St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   god
 
St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   god

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الله (سلسلة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعقائد "1") - القمص تادرس يعقوب ملطي

11- الثالوث القدوس وبساطة الله

 

ربما يقول قائل: أنه بدون الإيمان بالثالوث القدوس تبرز مشكلة كيف يمكننا أن ننسب لله خصائص لم تظهر فاعليتها قبل الخلق، خاصة المحبة والسلام؟ لكننا إن آمنا بالثالوث القدوس وبالعلاقة الأزلية بين الأقانيم قد تظهر مشكلات أخرى جديدة مثل:

في الواقع إن الإيمان الثالوثي لا يجحد بساطة الله بل على العكس إنكار هذا الإيمان يشوه بساطة الله، للأسباب الآتية:

 

1. تؤمن كثير من الأديان أن كلمة الله أزلية، لأن الله لم يكن بدون كلمته حتى قبل وجود الزمن (يو1:1)، بل وتعتقد بعض الأديان انه حتى الكلمات والحروف التي لكلمة الله أزلية أيضًا. بدون الإيمان بالثالوث القدوس في جوهر إلهي واحد، تكون أزلية كلمات الله أو أقواله تعني أن الله لم يكن بسيطًا، إذ يكون متحدًا مع كلماته أزليًا. لكن بحسب إيماننا، كلمة الله ليس "خارج" الله إنما هي ذات كلمته الأزلي المولود منه كولادة النور من النور، كائن معه في ذات الجوهر، أي انه واحد مع الأب في ذات جوهره الإلهي (ousia).

St-Takla.org Image: Saint Pope Athanasius, 20th Pope of Alexandria صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أثناسيوس بابا الإسكندرية العشرون

St-Takla.org Image: Saint Pope Athanasius, 20th Pope of Alexandria

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أثناسيوس بابا الإسكندرية العشرون

يؤمن كثير من غير المسيحيين أن كلمة الله أزلية معه، وإنها أعلنت للأنبياء كعلامة عن محبة الله للبشر، وان هذه الكلمة لا تتعارض مع بساطة الله، أما نحن فنقول بأن هذه الكلمة "اللوغوس" ليس خارج الله بل هو واحد معه أزليًا. فالله ليس كالإنسان بل هو كائن أزلي، ومن ثم كلمته "اللوغوس" كائن سرمدي مع الآب كشعاع النور.

+ كلمة الله واحد لا يتغير، كما هو مكتوب: "كلمة الله ثابت إلى الأبد" (مز89:119).

القديس أثناسيوس الرسولي

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. في الحقيقة لا يتعارض الإيمان الثالوثي مع بساطة الله، لأننا لا نؤمن بثلاثة جواهر إلهية بل بجوهر إلهي واحد ولكي ندرك هذا السرّ الإلهي يمكننا القول بأن الجوهر الإلهي موجود حقًا منذ الأزل، هذا الوجود "الكينونية" هو وجود عقلاني أزلي أي له (عقل) أو (حكمة ) أو (لوغوس) كلمة، مولود من كينونته ليس خارجًا عنه وليس له جوهر إلهي آخر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لهذا عندما ندعو الكائن الإلهي "الآب" والكلمة "الابن" نؤكد أن الابن هو كلمة الله، حتى لا يسيء أحد اللقبين كما لو كان للآب والابن جوهرين منفصلين ولئلا يظنوا إننا نعتقد بالهين؛ فإننا نؤمن بإله واحد. بساطة الله لا تعني وجود الله دون كلمته أو عقله أو حكمته، حاشا أن يوجد الله غير عاقل!

بالنسبة لأثيناغوراس، مدير مدرسة الإسكندرية، الله الأزلي له عقل Logikos، اللوغوس كائن فيه أزليًا، لذلك فالابن باعتباره اللوغوس لم يأت إلى الوجود بل هو أزلي.

            هذا الكيان الإلهي، أو "الآب" حيّ أزلي، له حياته منبثقة منه وليست خارجًا عنه. تتميز "الكينونة" عن "الحياة" لكنهما ليسا منفصلين، وليس لهما جوهران إلهيان، لأن "الحياة" خاصة بالكائن ذاته.

+ من الضروري الإيمان بالكائن العاقل الحي، جوهر واحد بسيط أزلي، لأن الثلاثة غير منفصلين ولم يوجد أحدهم قبل الآخرين. إنهم كالنار التي لها لهيب ونور وحرارة في ذات الوقت.

          هكذا نفهم أن الوحدانية غير متجزئة إلى ثالوث، بالعكس يجتمع الثالوث دون فقدان للوحدانية.

القديس ديونسيوس الإسكندري

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. الله فريد في كل شيء، حتى عندما يتحدث عنه الكتاب المقدس بكونه "الله الواحد"، فإن هذا لا يعني خضوعه لقواعد حسابية، إذ هو ليس بمحدود. بمعنى آخر، يلزمنا أن نفهم لفظ "واحد" هنا ليس رقما من بين الأرقام، إنما يعني "وحدة" لا ينطق بها. لا يمكن أن تختبر الوحدانية أو تفهم على إنها ترقيم لأن هذا يجعل الله كائنًا جامدًا يخضع تحت العدد. لهذا السبب يقول أثيناغوراس إن الله واحد، لكنه ليس كفردٍ بشريٍ مخلوق وقابل للموت، مركب وقابل للانقسام (إلى أجزاء)؛ فإن الله غير مولود ولا متغير ولا قابل للتجزئة، فهو لا يتكون من أجزاء. ويقول القديس إكليمنضس: [إن الله واحد، يتعدى الواحد، وفوق الوحدانية ذاتها.[

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4. نُسأل عادة: كيف يمكن أن يلد الله ابنًا؟ نجيب على هذا السؤال بسؤال آخر: "ألا يستطيع الله أن يلد ابنًا؟ فإننا لا نستطيع أن نقبل فكرة أن الله جامد غير قادر على العطاء. فكل جوهر فعال لابد أن يلد شيئًا، فالنار تولد ضوءً وتعطى حرارة. والعنصر المشع يعطى طاقة نووية، والعقل البشري يلد أفكارا حكيمة. هكذا لا يمكن أن يكون الله كائنًا جامدًا، فإن الابن مولود منه منذ الأزل، وهو النور المولود من النور. حقًا إن النور الذي لا يلد نورًا هو ظلام!

+ كُتب أن يسوع المسيح هو "بهاء مجده ورسم جوهره..." (عب3:1)، "صورة الله غير المنظور" (كو15:1)، كما أن الكلمة هي صورة العقل غير المنظور. لكن بهاء النور أزلي، (فالابن) ذاته بالتأكيد أزلي، لأنه كما أن النور موجود دائمًا فواضح إن البهاء أيضًا يوجد معه على الدوام. فبوجود البهاء يفهم وجود النور وبالتالي لا يوجد نور لا يعطى نورًا... من ثم فالبهاء يشرق قدامه منذ الأزل، ومولود منه على الدوام، يسطع في حضرته، إذ هو الحكمة، القائل  "كنت عنده... كل يوم لذاته فرحة دائمًا قدامه" (أم30:8). فلآب إذن أزلي، والابن كذلك أزلي، لأنه نور من نور.

 القديس ديونسيوس السكندري

+ لو كان جوهر الله غير مثمر في ذاته بل هو عقيم -كما يدعون- فيكون كنورٍ لا ينير، وكنبعٍ جاف، أفلا يخجلون عندما يتحدثون عن قوته وطاقته الخالقة بينما ينكرون ما هو بالطبيعة؟

 البابا أثناسيوس الرسولي

+ لله أيضًا كلمته... ليس خارجًا عنه بل من ذاته. إن كان لله قوة الإرادة وفعال، فإرادته فعالة وقادرة على خلق الأشياء التي ستوجد؛ وكلمته فعال وعامل، هذا الكلمة بالتأكيد يجب أن يكون هو إرادة الآب الحية، والطاقة الجوهرية، والكلمة الحقيقية الذي فيه يتأسس كل شيء ويدبر حسنًا.

 البابا أثناسيوس الرسولي

+ ماذا نظن في النور سوى الله الآب؟ ألم يكن بهاؤه (عب30:1) حاضرًا معه؟ يستحيل تصور نور دون بهاء. إن كان هذا حقًا فإنه لم يكن يوجد زمن فيه الابن ليس ابنًا.

 العلامة أوريجينوس

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5. تكشف ولادة الابن الأزلية عن طبيعة الله الكائن المحب، الذي في حبه اللانهائي يلد الابن، مقدمًا له ذات جوهره الإلهي بكونه واحدًا معه. إنه حب فريد، أن "الكائن" يهب ذاته، ذات جوهره. هذا الحب اللانهائي قد استعلن لنا نحن أيضًا ولكن بما يناسبنا، لهذا السبب يدعو القديس إكليمنضس الله: [الآب وخالق الكون كله.]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

6. يدعى الأقنوم الثاني "الابن" تأكيدًا لوحدانية الجوهر مع الآب؛ ولئلا يفهم انه منفصل عن الآب، كما لو كانا جوهرين وإلهين، دُعي "كلمته" والأرض"حكمته". بهذا نفهم بنوته بمفهوم غير بشري. يقول القديس أثناسيوس: [كما قلنا قبلًا نعود فنكرر هنا انه يلزم عدم مقارنة الولادة الإلهية بتلك الطبيعية لدى البشر، وعدم اعتبار الابن جزءً من الله، كما لا تتضمن الولادة أي نوع من العواطف مهما كانت ؛ فالله ليس إنسانًا. بالنسبة للبشر فإنهم يلدون ما هو متغير. أما بالنسبة لله فالأمر غير هذا، لأن الله لا يتكون من أجزاء، ولا يتغير؛ فالابن لا يجعله يتجزأ. هذا ثابت في الكتاب المقدس وواضح ومعلن فيه. فإن كلمة الله هو الابن، والابن هو كلمة الله وحكمته. الكلمة أو الحكمة ليس مخلوقًا ولا هو جزء ممن هو كلمته، وليس نسلًا يمكن بدوره أن يتناسل. يوجد بالكتاب المقدس اللقبان معًا، فيتحدث عن "الابن" ليعلن عن الميلاد الطبيعي الحقيقي الكامن في جوهره، ومن ناحية أخرى لئلا يظن أحد إن هذه البنوة تشابه التناسل البشري، بينما يشير إلى جوهره يدعوه أيضًا الكلمة والحكمة والبهاء ليعلمنا أن هذا الميلاد غير قابل للتغيير، أبدي، لائق بالله].

يليق بنا ألا نتطلع إلى الله بمنظار مادي، فإنه ليس كائنًا بشريًا أو مخلوقًا. عند سماع لقبي الآب والابن لا يعني هذا إن الله تزوج وأنجب إلهًا آخر، إذ لا وجود للجنس في جوهر الله. يلد الآب الابن كما تلد الشمس أشعتها أو كما يولد العقل من نفس الإنسان، والبهاء من النور. هذه الأمثلة وغيرها قاصرة عن التعبير عما هو إلهي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

7. وحدة الثالوث القدوس فريدة، ليست كامتزاج السوائل والمواد، ولا كوحدة نفس الإنسان بجسده، ولا كاتحاد لاهوت المسيح بناسوته، لأن للأقانيم الثلاثة جوهرًا أليها واحدًا واضحًا.كل أقنوم يملأ الأقنومين الآخرين وهو محتوى فيهما لكنه متمايز عنهما. يقول القديس أثناسيوس: [كيف يمكن للواحد أن يكون محتويًا في الآخر، والأخر فيه؟ "أنا والآب واحد" (يو: 30، 38)؟؟ ويضيف: لكي تعرفوا: "أنى أنا في الآب والآب في" (يو10:14). علاوة على هذا يقول: "من رآني فقد رأى الآب" (يو9:14). المعنى واحد في هذه العبارات الثلاث. لأن من يعرف أن الآب والابن هما واحد يدرك أيضًا أن الابن في الآب والآب في الابن، لأن لاهوت الابن هو ذات لاهوت الآب في الابن. ملء لاهوت الآب حال في كيان الابن، والابن هو الله الكامل. لاهوت الابن ونمطه ما هو إلا لاهوت الآب ونمطه. هذا ما قاله: "آنا في الآب". وهكذا "الله كان في المسيح مصالحًا العلم لنفسه" (2كو19:5). لأن خاصية جوهر الأب هي للابن الذي فيه تصالحت الخليقة مع الله.[

            [الثالوث القدوس المبارك غير قابل للتجزئة وهو واحد في ذاته. فإذا ما ذكرنا الأب نعني ضمنيًا الابن الكلمة، كما نعنى أيضًا الروح القدس الذي في الابن. وإذا ذكرنا الابن فإن الآب في الابن والروح القدس ليس خارج الكلمة لأنه توجد نعمة واحدة تتحقق من الآب بالابن في الروح القدس.]

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

8. إما بالنسبة لوحدة الثالوث القدوس في المشيئة الإلهية يقول ج. ل. بريستيج G.L prestige: [يلاحظ أوريجينوس إن مشيئة الله قائمة في مشيئة الابن وان مشيئة الابن لا تنحرف قط عن مشيئة الأب. لا توجد مشيئتان بل مشيئة واحدة، تتحقق هذه المشيئة الواحدة بكلمات ربنا القائل: "أنا والآب واحد" ويكرر العلامة أوريجينوس القول بأن الآب والابن "متمايزان" pragmata موضوعيًا، لكنهما واحد في الاتفاق والانسجام وتحقيق القصد. يتبع أثناسيوس أوريجينوس في تأكيد مشيئة واحدة تصدر عن الآب قائمة في الابن بحيث يرى الابن في الآب، والآب في الابن. ويقول أيضًا: [كما أن الله واحدًا في المشيئة فهو واحد في العمل أو "الطاقة". يرجع هذا التعليم إلى أثناسيوس، حيث يمثل جانبًا من براهينه على لاهوت الروح القدس. هكذا يعرض هنا الفكر بإسهاب، قائلًا إن الآب هو نور، والابن هو بهاء هذا النور، والروح القدس الذي هو الوكالة الذي به تنال البشرية استناراتها يلزم أن يكون متمايزًا في الابن. فعندما نستنير فإن المسيح نفسه الذي في الروح هو ينيرنا، إذ يقول القديس يوحنا: "المسيح هو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان. بالمثل الآب هو النبع، والابن يدعى النهر الذي يفيض من هذا النبع، ويقول الكتاب المقدس أيضًا إننا نستقي من الروح. بارتوائنا من الروح نستقي من المسيح نفسه. مرة أخرى المسيح هو الابن الحقيقي، لكننا بالروح نصير أبناء وننال روح التبني. من هذا يستنتج (أثناسيوس) أنه يوجد ثالوث كامل قدوس، يعبر عنه بالآب والابن والروح القدس، لا يحوى شيئًا غريبًا صادرًا من منبع خارجي. بطبيعته يحوى ذاته بذاته، دون تجزئة، طاقته واحدة، إذ يعمل الآب في ثبات بالكلمة في الروح القدس. على هذا فوحدة الثالوث القدوس محفوظة، لهذا يكرز بإله واحد في الكنيسة، هذا الذي هو فوق الكل وبالكل وفي الكل. فوق الكل هو الآب الأصل والمنبع، وبالكل بالكلمة، وفي الكل بالروح القدس.]

يدافع القديس ديديموس الإسكندري عن مشيئة الثالوث القدوس الواحد.

يؤكد القديس كيرلس وحدة عمل الثالوث القدوس؛ فالآب يعمل بالابن في الروح القدس؛ كذلك يعمل الابن بكونه قوة الآب، لأن كيانه (الأقنومي) هو من الآب وفي الآب، والروح القدس يعمل لأنه روح الآب والابن.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/god/trinity-simple.html

تقصير الرابط:
tak.la/2239jvd