6- سؤال: كيف تطالبنا بعدم تذكر خطايانا؟
جرمانيوس:كيف تكون فينا هذه التوبة المقدسة السليمة النابعة عن الاتضاع، والتي وصفت في شخص التائب هكذا: "أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للربّ بذنبي"، وبهذا يمكننا أن نقول ما جاء بعد ذلك: "وأنت رفعت اَثام خطيتي" (مز32: 5، 6)؟ أو كيف تأتينا دموع الاعتراف عندما نركع في الصلاة، لنستعطف الرب وننال الصفح عن خطايانا كالقول التالي: "أعوّم في كل ليلة سريري وبدموعي أبلّ فراشي" (مز6:6)، إذ طردنا عنا كل تذكر للخطايا مع أننا على العكس نحن مطالبون بتذكرها كقول الرب "وخطاياك لا أذكرها ذَكّرِني (أذكرها أنت)" (إش43: 25، 26)، بينما نستطيع ليس فقط في وقت عملنا، بل وإذا نهضنا للصلاة أن نسترجع إلى أذهاننا خطايانا متذكرينها لكي ما يصير لنا اتضاع حقيقي وانسحاق قلب ونجرؤ على القول مع النبي: "أنظر إلى ذلّي وتعبي واغفر جميع خطاياي" (مز18:25)؟!
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
7-إلى أي مدى نحتفظ بتذكر الخطايا؟[5]
بينوفيوس: إن سؤالك الذي عرضته قبلاً، لم يكن بخصوص صفات التوبة بل غايتها وعلامات الرضى، والذي، كما أظن، أنه قُدمت لك عنه إجابة سديدة. أما ما قلته عن تذكر الخطايا، فإنه فعلاً مفيد جدًا ولازم لمن بدأوا في التوبة حتى أنهم بقرعهم المستمر على صدورهم يقولون: "لأني عارف بإثمي وخطيتي أمامي في كل حين" (مز 3:51)، وأيضًا: "لأنني أخبر بإثمي" (مز 18:38). ففي أثناء توبتنا، إذ لانزال حزانى بتذكرنا لخطايانا الماضية، فإن انسكاب دموعنا الذي يحدث باعترافنا بالخطية تخمد نار ضمائرنا.
لكن بينما يكون الإنسان في انكسار قلب وانسحاق روح، مع استمرار الجهاد والبكاء، إذ بالنعمة الإلهية تلاشي تذكر الخطايا السابقة وتنزع وخزات الضمير عنها. هنا يكون واضحًا أنه قد نال غاية الرضى ومكافأة العفو، واُنتزعت منه وصمات الخطايا التي ارتكبها. عندئذ يمكننا أن نصل إلى نسيان الخطية وذلك بإزالة آثار الخطايا والرغبات القديمة مع نقاوة القلب وكماله.
هذه الحالة لا يصل إليها الكسالى والمتهاونون الذين فشلوا في نوال المغفرة عن خطاياهم، إنما يصل إليها من استمروا في التنهد والتأوه بحزن لأجل إبادة كل آثار الخطايا، فبصلاح قلوبهم مع جهادهم يعلن كل منهم للرب: "أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي" (مز5:32). ويقول: "صارت لي دموعي خبزًا نهارًا وليلاً" (مز 3:42). فيُوهب له في النهاية أن يسمع هذه الكلمات: "امنعي صوتكِ عن البكاءِ وعينكِ عن الدموع، لأنهُ يُوجَد جزاء لعملكِ يقول الرب" (إر 16:31). ويقول له الرب: "قد محوت كغيمٍ ذنوبك وكسحابةٍ خطاياك" (إش22:44). وأيضًا: "أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (إش25:43). وهكذا إذ يتحرر من رباطات خطاياه التي ربط الكل بها يشكر الرب مسبحًا: "حللتَ قيودي، فلك أذبح ذبيحة حمدٍ" (مز 16:116، 17).
_____
[5] راجع في هذا الموضوع الحب الرعوي ص 406-417.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-20-not-remember-our-sins.html
تقصير الرابط:
tak.la/bwk6xp4