محتويات: (إظهار/إخفاء) |
أ - شيطان النجاسة والأحلام والآن ما هو العلاج؟ ب - العادات الجنسية |
إن كنا قد ذكرنا أن حرب الأفكار هي آخر ما في جعبة إبليس لمحاربة المجاهدين من أجل طهارتهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهي حربه لهم في اليقظة أي في حالة الوعي والشعور. أما حربه لهم في حالة اللاوعي واللاشعور فهي أثناء نومهم. وتكون بالأحلام الشريرة وهى غالبًا مصحوبة بالاحتلام. وهى أمر مقلق روحيًا لكثيرين، إذ فيها حسب تعبيرهم يتجسد الشيطان في صورة الشخص أو الشكل الذي تتجه نحوه ميول الخطية أو أي شكل يمكن أن تتحقق معه شهوة المحتلم. وما أن يبدأ الشيطان جذب ميول النائم نحوه لتحقيق رغباته الجسدية حتى يتم الاحتلام. وحينئذ يستيقظ المحتلم غارقًا في نجاسته دون أن يكون قد أتى خطية أو تلذذ بشهوة اللهم إلا استنفاد إبليس لطاقته الجنسية أثناء نومه.
والواضح هنا أن المحتلم لم يفعل خطية ولم تكمل لذته في شهوة، وما هي إلا مجرد أحلام لا دخل مباشرٍ له في حدوثها. وهى تخرج عن إرادته الحرة وعن توجيه عقله الواعي اللذيْن هما شرطان لازمان لتحديد مسئولية الخطية. لذلك يستبعد عنها الكثيرون صفة الخطية. والبعض يعتبرها خطية ولكنها خطية لاإرادية.
ومع هذا فهي أمر يضطرب له الذين يجاهدون من أجل طهارتهم. لأنهم يعتبرونها مؤشرًا لوجود ميول الخطية فيهم ويمتنعون عند حدوثها وبسببها عن التناول من الأسرار المقدسة مما يسبب لهم إحباطًا في جهادهم الروحي. وتزداد المسألة تعقيدًا عندما تزداد مرات الاحتلام فتضيف إلى القلق الروحي القلق النفسي واستنزاف صحة وطاقة الفرد. بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على نشاطه وقدرته على العمل الذهني والجسمي.
وقد تستمر ظاهرة الاحتلام بعد الزواج وقد تختفي. كذلك قد تستمر مع تقدم السن وقد تختفي. وذلك حسب ظروف كل شخص وبنسبة تَمكُّنِها منه وعدم علاجه لها وهذه الظاهرة ليست عامة بل يتعرض لها البعض دون أن يتعرض لها البعض الآخر وقد لا يشكو منها كليةً.
يلجأ البعض للعلاج الروحي بالصلاة والمطانيات ورسم علامة الصليب على أنفسهم وسماع الأشرطة الروحية قبل النوم فتبعد عنهم هذه الأحلام. والبعض لا يُجدي معه العلاج الروحي فحينئذ يحتاج إلى علاج يخص الجسد نفسه. والذي لاحظه البعض أن الأحلام المصحوبة بالاحتلام ترِد على الإنسان في درجة معينة من درجات النوم التي ترتبط بدورها بنوع الطعام الذي يتناوله الفرد قبل نومه سواء ليلًا أو نهارًا. ووجد أن الأطعمة التي تتسبب في حدوث هذه الدرجة من النوم حسب الذين اختبروها هي المقليات والسكريات وذات الزيوت الطيارة والتوابل والأطعمة المسبكة وما شابهها. فكلما تجنب الفرد هذه الأنواع من الأطعمة أو المشروبات كلما تجنب الأحلام المصحوبة بالاحتلام، وضيَّع على إبليس فرصة الغفلة واللاوعي التي ينتهزها لكي يقتنصه لأعمال النجاسة.
كما أن هناك عوامل أخرى تتسبب في الاحتلام هي الراحة الزائدة والنوم الكثير أو النوم على الظهر وأيضا الإرهاق الزائد وأحيانا الأغطية الثقيلة التي تزيد من حرارة الجسم.
وخارجًا عن العوامل المتعلقة بالجسد هناك مشاهدة المناظر المعثرة والمسرحيات العاطفية والأفلام الجنسية وقراءة القصص الجنسي والتفكير الكثير في الجنس، واشتهاء أشخاص معينين. كل هذه تسبب الأحلام الجنسية. لذلك يجب الابتعاد عنها لتفادى جزء من مسببات الاحتلام.
ولتجنب مشاعر التأثير السلبي للاحتلام يجب على الإنسان نسيان الأحلام والهروب من تذكرها حتى لا تستشري انفعالات مناظرها في إحساساته ومشاعره. لأن استرجاع الأحلام يثير الشهوات ويجدد ميول الخطية. كما أن من يعيش في الأحلام عمومًا لا يستطيع أن يعيش في واقعه أو يوليه اهتمامه.
والذين تتكرر مرات احتلامهم بكثرة يصابون أحيانا كثيرة باليأس. إذ يشعرون أنهم في حالة زنى ونجاسة مستمرة، في الوقت الذي فيه هم عاجزون عن الهروب منها، ويحيق بهم ضيق شديد لعدم تدخل الله لإنقاذهم. وما يجب أن يتجهوا إليه هو اللجوء للعلاج الروحي ثم العلاج الجسدي ثم الخضوع لإرادة الله والتعامل مع الموضوع ببساطة. لأن شيطان الاحتلام وهو ما سمَّاه الآباء في صلوات المعمودية "روح الليل" لا سبيل للتخلص منه إلا بمعونة إلهية.
يأتي الإنسان أحيانا تصرفات إما بطريق المحاكاة والتقليد وإما بتلقينٍ وتعليم من آخر أو من وازع التجربة الذاتية. وعندما تتكرر هذه التصرفات بصفة مستمرة تصبح عادات لها سلطانها عليه في حياته. وأحيانا يجد صعوبة في التخلص منها أو تعديلها. وإذا كانت هذه العادات سيئة وضارة فإنها تدمر حياته مثل بعض العادات الجسدية التي تضر بصحة الإنسان وتجلب له الأمراض.
ومن هذه العادات العادات الجنسية التي كثيرٌ من الصغار لم يعرفوها إلا باختلاطهم بالآخرين. وقد عرفوها في وقت متأخر من نضجهم الجنسي. وعندما تملكت عليهم واستعبدتهم أبغضوا اليوم الذي عرفوها فيه لأنهم لم يعرفوا شيئًا حسنًا.
والذين يمارسون هذه العادات يحسون أنها فعل يدنس جسدهم لأنها ليست الطريق الطبيعي السليم لتصريف طاقتهم الجنسية. ويتألمون أكثر عندما يحسون أنهم يندفعون إليها بحكم العادة ليس إلا وكأنهم مستعبدون لها.
ومن الناحية الصحية يقول البعض إن كثرة ممارسة هذه العادات تتعب الجهاز العصبي وتؤثر على قوة البصر بالإضافة إلى أنها تستنفد طاقة الإنسان الحيوية.
والأكثر سوءًا هو للذين لا يجاهدون للتخلص منها في وقت مبكر فتستمر معهم إلى ما بعد الزواج، إلى درجة أنهم قد يكتفون بها عن علاقتهم الطبيعية مع أزواجهم. مما يسبب التوتر بين الزوجين ويعكر صفو العلاقة بينهما. لذلك من الحكمة أن يتيقظ الإنسان لوقاية نفسه من الصداقات التي تقوده لمعرفة هذه العادات. أما إذا عرفها فعلًا ومارسها وتملكت منه واستعبدته فعليه بالآتي:
- الهروب من جسده بتجنب كل المثيرات التي تدفعه لعمل هذه العادات إن كان أشخاصًا أم مناظر أم أفكارًا أم صورًا أم وقت فراغ.
- ضبط سلوكياته نحو جسده في خلوته مع نفسه سواء عند قضاء حاجاته الخاصة أو عند بدء نومه أو أثناء نومه.
- ممارسة الأصوام التي رتبتها الكنيسة للمؤمنين حسب الوصايا الإنجيلية لفائدتها الروحية والجسدية. مع التنبه للخطأ الشائع بين الآباء والأمهات في منع أبنائهم عن الصوم حرصًا على صحتهم بحجة أن الصوم يؤدى إلى الهزال والضعف.
مع العلم بأن صحة الجسد تتحسن كثيرًا في الصوم. كما أن أنسب فترة للاستفادة روحيًا من الصوم هي فترة الشباب كما أنه أي الصوم أفضل علاج لضبط الجسد وميوله.
- تجنب الشراهة في الأكل والإقلال من الأطعمة الدسمة والحريفة.
- تجنب ارتداء الملابس الضيقة بزيادة.
- الاستعانة بالإرادة القوية للامتناع عن هذه العادات بعد الاقتناع بضررها من جوانبها الكثيرة. وإذا كانت الإرادة ضعيفة أمام ضغط عبودية العادات فليطلب الإنسان من الذي شفى اليد اليابسة أن يحله من قيود الخطية ويحرر إرادته.
- التنبه للعامليْن المباشريْن لممارسة هذه العادات وهما الفكر والجسد. والفكر يحتاج إلى مقاومة سريعة وتبديله بفكر آخر. أما الجسد فيحتاج من صاحبه لدراسة أحواله للتعرف على ظروفه السابقة على ارتكاب فعل العادة وتعتبر ممهدة له. وبذلك يحدث تنبه في وقت مبكر لوقوع الفعل. ويساعد ذلك على الهروب قبل السقوط.
وخلاصة الأمر مع العادات الجنسية هو السيطرة على الفكر لأنه هو الخطوة الأولى في طريق الخطية، ثم الحكمة في معاملة الجسد عندما يشتهى الخطية.
وبعض رجال علم النفس والطب ينصحون بإكمال أو تتميم العادة في حالة ترك الإنسان نفسه -سواء بإرادته أو بغير إرادته- تحت تأثير الانفعالات إلى حد حاجة الغدد الجنسية إلى تصريف الطاقة. لأن كبتها أو حبسها في هذه اللحظة يسبب خللًا في الأجهزة الجنسية قد يصل فيها التعب بسبب تكرار الكبت إلى حد الحاجة إلى عمليات جراحية(1). وإن كان الأمر هكذا أصبح من الضروري التنبه لبدايات الانفعالات حتى لا يضطر الإنسان إلى ارتكاب العادة مجبرًا.
ومهما كانت سيطرة العادات الجنسية على الإنسان فيمكن تدريب نفسه على الإقلاع عنها شيئًا فشيئًا فتقل بالتدريج إلى أن تغيب عن حياته بالكامل.
_____
(1) تعقيب من الموقع، في الأغلب ليس المقصود أن عدم إتمام العادة للنهاية هو مضر، بل المقصود هو خطأ منع إفراز السائل أثناء خروجه، فهذا يضر بالجسد.. نفس الحال الذي يحاول شخصًا ما منع نفسه من العطس وهو يعطس..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/sanctity-chaste/dreams-habits.html
تقصير الرابط:
tak.la/at2jzaw