8- يا لعظمة المحبة!
يوجد فرق شاسع بين من يخمد نيران الخطية في داخله خوفًا من جهنم أو مترجيًا الجزاء المقبل، وبين من يبغض الخطية ذاتها ودنسها بدافع الحب الإلهي. فبالحب يحافظ على فضيلة النقاوة ببساطة غير منتظرٍ أي جزاء مقبل، إنما يبتهج بمعرفة الصلاح الحاضر، صانعًا الخير ليس عن خوف من العقاب، بل ابتهاجًا بالفضيلة.
مثل هذا لا يمكن أن ينتهز أي فرصة ليخطئ في غياب شهود بشريين، ولا ينزعج بإغراءات الفكر الخفية، إنما يحتفظ في أعماقه بمحبة الفضيلة ذاتها، ولا يسمح لأي شيء مضاد أن يدخل إلى قلبه، إنما يكره ذلك فعلاً كراهية شديدة.
هناك فارق بين من يكره وصمات الخطية وشهوات الجسد ابتغاء التمتع ببركات زمنية، أو يمتنع عنها رغبة في الجزاء السماوي. وأيضًا بين من يصنع هذا خشية فقدان الأرضيات، أو خوفًا من العقاب الأبدي.
أخيرًا أنه لأمر عظيم أن يرغب الإنسان في ألا يهمل الصلاح لأجل الصلاح ذاته، عن أن يمتنع عن الشر خوفًا من الشر، لأنه في الحالة الأولى يكون الصلاح اختياريًا، أما الثانية فيكون فيها اضطراريًا. لأن من يمتنع عن إغراءات الخطية بسبب الخوف يعود إليها متى نزع عنه حائل الخوف، وبهذا لا يكتسب أي ثبات في الصلاح، ولا يستريح من الهجمات، لأنه لا يتحصن بفضيلة السلام الدائم. أما من جهة قهر هجوم الخطايا، فيتمتع بحالة ثابتة من الأمن، ويبلغ إلى محبة الفضيلة نفسها، وبهذا يحتفظ بالصلاح بصفة مستمرة، إذ يعكف على المداومة عليها، ويؤمن بأنه لا يوجد شيء أسوأ من أن يفقد الطهارة "النقاوة" الداخلية، ويرى أنه لا يوجد أعز وأثمن من الطهارة الحاضرة، معتبرًا فقدانهاعقابًا محزنًا...
مثل هذا الإنسان يحمل في الداخل ضميره كقاضٍ يحكم على أعماله بل وأفكاره، محاولاً أن يرضيه على الدوام، إذ يعلم أنه لا يستطيع أن يغش ضميره أو يخدعه أو يهرب منه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-11-love.html
تقصير الرابط:
tak.la/7tmz3sw