جرمانيوس: حسنًا. إذا كان الرجل الصالح لا يحدث له شر بقتله، بل ينتفع من ذلك بحق، فكيف نستطيع أن نتهم الرجل الذي لم يصنع له ضررًا بل خيرًا بقتله؟!
8- ثيودور:
لا يجوز عدم معاقبة الشرير لأن فعله الشرير لم يستطع أن يؤذي الإنسان الصالح. فصبر الرجل الصالح واستقامته لا يفيدان من قام بقتله، إنما يفيده هو فقط إذ تحمل بصبر ما قد حل به. فبعدل يُعاقب الشرير عن قسوته ووحشيته من أجل نيته الشريرة، بينما لا يصيب الآخر شرًا لأجل قلبه إذ احتمل التجربة والألم بصبر، محولاً ما قد وقع عليه من شر ليكون لنفعه مساعدًا إياه في بركة الحياة الأبدية.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن صبر أيوب وانتفاعه بالتجارب التي بها ازداد صلاحًا لم ينتفع به الشيطان بل أيوب وحده لأنه احتمل بصبر. كذلك يهوذا لم يعفَ من العقاب الأبدي بسبب خيانته التي بها عاون على خلاص البشرية. يلزمنا ألا ننظر إلى نتيجة العمل بل هدف الفاعل.
لنتمسك بهذا متأكدين أنه لن يصيب أحد غيره شرًا، ما لم يتقبله الغير بالكسل والفتور. يؤكد الرسول الطوباوي هذا بقوله: "ونحن نعلم أن كل الأشياءِ تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو28:8). بقوله "كل الأشياءِ تعمل معًا للخير" تشمل كل الأمور على قدم المساواة، سواء الأمور المبهجة أو الأمور التي تبدو كأنها مصائب. ويخبرنا الرسول في موضع آخر أنه قد اختبر هذا وذلك بقوله: "بسلاح البرّ لليمين ولليسار" أي "بمجدٍ وهوانٍ بصيتٍ ردي وصيتٍ حسن. كمُضِلّين ونحن صادقون. كحزانى ونحن دائمًا فَرِحون. كفقراءَ ونحن نُغنِي كثيرين" (2كو7:6-10). دعى كل الأمور المبهجة "لليمين"، هذا ما أوضحه الرسول من عبارات "بمجد وبصيت حسن"، والأمور التي تبدو كمصائب أوضحها بقوله: "وهوانٍ وبصيتٍ ردي" هذه التي "لليسار"، كل هذه الأمور بالنسبة للرجل الكامل "سلاح برّ" وذلك لأنه متى حلت به وتحملها بشجاعة يكون كما كان مستخدماً إياه كسلاح قوي ولا يكون هو المُهاجم بها. يحتمي بها كسلاح وسيف وترس قوي ضد الذين يستخدمونها (لهلاكه) فيضمن فوائد صبره وصلاحه، نائلاً صبرًا عظيمًا لثباته، مستخدمًا نفس الأسلحة التي رشقه بها أعداؤه (الشياطين) لقتله.
إذا لم ينتفخ بنجاحه ولا ييأس بفشله، يكون بهذا سائرًا على الدوام باستقامة في الطريق الملوكي من غير أن ينحرف عن الهدوء، لا يمينًا حيث يشمله الفرح (منتفخاً)، ولا يسارًا حيث تكتنفه المصائب وتغمره الكآبة. بالنسبة للكاملين والحكماء يقال: "كل الأشياءِ تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو28:8). أما بالنسبة للضعفاء الأغبياء فقد قيل أن كل شيء ضد الشخص الغبي، فلا ينتفع من النجاح ولا ينصلح شأنه من المصائب. إذ ينهزم الإنسان بأكثر سهولة بالنجاح أكثر من الفشل، لأن الفشل يجعل الإنسان أحيانًا يقف ضد إرادته، وينال اتضاعًا، وخلال حزنه المفيد يقلّل من خطيته وينصلح شأنه. أما النجاح فقد يدفع بالإنسان إلى الكبرياء العقلي والعظمة الكاذبة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-6-murder.html
تقصير الرابط:
tak.la/xy4j58k