يرى العلامة أوريجينوس إن تأسيس الكنيسة الروحية هو الهدف الحقيقي للاهوت ولإيماننا ولمعرفتنا بالله. فيقول: [الله ليس موضوع فضول بشري إنما هو كائن حر ذو سلطان؛ يهب ذاته ليكون معروفًا لكائن مخلوق له تقديره لدى الله لتتكامل شخصيته ؛ ينتظر الله أن يرتبط معه بعلاقة حرة بكامل إرادته. يجمع هذا الإيمان البشري من الشرق والغرب والشمال والجنوب في معرفة الله[.
ا. [الله عند العلامة أوريجينوس غير مادي، منزه، غير مدرك، ومع هذا فهو يعلن عن نفسه للبشر، خاصة إن كانت عقولهم نقية، إذ يقول: [يوجد تقارب بين العقل البشري والله فالعقل ذاته هو صورة الله، لذلك يمكن أن يكون له بعض الإدراك للطبيعة الإلهية خاصة كلما ازداد نقاء ومعرفة عن الماديات.]
ب. بكل تأكيد لا يخضع الله للعواطف البشرية، وفي نفس الوقت ليس بالكائن الجامد إذ هو "الحب" الفريد ذاته. يعبر عن الحب بأسلوب يناسب طبيعتنا البشرية حتى يمكننا أن نتعرف عليه ونقبله، لذا نقرأ في الكتاب المقدس إن الله يحزن لسقوطنا في الخطية، وانه يكره الخطية ويفرح بتوبتنا. يقدم العلامة أوريجينوس أمثلة عديدة لذلك من الكتاب المقدس، ثم يخرج بالنتيجة التالية: [في كل هذه النصوص التي يذكر فيها الله يحزن أو يفرح أو يكره أو يسرّ يلزمنا فهمها على إنها واردة في الكتاب المقدس على سبيل المجاز و بطريقة تعبير بشري. لأن الطبيعة الإلهية أسمى من كل أحاسيس عاطفية أو تغير، إنما تبقى أبديًا ثابتة غير مضطربة في قمة تطويبها.[
ج. كان أوريجينوس على دراية قوية بتعبير "التثليثtrias والأقنوم.
د. اُتهم أوريجينوس أنه علم بالتدرج أو التفاوت في الرتب بين الأقانيم subordinationismبمعنى إن الابن خاضع للآب وأقل منه والروح القدس خاضع للابن وأقل منه. يقول كواستن: [أكد البعض تعليم أوريجينوس بالدرج بين الأقانيم بينما أنكر البعض عليه ذلك. ولم يتردد القديس جيروم في اتهامه بهذا بينما دافع عنه غريغوريوس الصانع العجائب والقديس أثناسيوس نازعين عنه كل شك. دافع عنه أيضًا كتاب معاصرون مثل Ragnon , Prat..
هـ. يقول العلامة أوريجينوس إن الابن يولد من الآب لا بعملية انقسام بل بذات الطريقة التي بها تولد الإرادة من العقل؛ إذ يقول: [ابن الله الوحيد هو حكمته القائمة جوهريًا. كيف يظن أحد إن الله الآب يمكن أن يوجد في أي وقت دون ولادة الحكمة؟. يليق بنا أن نؤمن أن الحكمة لا بداية لها... لقد دعي "الكلمة" لأنه مفسرّ أسرار عقل الله... محظور علينا الظن الخاطئ بأن الآب قد ولد الابن الوحيد الجنس بذات الطريقة التي يلد بها إنسان إنسانًا، أو حيوان حيوانًا، فإنه يوجد فارق عظيم. واضح إن الآمر ليس هكذا إذ لا يوجد في الوجود مثيل لله لا في الإدراك ولا في الخيال. لهذا لا يستطيع الفكر البشري أن يدرك كيف يكون الله غير المولود أبًا للابن الوحيد الجنس. إنه ميلاد سرمدي لا يتوقف شعاع يتولد من نور. فإنه لم يصر الابن خارجًا عنه، بتبني الروح إنما هو الابن بالطبيعة. هو وحدة الابن بالطبيعة، لذا دعي "الابن الوحيد". يجب الحذر حتى لا يسقط أحد في تلك الخرافات السخيفة التي أولئك الذين يتصورون نوعًا من الأعضاء “prolations”، أو أجزاء في الطبيعة الإلهية، ويقسمون كيان جوهر الآب. بالأحرى (الولادة) هنا كحركة الإرادة الصادرة (المولودة) عن العقل دون بتر جزء منه أو انفصال عنه أو تقسيمه، هكذا بطريقة مشابهة يمكن التفكير في ولادة الابن من الآب.[
[يخبرنا يوحنا أن "الله نور" (1يو5:1)؛ ويدعو بولس الابن "بهاء النور الأبدي" (عب3:1)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكما لا يمكن وجود نور دون بهاء، فكيف يمكن القول بأنه وجد زمن لم يكن فيه الابن؟! هذا يشبه القول بأنه وجد وقت لم يكن فيه "الحق والحكمة والحياة". إننا نعتذر عن استخدامنا لمثل تلك التعبيرات مثل: "وجد زمن لم يكن يوجد فيه الابن".[
ويؤكد العلامة أوريجينوس أن الكلمة أو الحكمة قد ولد بعيدًا عن العواطف الجسدية، وذلك كولادة الإرادة من العقل، فإن كان قد دعي "ابن محبته" (كو13:1)، فلماذا لا نقول بالمثل ابن إرادته؟.
و. يؤكد العلامة أوريجينوس شخصية (أقنومية) الروح القدس. "الروح (الريح) تهب حيث تشاء" (يو8:3). هذا يعني أن الروح كائن جوهري (له مشيئته) إنه ليس كما يتخيل البعض نشاطًا (طاقة) لله دون أن يكون له وجود فردي (اقنومي). فالرسول بعدما يعدد مواهب الروح القدس يكمل هكذا: " ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد، قاسما لكل واحد بمفردة ما يشاء" (1كو11:12).
إن كان الروح "يشاء" و "يعمل" و "يقسم" لهذا فهو في جوهر عامل وليس نشاطًا مجردًا. استخدم العلامة أوريجينوس كلمات سفر الأعمال ليؤكد ذات الفكرة "لأنه قد رأى الروح القدس ونحن" (أع28:15)؛ والروح القدس يقول (أع12:13، 10:21).
ز. يؤكد العلامة أوريجينوس ألوهية الروح القدس: [الروح نفسه في الناموس وفي الإنجيل؛ إنه دائمًا مع الآب والابن، مثل الآب والابن كان ويكون وسيكون دائمًا.[
يعلن العلامة أوريجينوس عن عمل الروح القدس في حياتنا، قائلًا: [أعطيت نعمة الروح القدس للمخلوقات (البشرية) غير المقدسة بطبيعتها لتجعلهم قديسين بشركة الروح. بهذا ينالون الوجود من الله الآب، والتعقل من الكلمة، والقداسة من الروح القدس مرة أخرى إذ يتقدسون بالروح القدس يمكنهم قبول المسيح لأنه هو "بر الله" (1كو30:1). والذين حسبوا أهلا لبلوغ هذه المرحلة بتقديس الروح القدس يتقدمون لنوال موهبة الحكمة بقوة روح الله وعمله فيهم.[
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/god/writings-origanos.html
تقصير الرابط:
tak.la/m5gwgnj