في الكنيسة القبطية يرتبط عيد الميلاد بالإبيفانيا (عيد الغطاس)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ففي القرون الأولى كان هذان العيدان يُحتفَل بهما في يومٍ واحدٍ، ذلك لأنه في عيد الميلاد أخذ ما هو لنا أي ناسوتيَّتنا، وفي الإبيفانيا تقبَّلت الكنيسة المختفية في المسيح يسوع ما هو له، أي تقبَّلت علاقته بالآب، أي البنوة. وهكذا صار هو "ابن الإنسان" ونحن نصير فيه "أبناء الله".
وهذه حقيقة تعلنها التسبحة القبطية بقولها:
"أخذ الذي لنا،
أعطانا الذي له،
فلنسبحه ونمجده..." (ثيؤطوكية الخميس)
الكنيسة ولدت في يوم الخمسين، وجسد المسيح المولود من العذراء جسد حقيقي ولكن تعتبر الكنيسة جسد المسيح بمعنى روحي وليس حرفيًا.
في هذا يقول الأب بروكلس بطريرك القسطنطينية (429 م.):
[القديسة مريم هي... معمل اتحاد الطبائع،
هي السوق الذي يتم فيه التبادل المُبجَّل.
هي الحجال الذي فيه خَطَبَ "الكلمة" الجسد[13].]
وفيما يلي عرض سريع لبعض أقوال الآباء، توضح هذه العلاقة بين ميلاد الرب البتولي وميلادنا الروحي:
* بطهارة اِفتتح السيد المسيح الأحشاء الطاهرة، لكي يُولَد الإنسان مرة ثانية على مثاله[14].
* الذين أعلنوا أنه عمانوئيل المولود من البتول (إش 7: 14)، أعلنوا أيضًا اتحاد كلمة الله بصنعة يديه. إذ صار الكلمة جسدًا، وابن الله ابنًا للإنسان، واِفتتح الطهارة بنقاوة الأحشاء النقية معطيًا للبشرية تجديدًا في الله[15].
* فتح السيد المسيح مستودع الكنيسة المقدسة،
ذاك المستودع الصامت، الذي بلا عيب، المملوء ثمرًا، حيث يُولَد شعب الله[16].
* ميلادك الإلهي، يا رب، قد وهب ميلادًا للبشرية كلها... ولدتك البشرية حسب الجسد، وأنت ولدتها حسب الروح... المجد لك يا من صرت طفلًا لكي تجعل الكل جديدًا[17].
* أخذ السيد المسيح جسدًا من امرأة، وُلِد منها حسب الجسد، لكي يعيد البشرية فيه من جديد[18].
* إننا نؤكد أن الابن وحيد الجنس قد صار إنسانًا... حتى إذ يولد من امرأة حسب الجسد، يعيد الجنس البشري فيه من جديد[19].
* جاء الكلمة الإلهي من الأعالي،
وفي أحشائكِ المقدسة أُعِيد تكوين آدم (الخليقة الجديدة في المسيح)[20].
* إن كان ابن الله قد صار ابنًا لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنًا لله.
إن كان الله قد نزل أعماقًا كهذه، فإنه لم يفعل هذا باطلًا، إنما ليرفعنا للأعالي!
وُلِد بالجسد لكي تُولَد أنت ثانيةً حسب الروح.
وُلِد من امرأة لكي تصير أنت ابنًا لله[21].
* صار ابن الله إنسانًا لنُرَحِّب به كعضوٍ في عائلتنا، وبالرغم من خطايانا، فإننا نُولَد من جديد، حاملين رجاءً...
* لقد هربنا من وجه مُعَلِّمنا، تاركين النعمة المُقَدَّمة لنا، فماذا يفعل المُعَلِّم حسب رحمته؟ إنه يتعقَّب الهارب حتى يردّه. يقترب إليه ليس وهو مرتدي عظمته، بل يأتيه في تواضعٍ، متجسدًا في أحشاء مريم. بهذا يصير المُعَلِّم معروفًا لدى الشارد وصديقًا له، جاعلًا من نفسه خادمًا لنا حتى نصير نحن معه سادة![22]
الأب ثيؤدوسيوس أسقف أنقرة
_____
[13] Encomium, on holy Mary, Theotokos 1:1...
[14] Irenaeus: Adv. Haer. 4:33:11, PG 7:1080
[15] Ibid 4:33:12 PG 7:1181.
[16] Com. on Luke 2:57. PG 15:1573.
[17] Hymn 3 On Nativity.
[18] PG 76:23.
[19] PG 76:15-18.
[20] PG 10:1151.
[21] In Mat. Hom 2:2.
[22] In Sanctam Deiporem, hom 4.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-1-orthodox-faith/birth.html
تقصير الرابط:
tak.la/p2g9pvh