبعة المرسلين اليسوعيين، بيروت 1880م، ص846.
[431]الأنبا بيشوي مطران دمياط، القمص متياس فريد، كفن ربنا يسوع بين العلم والكتاب المقدس، 1983م.
[432]Ian Wilson, The Turin Shroud, 1979, p.48.
[433]الأنبا بيشوي مطران دمياط، القمص متياس فريد، كفن ربنا يسوع بين العلم والكتاب المقدس، 1983م.
[434]`pjwm e;ouab Dia;yky `n`euanggelion لجنة برئاسة ق. حبيب جرجس طبعة 1935م .
[435]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، الإنجيل للقديس يوحنا، دار المعارف، 1986م، ص649.
[436] القديس يوحنا ذهبي الفم، NPNF, series 1: vol.10: p.521.
[437]الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي، موسوعة الأنبا غريغوريوس، ج1، ص15.
[438]قانون44 من مجمع قرطاجنة، القمص يوحنا سلامة، اللآلئ النفيسة في شرح طقوس وعقائد الكنيسة: جزء أول، طبعة ثالثة 1965م، ص322.
[439]د. موريس تاوضروس، محاضرات على قناة ME Sat.
[440]القديس يوحنا ذهبي الفم،PNF, series 1: vol.10: P.255 .
[441]القديس إيريناؤس: ضد الهرطقات 5: 2: 3، Ante-Nicene Fathers, Vol. 1,P.528.
[442]القديس كبريانوس: رسالة 62، Ante-Nicene Fathers, Vol5,P329.
[443]مجموع الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة، الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب، منشورات النور، 1998م، ص682.
[444]د. القس بيشوي حلمي، كنيستي الأرثوذكسية ما أجملك!، طبعة 14سنة 2013، ص111.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/death.html
تقصير الرابط:
tak.la/4pq8skr