18- جرمانيوس:
ما هو الفرق بين الإنسان الجسداني والإنسان الطبيعي وكيف أن الطبيعي أشر من الجسداني؟
19- دانيال:
يتحدث الكتاب المقدس عن ثلاثة أنواع من الأرواح: الجسداني، والطبيعي، والروحاني.
فيقول الرسول عن الجسداني "سقيتكم لبنًا لا طعاما لأنكم لم تكونوا بعدُ تستطيعون بل الآن أيضًا لا تستطيعون لأنكم بعدُ جسديُّون.." 1(كو3: 2، 3). وأيضًا "إذ فيكم حسد وخصام وانشقاْق أَلستم جسديّين؟"
أما عن الطبيعي فيقول: "لكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنهُ عندهُ جهالة" 1(كو14:2).
أما عن الروحاني فيقول: "وأمَّا الروحيُّ فيَحكم في كلّ شيء وهو لا يُحكَم فيهِ من أحدٍ" (1كو15:2). وأيضًا "فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة" (غلا1:6).
بالزهد نترك ما هو جسدي، أي نبدأ بالانفصال عما يتصل بأمور هذا العالم، ولا نصنع شيئًا خاصًا بنجاسة الجسد. وبالرغم من ذلك يجب أن نجاهد بحرص بكل قوتنا للحصول على الروحانية خشية أن نخدع أنفسنا بالسعادة، حيث يبدو أن إنساننا الخارجي قد ترك هذا العالم وتخلص من أدناس الزنا الجسدي، وأننا قد وصلنا إلى مرتفعات الكمال، فنهمل ولا نبالي بنقاوة نفوسنا من التأثيرات الأخرى. بهذا التخلف نصير غير قادرين على الوصول إلى مرحلة التقدم الروحي، إذ نظن أنه يكفي لكمالنا أن نعزل إنساننا الخارجي عما يتصل بهذا العالم ومسراته... وبهذا نجد أنفسنا في حالة من الفتور تعتبر أشر من أية حالة. وبذلك نجد الله يريد أن يتقيأنا إذ يقول: "هكذا لأنك فاتر ولست باردًا ولا حارًا أنا مزمع أن أتقيَّأَك من فمي" (رؤ16:3).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وليس باطلاً يعلن الله عن أولئك الذين سبق أن قبلهم في أحشاء محبته، وقد صاروا للأسف فاترين. إنه سيتقيأهم وينزعهم من أحشائه... إنه يريد أن ينزعهم من قلبه، وبهذا يصيرون أشرّ من أولئك الذين لم يسيروا قط كطعام في أحشاء الله، إذ يردهم ثانيةً متقيئًا إياهم.
فما هو بارد يصير دافئًا عندما يدخل في الفم فيُقبل، وتكون له نتائج مرضية وحسنة. أما ما يرتد بسبب فتوره البائس فإنني لا أقول إنه لا تستطعمه الشفاه، بل ونشمئز جدًا من النظر إليه من بعيد. حقًا إنه أردأ من الإنسان الجسداني، أي العلماني أو الأممي. لأن هذا الأخير أكثر استعدادًا للتوبة والوصول إلى المرتفعات عن ذاك الذي يعمل بفتور من غير أن يسير في طريق الكمال حسب ما ترشده القوانين، مرتدًا في لحظة عن نيران النشاط الروحي.
فالأول (الجسداني) إذ ينهزم من الخطايا الجسدية يعرف دنسه، وعن طريق تأنيب ضميره يسرع من الدنس الجسدي إلى ينبوع الطهارة الحقيقية ومرتفعات الكمال. وفي حزنه من حاله التي يجد نفسه فيها، يلتهب بنيران الروح ويسمو بأكثر استعداد للكمال.
لكن إذ يبتدئ الإنسان بفتور (الإنسان الطبيعي) فإنه يسئ إلى اسمه كراهب ولا يسير في هذه المهنة بالاتضاع والنشاط اللازمين. وبإصابته بهذا الداء البائس لا يقدر أن يميز ما هو حق، ولا يتعلم من أقوال الآخرين. إنه يقول في نفسه: "إني أنا غنى وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء"، فينطبق عليه تكملة القول "ولست تعلم أنك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان" (رؤ17:3). وبهذا تكون حالته أشر من الرجل العالمي (محب العالم)، لأنه غير مدرك لحقيقة نفسه إنه شقي وأعمى وعريان ومحتاج إلى تطهير وإلى التعلم من الآخرين. لهذا فهو لا يستمع إلى أية نصيحة، لأنه لا يدرى إنه وإن كان قد أخذ اسم راهب إلا إنه أقل من الجميع. فبينما يتطلع إليه الجميع إنه قديس وخادم لله إلا إنه سيخضع لدينونة أعظم وعقاب أشد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-4-carnal-man.html
تقصير الرابط:
tak.la/a5acfmd