St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   john-cassian
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس يوحنا كاسيان: حياته، كتاباته، أفكاره - القمص تادرس يعقوب ملطي

265- مناظرة 16: 6- الوسائل التي تحفظ الاتحاد

 

6- الوسائل التي تحفظ الاتحاد

 

 أولاً: الأساس الأول للصداقة الحقيقية يكمن في الازدراء بالأمور الزمنية واحتقار كل ما نملكه لأنه من الخطأ تمامًا أن نهتم بأباطيل العالم وكل الأمور المزدراة أكثر مما نهتم بالأمور الأعظم ألا وهي محبة القريب...

 ثانيًا: يجدر بكل إنسان أن يقطع رغباته، فلا يظن في نفسه إنه حكيم مُختبر، فلا يفضل آرائه عن آراء قريبه.

 ثالثًا: يلزمه أيضًا أن يعرف أن كل شيء، حتى ما يبدو مفيدًا وضروريًا، يحتل المركز الثاني بعد بركة الحب والسلام.

 رابعًا: عليه أن يتحقق إنه لا يجوز له أن يغضب قط بسببٍ حسن أو رديء.

 خامسًا: يجدر به أن يحاول شفاء كل غضبٍ عند أخيه تجاهه، ولو كان بغير سبب، بنفس الطريقة التي بها يرغب في أن يتخلص هو من غضبه ضد أخيه. وليعلم أن غضب أخيه ضده هو أمر شرير مثل غضبه ضد أخيه، فيبذل كل طاقته أن يستبعد عن ذهن أخيه الغضب تمامًا.

 أخيرًا: الأمر الذي بلا شك حاسم ويجب عليه أن يتحققه كل يوم إنه راحل عن هذا العالم. وبهذا ليس فقط لا يسمح للغضب أن يبقى في قلبه، بل ويضبط كل حركات الشهوات والخطايا من كل الصنوف.

St-Takla.org Image: A couple of fathers talking (image 18), conversation, discussion, saints, monks - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 30 January 2024. صورة في موقع الأنبا تكلا: اثنان من الآباء يتحدثان (صورة 18)، محادثة، مناقشة، قديسان، رهبان - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 يناير 2024 م.

St-Takla.org Image: A couple of fathers talking (image 18), conversation, discussion, saints, monks - AI art, idea by Michael Ghaly for St-Takla.org, 30 January 2024.

صورة في موقع الأنبا تكلا: اثنان من الآباء يتحدثان (صورة 18)، محادثة، مناقشة، قديسان، رهبان - فن بالذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 30 يناير 2024 م.

 فمن يقتنى هذه الأمور، لا يسمح للغضب وعدم الاتفاق أن يوجدا ولا يجد سببًا لهما. أما من يفشل في هذه الأمور، فإنه وإن كان غيورًا بالحب لكنه يتشرب سم الانفعال ضد الأصدقاء شيئًا فشيئًا، وإذ تحدث منازعات متكررة يبرد الحب فيه شيئًا فشيئًا وفي وقت أو آخر، يفارق الحب قلوب المحبين، إلى أن يُنتزع تمامًا.

 لأنه من كان في الطريق السابق شرحه كيف يمكنه أن يختلف مع صديقه، ما دام لا يطلب لنفسه شيئًا؟! بهذا يبتر بداية أي نزاع بترًا تامًا (ذلك الذي غالبًا ما يحدث بسبب أمور تافهة غير ضرورية بالمرة)، إذ يلاحظ ما لفائدته كما جاء في سفر الأعمال: "وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة. ولم يكن أحد يقول أن شيئًا من أموالهِ لهُ بل كان عندهم كل شيء مشتركًا" (أع32:4).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 كيف إذن يمكن أن تحدث أي بذار للنقاش (المثير) ممن لا يطلب ما لنفسه بل ما لقريبه؟! بهذا يصير تابعًا لربه وسيده القائل عن نفسه: "لأني قد نزلت من السماءِ ليس لأعمل مشيئَتي بل مشيئَة الذي أرسلني" (يو38:6). كيف يمكن أن يثير نزاعًا لسببٍ ما، ذاك الذي صمم أن يأخذ برأي قريبه وليس حسب إرادته الذاتية، محققًا بقلبٍ ورعٍ متضعٍ ما جاء في الإنجيل: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حبّ بعض لبعض" (يو35:13)؟ لأنه بهذا -كما بعلامة خاصة- أراد السيد المسيح أن يميز قطيعه في هذا العالم، فارزًا إياهم عن غيرهم، مختومين بالختم الذي نتكلم عنه! على أي أساس يقبل أية ضغينة تتسرب إلى نفسه أو تبقى في نفس أخيه؟! فإن قراره ثابت وهو أنه لا يمكن أن يترك أساسًا للغضب لأنه أمر خطير وخاطئ، وإذا ما كان أخوه غاضبًا معه لا يقدر أن يصلي كما لو كان نفسه غاضبًا، حافظًا كلمات ربنا ومخلصنا يسوع في قلبه باتضاع: "فان قدَّمت قُربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، فأترك هناك قُربانك قُدَّام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك، وحينئذٍ تعال وقدِّم قُربانك" (مت5: 23، 24).

باطلا تقررون ألا تغضبوا وأنتم تظنون أنكم بهذا تنفذون الوصية القائلة: "اغضبوا ولا تخطئُوا، لا تغرب الشمس على غيظكم"، "وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيهِ باطلاً يكون مستوجب الحُكم" (أف26:4، مت22:5)، إذا كنتم تهملون غضب الآخرين نحوكم بقلب عنيد ولا تبالون بتلطيفه بحنوكم. لأنكم بهذا تعاقبون بسبب تعديكم الوصية. الذي قال ألا تغضب على الغير، قال أيضًا ألا تتجاهل غضب الغير عليك، وكلاهما وصيتان متشابهتان في نظر الله "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يقبلون" (1تى4:2)، سواء بكونك تهلك نفسك أو نفس أخيك. فموت الواحد مشابه لموت الآخر في نظر الله، وفي نفس الوقت كلاهما ربح متساوٍ في نظر (الشيطان) الذي يبتهج بكل دمار...

 أخيرًا كيف يمكنك أن تستبقى أي إغاظة مع أخيك يا من تتحقق كل يوم أنك راحل عن هذا العالم؟!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-16-preserve-union.html

تقصير الرابط:
tak.la/6yktjah