الليتورچية تعبر عن السيد المسيح ككاهن من خلال ممارساتها الطقسية، وصياغة كلماتها في غاية القوة، وببساطة شديدة، وبمنتهى الوضوح. ففي سر بخور العشية يخاطب الكاهن السيد المسيح كذبيحة، ومعلنًا أنه الكاهن قائلا: لأنك أنت هو ذبيحة المساء الحقيقية الذي أصعدت «أي قدمت ككاهن» ذاتك «ذبيحة» من أجل خطايانا على الصليب المكرم كإرادة أبيك الصالح.
وفي الأرباع الخشوعية بدورات البخور نجده يكرر نفس الكلمات أيضًا قائلا: هذا الذي أصعد أي قدم ككاهن ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا[6].
وفي بداية صلاة القداس أي الأنافورا[7]، نجد الكاهن يغطى يديه معلنًا أن اليدين هما يدي السيد المسيح التي تقدم هذه الذبيحة وهو وحده الذي له الكهنوت، ولهذا يصلى في أوشية الكهنوت بالقداس الكيرلسي قائلا: اذكر يا رب هذا الكهنوت المقدس الذي لك.
وبعد صلوات التقديس لا يرشم الكاهن الشعب إنما يضع يده اليسرى على المذبح، وينظر إلى الناحية القبلية، خاضعًا برأسه، ضامًا يده اليمنى إلى صدره، وقائلًا: السلام لكم. وبهذا الشكل يعلن الكاهن عن حضور السيد المسيح كرئيس كهنة وهو الذي يبارك ويرشم الشعب.
والأسقف في القداس يمثل السيد المسيح بينما الكهنة يمثلون الرسل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ولهذا يختار الأسقف الحمل ويعطيه للكاهن ليدور به حول المذبح[8] كما أعطى السيد المسيح جسده ودمه للرسل ليعطوه للمؤمنين باسمه. وفي دورة البخور يبخر الأسقف حول المذبح ويعطى المجمرة للكهنة لكي يبخروا ويخدموا الشعب مثلما أرسل السيد المسيح الرسل ليكرزوا للخليقة أجمع[9].
وحينما يصرخ الكاهن معلنًا عن الجسد المقدس، نجد الشعب يرد موجهًا خطابه للسيد المسيح «نسجد لجسدك المقدس» حيث حرف كاف الملكية في كلمة لجسدك يعود على السيد المسيح له المجد ككاهن يقدم ذاته ذبيحة على المذبح، ونجد هذا الكلام يتكرر مرة أخرى عندما يعلن عن الدم «ولدمك الكريم».
وعندما يتكلم الكاهن على لسان السيد المسيح له المجد قائلًا: تبشرون بموتى وتعترفون بقيامتي وتذكرونني إلى أن أجئ. نجد أن الشعب يدخل مع السيد المسيح في حوار مباشر، ولكي يزيد ذلك إيضاحًا وضع كلمة يا رب في جوابه على الكاهن ليعلن عن السيد المسيح الكاهن الحقيقي قائلًا: أمين، أمين، أمين بموتك يا رب نبشر، وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف، نسبحك، نباركك، نشكرك يا رب، ونتضرع إليك يا إلهنا.
وفي أوشية التقدمة نجد الكاهن كخديم للأسرار يطلب من السيد المسيح الكاهن الحقيقي قائلًا: «باركهما، قدسهما، طهرها وأنقلهما لكي يصير هذا الخبز جسدك المقدس والمزيج الذي في هذه الكأس يصير دمك الكريم». وكذلك بالقداس الغريغوري واضحة أشد الوضوح عندما يطلب الكاهن من السيد المسيح ككاهن قائلا: "يا الذي بارك في ذلك الزمان الآن أيضًا بارك، يا الذي قدس في ذلك الزمان الآن أيضًا قدس، يا الذي قسم في ذلك الزمان الآن أيضًا قسم".
ولذلك تؤمن الكنيسة أن السيد المسيح له المجد هو الذي يناول ويقدم جسده للشعب مأكلًا حقيقيًا ومحييًا. والقديس يوحنا ذهبي الفم يعبر عن ذلك قائلًا: «وليفحص كل واحد منا ذاته قبل أن يتقدم إلى جسد ودم المسيح لكي لا يكون له دينونة لأنه ليس إنسان الذي يناول الخبز والدم، ولكن هو المسيح الذي صلب عنا وهو القائم على هذه المائدة بسرٍ هذا الذي -له القوة والنعمة- يقول هذا هو جسدي»[10].
_____
[6] هذا المقطع يتكرر في نهاية ثيؤطوكية يوم الأحد وفي ألحان أسبوع الآلام.
[7] كلمة يونانية دخلت اللغة العربية وهي تعنى يرفع أو يقدّم، وعندما ترجم العهد القديم إلى اليونانية، استُخدِمَ الفعل يرفع أو يقدم للإشارة إلى ذبائح العهد القديم. كما استخدم في كل صلوات الكنيسة منذ عصر الرسل بالكلام عن تقدمة المسيح على الصليب. (عب 7: 27). ولهذا السبب دخلت في الصلوات الخاصة بالافخارستيا التي هي صلوات خاصة بتقدمة المسيح.
[8] الترتيب الطقسي للأنبا غبريال الخامس.
[9] المرجع السابق.
[10] عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم في باكر يوم الخميس الكبير. «طقس أسبوع الآلام حسب ترتيب الكنيسة القبطية، إصدار كنيسة القديس تكلا هيمانوت بالإبراهيمية بالإسكندرية».
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-yoannes-st-paul/rite-eucharist-old-testament/christ-as-a-priest.html
تقصير الرابط:
tak.la/yw6zs62