St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   sanctity-chaste
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القداسة في المسيحية بين المتبتلين - القمص صليب حكيم

18- الفصل الرابع: الانحراف واليقظة

محتويات: (إظهار/إخفاء)

أ - الانحراف مع إلقاء اللوم على الله
ب - هؤلاء حكماء

أ - الانحراف مع إلقاء اللوم على الله:

بعض الشبان والشابات الذين يضيقون بتأخرهم في ارتباطهم بالزواج. سواء لضيق الإمكانيات المادية أو لظروف عائلية مثل تأخر الأخوات الشقيقات في زواجهن أو لمشاكل وضيقات تمر بها الأسرة. أو بسبب الصعوبة في الاختيار. أو بسبب عدم الاستقرار في وظيفة أو عمل ثابت. أو بسبب الفشل في خطوبات متكررة. أو لعدم التوافق مع الشخصيات التي يتم التقابل معها بغرض الارتباط. أو عدم تقدم أحد إطلاقًا لطلب الارتباط وذلك بالنسبة للفتيات. لكل هذه الأسباب وغيرها قد يفكر البعض منهم في الانحراف عن السلوك الطاهر مبررين تفكيرهم هذا بإلقاء اللوم على الله نفسه لأنه تركهم ولم يوفقهم في حياتهم. وإذ هو السبب حسب تفكيرهم في عدم توفيقهم في الارتباط فيكونون هم في حل من أخطائهم التي يرتكبونها. ويجب في نظرهم أن يعطيهم عذرًا في ارتكاب أخطائهم.

طبعًا هذا انحراف في التفكير نفسه لأن:

أولًا: السلوك الرديء يسيء إلى الشاب والفتاة معًا لأن سمعتهما تسبقهما وتعطل مصلحتهما أكثر وخصوصًا في موضوع الزواج. لأن أكثر ما يهم الناس عند الاختيار للزواج هو الاطمئنان على السلوك المستقيم والسيرة الحسنة.

ثانيًا: ليس ارتكاب الخطية هو العلاج الشافي لمشاكلنا، بل بالعكس يعقدها أكثر. لأننا بخطايانا نعاند الله ونتحدى إرادته ولا يصح أن نغيظه أكثر بخطايانا بل نصلح سيرتنا أمامه حتى يُسَهِّل طريقنا ويدبر لنا أمورنا.

ثالثًا: يجب ألا نُحَمِّل الله مسئولية كل ما هو مُعطَّل في حياتنا لأننا كثيرًا ما نكون نحن السبب في هذا العطل.

رابعًا: إن كان حقًا هو مُجرِى كل الأمور إلا أن له ترتيبه وأزمنته التي وضعها في سلطانه. كما يقول الجامعة "لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت" (جا3: 1). لذلك يجب الخضوع لترتيبه والتسليم لسلطانه ومشيئته. وإن كان هو أصلًا في ترتيبه عدم ارتباط هذا الشاب أو تلك الفتاة إطلاقًا. فماذا يكون رد فعل كل منهما؟

St-Takla.org Image: Spiritual watching, how? - with question mark, a candle and a cross صورة في موقع الأنبا تكلا: كيفية السهر الروحي - الصورة مع علامة استفهام وصليب وشمعة

St-Takla.org Image: Spiritual watching, how? - with question mark, a candle and a cross

صورة في موقع الأنبا تكلا: كيفية السهر الروحي - الصورة مع علامة استفهام وصليب وشمعة

البعض يتخيل أنه يمكن أن يقدم على الانتحار لأنه في نظره طالما لا يوجد زواج فلا يوجد هدف للحياة. فلماذا يعيش إذًا؟ أو يلجأ للسحرة والدجالين لأنه في اعتقاده أن هناك أسحارًا وأعمالًا معمولة له لمنعه عن الزواج وهى السبب الحقيقي لعدم زواجه؟ أو ينحرف نحو الخطأ لأنه لا يجد المتنفس الطبيعي الشرعي لإشباع غرائزه؟ أو يرتمي في أحضان زيجة غريبة تحوم حوله لكي تلتهمه حتى ولو أفقدته إيمانه فيسقط بين أنيابها، وظنه كله أنها الحنان عينه والحب بذاته طالما لم يجد من يُقَدِّره ويحن عليه من أهل إيمانه؟

نعم إنه تخبط وأفكار طائشة تخطر لعقل هذا البعض.

لأن التفكير بأن الزواج هو الهدف من الحياة وبدونه تصبح الحياة لا معنى لها تفكير قاصر لأن كثيرين من الذين أَثْروا العالم في مجالات العلوم والفنون والآداب واللاهوتيات والروحانيات والخدمات الاجتماعية الإنسانية كانوا من بين المتبتلين.

أما الانتحار من أجل عدم الزواج فهو جريمة في حد ذاته لأنه قتل نفس، وصاحبها لا تغفر خطيته لأنه مات بها ولم تكن له فرصة للتوبة. والمنتحر يخسر حياته الزمنية والأبدية معًا.

أما اللجوء للسحرة من أجل تسهيل مأمورية الزواج فهو زنى روحي لأنه إنكار لوجود الله واتخاذ الشيطان العامل في السحرة إلهًا.

أما الانحراف نحو الخطية فهو زنى فعلى يجلب غضب الله على الإنسان أكثر من أي خطية أخرى.

أما الزواج بغريب عن الإيمان ففيه فقدان للحياة الأبدية مع المسيح.

ومن يتأمل هذه المسارات بقليل من الحكمة لا يجد مسارًا واحدًا منها يعتبر حلًا لمشكلة عدم الزواج أو التأخر فيه. وكلها ضد إرادة الله وضد مصلحة الإنسان. ولا يصح أن نُلقى بأنفسنا بين مخالبها معاندين إرادة الله فنكون نحن الخاسرين أخيرًا.

ونقول للفتيات على وجه الخصوص لماذا الاضطراب والقلق من جهة أمر ليس في يدنا كل السلطان للتحكم فيه أو في إنجازه لأنه يتعلق بطرف آخر له رغبته وإرادته الحرة في قبوله وإتمامه أو عدم قبوله أصلًا.

وماذا ننتظر من القلق والضيق بالحياة سوى قضاء سنى العمر في كآبة وتعاسة وشعور دائم بالظلم مما يفقد الإنسان كل طعم للحياة ويفقده سلامه الداخلى مع نفسه وسلامه مع الله وسلامه مع المجتمع نفسه بدءًا من الأسرة إلى محيط العمل خارج البيت!

ولا ننسى أنه كلما خيَّم الحزن والكآبة على وجه الفتاة كلما جعلت كل شاب ينظر إليها ينفر منها. لأن الوجه الهادئ البشوش أكثر قبولًا من الوجه العابس الكئيب.

ثم لماذا لا ننظر إلى الذين استغنوا عن الزواج بإرادتهم واختيارهم واعتبروها فرصة لعلاقة أوطد مع الله، ولراحة وسعادة لهم أكثر مما لو ارتبطوا؟ لنبحث مع هؤلاء عن سر سعادتهم في البتولية أكثر من الزواج فنقتنى عمرًا حسنًا وزمنا مبهجًا خاليا من الغم وحمل الهم منصتين لقول معلمنا بولس "أريد أن تكونوا بلا هم" (1كو7: 23) ومنتصحين بقول الشاعر:

دع الأمور تجرى في أَعِنَّتها ولا تبيتنَّ إلا خالي البال

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب - هؤلاء حكماء

لقد ربط المسيح له المجد في مثل العذارى بين الحكمة والسهر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومن ضمن معَاني السهر اليقظة لحيل إبليس كما يقول معلمنا بطرس "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (1بط5: 8).

وإبليس إن كان وحشًا كاسرًا وحيَّة قاتلة إلا أنه عند تقديم الخطية يأتي هادئًا وبمكر شديد. وأسلوبه الغالب عليه في إسقاط الناس هو التدرج في تقديم الخطية مع تزيينها وتبسيط جرمها في بداياتها ببعض التبريرات التي ينصاع لها الإنسان بالرغم من أن ضميره يكون غير مستريح لها. ولا ينتبه لإيقاف تيارها من بدايته إلا من يكشفها لأب اعترافه. ولا ينجو من فخها إلا من يستجيب لصوت الضمير في الحال ويقطع حبل تيارها منذ البداية بشجاعة روحية مسنودًا بنعمة الله الحارسة. وإذْ يفلت من شركها يفرح متهللًا "نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا. عوننا باسم الرب" (مز124: 7، 8).

 

فيكون الناس الحكماء هم الذين يتيقظون لحيل إبليس التي تقودهم للسقوط في خطايا الجسد. ومن هؤلاء الحكماء:

1 - إنسان سَدَّ أذنه عن صوت إبليس الذي يغوى للسير في تيار الجسد لسهولته ولما فيه من لذة، ووضع في قلبه أنه لا بديل له عن حياة الروح مهما كان فيها من جهاد ومن معاناة، لأنها تعطى في النهاية ثمر بر للسلام.

2 - إنسان يعمل لنفسه برنامجًا يوميًا يشغله طول الوقت من الصباح الباكر حتى لحظة إغماض عينيه للنوم.

3 - إنسان إذا تعرض لمداهمة الأفكار له في خلوته خرج منها مباشرة. وإن كان في نومه قام من سريره في الحال لممارسة أي نشاط مثل القراءة وغيرها ليهرب من الأفكار.

4 - سيدة أو فتاة لا تُدخِل رجلًا أو شابًا في البيت مهما كان وضعه طالما أنه لا يوجد أحد معها إلا في الظروف الخاصة على أن تكون غير متكررة.

- إنسان يُحرِّم على نفسه استخدام هذه الشُّرفة أو النافذة طالما أنها تطل على جيران يمكن في أي لحظة أن يعثر منهم.

5 - إنسان بدأت معه علاقة تعامل مع طرف من الجنس الآخر من أجل المصلحة، ثم أحس أن هذه العلاقة بدأت تتطور إلى علاقة عاطفية. فقرر في الحال إما أنه قادر على قطع هذا التيار العاطفي بكل قوة مع استمرار العلاقة من أجل المصلحة وإما أن يقطع تمامًا هذه العلاقة مضحيًا بكل ما فيها من مصلحة.

6 - إنسان استمع لطرف من الجنس الآخر يشكو ويئن من معاملة والديه أو زوجه أو أي تجارب أو ضيقات يمر بها فقدَّم له نصيحة ثم أحاله في الحال لمن هو أقدر منه في تقديم النصيحة. ولم يعطه فرصة لأن يستمع له مرة أخرى.

7 - إنسان قدم معونة مالية أو عينية لطرفٍ من الجنس الآخر ثم كلَّف إحدى السيدات أو البنات الفضليات للقيام بمهمة تقديم هذه المعونة المتكررة لكي لا يستمر تردده عليها أو ترددها عليه.

8 - إنسان تنبه لأول هدية جاءته من الجنس الآخر فأعادها أو قدم بديلًا عنها مثيلًا لها معتذرًا بطريقة رقيقة عن قبول أي هدايا أخرى بعد ذلك.

9 - إنسان حصل على خدمة من طرف من الجنس الآخر فقدَّم له هدية شكر ثم حرص على أن تكون العلاقة بعد ذلك عن بُعد.

10 - إنسان لاحظ أن ذهابه وإيابه يوميًا في المواصلات بصفة منتظمة يجمع بينه وبين طرف من الجنس الآخر. وبدأ يأنس إليه ويتبادل الحديث معه. فخشية أن تنشأ مودة بينه وبينه قد تتحول إلى عاطفة تنمو يومًا بعد آخر حتى تبلغ إلى الرغبة في ارتباط غير متكافئ أو السير في طريق الخطأ. بدأ يتصرف بحكمة لمنع استمرار هذا التلاقي.

11 - إنسان لاحظ أن صاحب العمل يغدق عليه بعطايا مالية وعينية بلا مبرر وليس مقابل عمل أو جهد مبذول. فتنبه إلى أن هذا الإغداق قد يخفى وراءه نية شرائه. فوضع في قلبه أن لا يبيع نفسه ولو قُدِّم له العالم كله. وبدأ يمتنع عن قبول هذه العطايا حتى لو أدى امتناعه إلى فصله من عمله.

12 - إنسان اصطحبه صديقه إلى مكان وبعد برهة أحس أن هذا المكان هو للخطية فأسرع ونزل هاربًا من هذا المكان.

13 - إنسان كان في زيارة لصديقه ثم رآه قد همَّ وبدأ في تشغيل شريط فيديو ولما سأله وعرف أن هذا الشريط لفيلم ممارسات جنسية استأذن منه في هدوء ونزل لتوه من عنده.

14 - إنسان استمع لإطراء أو مديح واستلطاف من الجنس الآخر، أو تناول منه خطابًا يستميله فيه عاطفيا، أو صورة مثيرة متظاهرًا ذلك الآخر أنه يستفسر أو يطلب تعليقًا عليها بالاستحسان أو النفور ولكن نيته غير سليمة ففى الحال أوقف هذا الإنسان تيار الكلام وأرجع الصورة والخطاب لذلك الآخر وذلك من أول كلمة في الخطاب دون أن يكمله أو بمجرد أنه لمح أنها صورة خارجة دون أن ينظرها أو أن كلام الإطراء بدون مبرر ومن بدايته.

ومن لا يتيقظ لهذه وأمثالها تكون قد غابت عنه الحكمة. ومن فَقَدَ الحكمة ضاعت أبديته مثل العذارى الجاهلات اللاتي حُرِمن من دخول عُرس ابن الملك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/sanctity-chaste/deviation-wakefulness.html

تقصير الرابط:
tak.la/y6n9xw7