يرى القديس مار يعقوب السروجي أن السيدة العذراء عادت إلى حالة الأبوين الأولين –آدم وحواء– قبل السقوط، وذلك بحلول الروح القدس وتقديسها لتتهيَّأ لتجسد الكلمة في أحشائها، لكن هذا لا يعني أنها مولودة بدون الخطية الجدِّية الأصلية، وإلاَّ ما قالت في تسبحتها: "تبتهج روحي بالله مخلصي". فمع تكريمنا للقديسة مريم بكونها فريدة في سماتها الروحية، لكنها كانت في حاجة إلى الخلاص.
لقد أَكَّد القديس مار يعقوب السروجي هذا الفكر الكنسي حيث يقول: "لقد جعلها جديدة" بعد حلول الروح القدس عليها لتقديسها.
* وضعها الله في الوضع الذي كان فيه آدم وحواء قبل أن يخطئا، ثم تجسد منها.
التبني الذي كان لأبينا آدم، أعطاه لمريم بالروح القدس، بينما هو سكن فيها.
كما أن أبانا آدم ولد أمنا حواء بغير اتحاد زيجي،
هي أيضًا ولَدَتْ (ربنا يسوع)، لأنها كانت مثل آدم قبل أن يسقط في الخطية.
الروح القدس الذي هب على وجه آدم وأوجد حواء،
هي أيضًا قبلته وولدت ابنًا.
هذه النقاوة التي كانت في آدم، استحوذتها أيضًا مريم،
بالروح الذي حلّ عليها، وولدت بغير شهوة اضطجاع...
وقد سبق فصوّر ميلاد الوحيد الذي هو بالحقيقة ينبوع الحياة، ربنا[178].
* عندما نزل ربنا إلى الأرض نظر إلى كل النساء،
واختار واحدة لنفسه، التي كانت أكثرهم مسرّة.
فحص قلبها، فوجد التواضع، والقداسة، والحواس النقية، والنفس التوَّاقة للبرِّ، والقلب النقي،
وكل صفات الكمال، لهذا اختارها، إذ هي الأنقى والأجمل.
* هي وحدها المتواضعة والطاهرة والنقية بلا عيبٍ،
لهذا استحقَّت أن تكون أمه دون غيرها من النساء.
تطلَّع إليها كيف هي سامية ونقية من كل الشرور،
ولا تثور فيها الحاسة المائلة إلى الشهوات.
ولا تدع أي فكر يجنح نحو حب المال،
ولا أي جدالٍ عالميٍ مما يُسَبِّب ضررًا شريرًا.
حب المجد الباطل لا يشتعل في داخلها، ولا تنشغل بأفعال المراهقات.
رأى أنه لا توجد من تشبهها، ولا من هي مساوية لها في العالم،
فاتخذها أمًا ليرضع منها الحليب الطاهر.
كانت تتمتع بالبصيرة، ومملوءة من حب الله،
لأن ربنا لا يحلّ حيث لا توجد المحبة.
حينما صمَّم الملك العظيم أن يأتي إلى موضعنا،
رضي أن يحلّ في أطهر ضريحً في كل الأرضٍ لأنها أسرته.
حلّ في الأحشاء التي تزيَّنت بالبتولية،
وفي الأفكار التي كانت تستحق القداسة.
كانت مملوءة جمالًا في طبيعتها كما في إرادتها،
لأنه لم تشبها أية شهوات غير حسنةٍ.
فمنذ طفولتها، قامت بحزمٍ في قداسةٍ بلا عيبٍ،
وسارت في الطريق بلا لومٍ.
وحفظت طبيعتها الأصلية بإرادة تميل نحو الخير،
لأنه كانت توجد دائمًا علامات بتوليتها في الجسد، والمقدسات في نفسها.
هذا الذي حدث لها أعطاني القوة لأتحدث عن جمالها الذي لا يُوصَف.
لأنها أصبحت أم ابن الله،
لقد رأيت وصدقت أنها المرأة الوحيدة في هذا العالم الكلية الطهر.
لأنها منذ بدأت أن تُمَيِّز بين الخير والشر (إش 7: 16)
رسخت في نقاوة القلب واستقامة الفكر.
← ابحث في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمزيد من المقالات والكتب والصلوات...
ولم تجنح عن البرّ الذي بحسب الناموس،
ولم تزعجها أبدًا أية شهوة قلبية أو جسدية.
منذ طفولتها تحرَّكت فيها نبضات القداسة،
وفي امتيازها زادتها بعناية فائقة.
كان الرب دائمًا إزاء عينيها في كل أيامها،
فإليه دائمًا تنظر، حتى تستنير، وتجد فيه كل مسرّتها.
وإذ رأى كيف هي طاهرة ونقية،
أراد أن يحلّ فيها، لأنها كانت نقية من الشرور.
إذ لم ينظر قط امرأة مثلها، تم فيها العمل العجيب الذي هو الأعظم من الكل.
ابنة الإنسان التي وُجِدَت بين النساء،
تم اختيارها لأنها كانت أجملهن جميعًا[179].
_____
[178] ميمر 196 عن العذراء الطوباوية والدة الإله مريم.
[179] ميمر 196 عن العذراء الطوباوية والدة الإله مريم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-1-orthodox-faith/spiritual-beauty.html
تقصير الرابط:
tak.la/qcwq55p