7- ارتباط الإيمان والرجاء والمحبة بالعبودية والأجرة والبنوة
متى رغب إنسان في الكمال، يلتزم أن يتقدم من المرحلة الأولى التي للخوف والتي دعيت بحق "عبودية"، إذ قيل عنها: "متى فعلتم كلَّ ما أُمِرتم بهِ فقولوا أننا عبيد بطَّالون" (لو10:17)، متقدمًا خطوة تالية، صاعدًا إلى طريق الرجاء المرتفع، حيث لا يُدعى بعد عبدًا بل أجيرًا ينتظر المكافأة، متحررًا من الاهتمام بخصوص التبرئة من خطاياه أو الخوف من العقوبة، متيقظًا للأعمال الصالحة.
وإذ يظهر الإنسان في هذه المرحلة كأجير ينتظر الأجرة الموعود بها، لا يقدر أن يدرك حب الابن الواثق من محبة أبيه وسخائه وعدم شكه في أن كل ما للأب هو له. لهذا فإن ذاك الضال الذي خسر اسم "الابن" (رغم بنوته لأبيه) لم يقدر أن يتجاسر ويطمع في أن يطلب ما للبنوة عندما قال: "لست مستحقًّا بعد أن أُدعَى لك ابنًا"، لأنه بعدما أكل خرنوب الخنازير... إذ "رجع إلى نفسهِ" غلب عليه خوف مفيد، مشمئزًا من قذارة الخنازير، خائفًا من عقوبة الجوع القارس. كما لو كان يعمل عبدًا اشتاق أن يكون أجيرًا، وفكر في الأجرة: "كم من أجيرٍ لأبي يفضل عنهُ الخبز وأنا أهلك جوعًا؟! أقوم وأذهب إلى أبى وأقول لهُ يا أبي أخطأْت إلى السماءِ وقُدَّامك0 ولست مستحقًّا بعد أن أُدعَى لكي ابنًا. اجعلي كأحد أَجْراك" (لو17:15-19).
مع كلمات التوبة المملوءة انسحاقًا ركض إليه أبوه وقابله بعطف عظيم أكثر مما طلب الابن، قاطعاً حديثه لكي لا ينطق بما هو أقل (إذ لا يريد أن يجعله أجيرًا).
إذ قطع الضال المرحلتين الأوليتين بغير توان (أي مرحلة العبد والأجير أو الإيمان والرجاء)، أعاده الأب إلى كرامة بنوته السابقة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
نحن أيضًا يجدر بنا أن نسرع هكذا بغير توانٍ بواسطة نعمة الحب الثابتة لنصعد إلى المرحلة الثالثة التي للبنوة، حيث نؤمن أن كل ما للأب هو لنا، ويمكننا أن نقتدي بالابن في قوله: "كلُّ ما للآب فهو لي" (يو15:16).
هذا ما يعلنه الرسول الطوباوي قائلاً: "فإن كل شيء لكم. أَبولس أم أَبُلُّوس أم صفا أم العالم أم الحياة أم الموت أم الأشياء الحاضرة أم المستقبلة كلُّ شيء لكم" (1كو21:3، 22). وتحثنا وصايا مخلصنا بما يشبه ذلك إذ يقول: "فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت48:5).
يجدر بنا أن نبذل كل طاقتنا لكي نرتقي في اشتياق كامل من الخوف إلى الرجاء، ومن الرجاء إلى محبة الله ومحبة الفضائل نفسها، وهكذا إذ نعبر بثبات إلى محبة الصلاح ذاته، نثبت في الصلاح قدر ما تستطيع الطبيعة البشرية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-11-wages-sonship.html
تقصير الرابط:
tak.la/qf2d545