ماذا نعني بالخلاص إلا أن نقتني المخلص نفسه؟! فالخلاص الذي قدمه لا يعني مجرد غفران خطايانا، إنما يعني امتلاكنا إياه، فننعم بكل أحداث حياته كأنها أحداثنا الخاصة: ميلاده من البتول، عماده في الأردن، تألمه، صلبه، موته، قيامته وصعوده إلى السموات... فأرى كل هذه الأحداث قد تحققت باسمي ولحسابي. به أنال الولادة الجديدة، أتألم وأصلب عن العالم، أموت عن الخطية، وأقوم وأجلس معه في السمويات (أف 6:2).
في سر الإفخارستيا أقتنى المخلص بكل مراحل حياته، بكونه نصيبي، كقول إرميا النبي: "نصيبي هو الرب قالت نفسي"، أقتنيه مصلوبًا قائمًا من الأموات جالسًا عن يمين أبيه... والعجيب أنه أسس هذا السر قبل أحداث الصلب والقيامة والصعود، ليؤكد أن عمله الخلاصي لا يرتبط بالزمن. ذبيحته فائقة للزمن، نالها التلاميذ فنالوا الجسد القائم الممجد قبلما يُصلب ويقوم ويصعد، وتناله الكنيسة الآن مؤكدًا أن ذبيحته الفردية لا تقدم مع الزمن، ولا تخضع لزمنِ... إذ لا يزال في السماء كحملٍ مذبوحٍ يشفع في كنيسته بدم صليبه (رؤ5:6).
إذن القداس الإلهي يفرز ذبيحة المسيح عن الذبائح الحيوانية التي انتهت بتقديمها... لأن مسيحنا الذبيح قائم حي في وسط كنيسته، عامل بصليبه، قادر على تجديد طبيعتنا!
وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
[عندما ترى المائدة مُعدة قدامك، قل لنفسك:
من أجل جسده لا أعود أكون ترابًا ورمادًا،
ولا أكون سجينًا بل حرًا.
من أجل هذا (الجسد) أترجى السماء، وأتقبل الخيرات السماوية، والحياة الخالدة، ونصيب الملائكة، والمناجاة مع المسيح(5)!]
القداس الإلهي في الحقيقة هو سر زواج النفس مع مسيحها كعربون للعُرس الأبدي. في هذا العرس تتم ملكية متبادلة، نملكه ويملكنا. أخذ ما لنا، لنأخذ ما له... أي خلاص أعظم من هذا؟! أشعر كأن اللّه قد ترك الكل ليقتنيني، وأنا أشتهي أن أترك الكل وألتصق به! أدخل إلى كنيسته لأحمله في داخلي وأمسك به ولا أرخه!
_____
(5). On 1 Cor. hom. 24.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/liturgy/enjoyment-of-salvation.html
تقصير الرابط:
tak.la/zj4kf4w