ابني الحبيب، لماذا أنت مُضطرِب وقلق؟ لقد نزل ابني إلى أرضك، لكي يُرافِقَك كل الطريق،
*ويُحَوِّل حياتك إلى رحلة ممتعة، حيث يَعْبُر بك كل يومٍ كما إلى سماواته.
يريد أن يلتصق بك، لكي يسكب فرحه فيك.
* سأروي لك قصة حياتي، لتلمس فرح الله الدائم، الذي يرافقنا في الطريق الكرب والباب الضيق.
عشت في طفولتي وصبوتي في الهيكل، وكان قلبي ملتهبًا بالحب لأسرتي الفقيرة.
لكنني لم أشعر بالحرمان منهم ومن الدفء العائلي.
كنت في الهيكل أشعر أنني في حضن رب الكل، وفي صُحْبَةِ الملائكة المتهللين.
أحمل أسرتي في قلبي، وأشعر أن كل البشرية أسرتي التي أُحِبها!
كلما دخلت حجرتي أرفع عينيَّ إلى إلهي.
أراه بحُبِّه يضم كل البشر، ويعمل لخلاصهم.
حقًا كل إنسانٍ يمر بضيقات وتجارب وآلام،
يحسب أن تجربته أقسى من كل التجارب.
لكنني كنت أعبر بقلبي وفكري إلى يوم الرب العظيم.
أرى البشرية تلبس الثياب البيض،
وتعزف بقيثارة الروح تسبحة الحمد وذبيحة الشكر.
أرى الكل إذ يذكرون أيامهم على الأرض،
يحسبون كل ألمٍ يحلّ بهم هو مفتاح لطريق المجد.
* ابني، كم كانت ولا زالت سعادتي بيوم بشارة الملاك لي بالتجسد الإلهي؟
لم يخطر على فكري ماذا أقول لخطيبي يوسف؟
لم يَمُرْ بي فكر من جهة منظري، وقد ظهرت عليَّ علامات الحمل، ولم يعرف أحد سرَّ التجسد!
لم أنشغل قط بالتفكير فيمن يخدمني أيام حملي، وأنا بلا خبرة!
← ابحث في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمزيد من المقالات والكتب والصلوات...
* هاج هيرودس ليقتلني أنا وابني ومعنا يوسف، فانطلقنا إلى مصر كما أشار علينا الملاك.
لم تكن رحلتنا شاقة، إذ كان مُخَلِّص العالم الذي لا تسعه السماء والأرض في أحضاني.
ما أن وطأت أرجلنا أرض مصر، حتى سقطت الأوثان.
تهلل قلبي، لأنني أدركت أن ملكوت إبليس ينحدر أمام ملكوت الله!
* يا ابني لن أنسى حين كان رب المجد يسوع في الثانية عشر من عمره (لو 2: 41، 48)،
ذهبت معه ومع يوسف إلى الهيكل في أورشليم، كعادتنا السنوية في عيد الفصح.
مع تَعَلُّقي الشديد بالصبي العجيب، تعلَّمت ألاَّ أُقَيِّد حركاته.
كان من جانبه مُطِيعًا، وأنا من جانبي أحسب أني أمينة عليه.
في العودة من أورشليم لم أطلبه أن يلتصق بي وبالقديس يوسف،
فقد وثقت في حكمته وقدرته وسلوكه القيادي.
بعد سفرٍ دام يومًا في الطريق بحثت عنه ولم أجده.
حقًا كانت العودة إلى الهيكل شاقة على نفسي جدًا،
لكن ما أن رأيته وسط المُعَلِّمين الذين بُهِروا به،
حتى استراحت نفسي، وتحوَّلت آلام الرحلة إلى بهجة داخلية!
* ماذا أروي لك عن أيام محاكماته وجلده وصلبه وموته بالجسد ودفنه؟
اجتاز في قلبي سيف، لكن سروره وسرور أبيه والروح القدس،
حوَّل أحشائي المُلتهِبة إلى تذوُّق مُفرِح للحُبِّ الإلهي!
* في فترة الخمسين المقدسة منذ قيامته حتى صعوده لم أعرف أين كان يسكن.
لم يكن بعيدًا عني، ولا شعرت بالحرمان منه.
شعرت أنه بعد قيامته أقرب إليّ مما كان عليه قبل قيامته.
أما صعوده فملأ قلبي فرحًا عظيمًا. شعرت أنه يُعِدّ لي مكانًا في الفردوس،
فأراه في أمجاده السماوية
إني أُطَوِّب نفسي، لأنه ملأني بنعمته، ويُعدّني للأمجاد الأبدية.
أمك التي تنتظرك في الفردوس
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-3-mother-of-god/cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/9b3xgrx