St-Takla.org  >   books  >   fr-pakhomius-marcos  >   visiting-iniquity
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب إيمان الكنيسة حول آية: أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيَّ - القس باخوميوس القمص مرقص جبرة

3- الآية ومثيلاتها في الكتاب المقدس

 

"ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلًا: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ." (خر 20: 1- 6)

St-Takla.org Image: Holy Bible, with Arabic title. صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس، مع الاسم باللغة العربية.

St-Takla.org Image: Holy Bible, with Arabic title.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس، مع الاسم باللغة العربية.

يوصي اللهُ هنا اليهودي ألا يصنع تمثالًا أو يصوّر صورةً ما ويعبدها أو يسجد لها. ويوضح الأمر أنه إله غيور. ويقول جملتين مترابطتين جدًا لا يجوز الاجتزاء من إحداهما. فيقول إنه يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونه، أما الذين يحبونه فيصنع معهم احسانًا إلى آلاف الأجيال. وإن كانت قد غابت كلمة الأجيال في الجملة الثانية، إلا أنه هكذا فهمها اليهود من النسخة العبرية، وهكذا فهمها آباء الكنيسة من الترجمة السبعينية، بل وهكذا موجودة في آية أخرى تقول: " فَاعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ اللهُ، الإِلهُ الأَمِينُ، الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيل" (تث 7: 9). وهكذا إذا نظرنا للجملتين معًا، فإن النص ينقل لنا -قبل أن نبدأ الخوض في معناه الأعمق وتفسيراته- أحشاء رأفة إلهنا، الذي وإن أغضبه إنسان، فهو يغضب إلى الجيل الرابع، وإن أحبه آخر، فالله يُحسن إليه ولأجياله إلى ألف جيل.[2]

أظن أن هناك إشارة بالأكثر إلى أن محبة الله ورحمته أكثر بكثير من غضبه وسخطه، كما يقول داود في المزمور: "لأنه للحظة غضبه. حياةٌ في رضاه" (مز 30: 5)[3] وتشرحها بالأكثر ترجمة أخرى: "لأن غضبه طرف عين، وإن رضاه مدى الحياة". فواحدٌ من صفات الله المذكورة في العهد القديم هي "بطيء الغضب"، وهكذا تندرج الآية محل البحث تحت هذا المفهوم. نفس الأمر نجده أيضًا في الطِباق الذي يذكره إشعياء في قوله: "لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ، وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأَجْمَعُكِ. بِفَيَضَانِ الْغَضَبِ حَجَبْتُ وَجْهِي عَنْكِ لَحْظَةً، وَبِإِحْسَانٍ أَبَدِيٍّ أَرْحَمُكِ، قَالَ وَلِيُّكِ الرَّبُّ." (إش 54: 7-8) فإن تخيلنا أن الله قد يترك شعبه، فذلك يكون للحيظة بالمقارنة برحمته التي توسع السماء والأرض. وإن ظننا يومًا أن الله قد سكب علينا فيضان غضبه، فإن ذلك يكون للحظة بالمقارنة بأبدية الإحسان والرحمة التي يسكبها علينا. فهذه الآيات تدل على رحمة الله من خلال جمال تعبيري، أكثر مما تدل على غضبه وسخطه بسبب اجتزاء مُخِل.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

فإذا فهمنا حرفيًا أن الرب يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجيل الرابع. هكذا أيضًا يجب أن يُفهم حرفيًا أن الله يُعطي إحسانًا لألوف الأجيال. وبالرجوع لذكر الأجيال في الكتاب المقدس نجد أن الإنجيلي متى يكتب بأنه بين إبراهيم والمسيح هناك اثنان وأربعون جيلًا فقط (راجع متى 1). وبالتقريب هكذا، فإنه لم يمض حتى الآن -طبقًا للفهم الحرفي لكلمة جيل المذكورة في الكتاب المقدس- ألف جيل من آدم إلى الآن، فكيف يتحقق قوله إذا "وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ". ألسنا جميعنا نسل نوح الذي كان بارًا في جيله؟ أليس معظم ساكني الشرق الأوسط أحفاد لإبراهيم؟ فإذا حقق الله وعده حرفيًا فإنه يجب أن يصنع إحسانًا مع ملايين البشر الذين يُعَدَوّن ألوف الأجيال الذين ينتسبون لنوح البار فقط! لهذا فإن الفهم الحرفي لهذه الآية يجعلها مسار حيرة أكثر. فهذه الآية إذًا تُشير إلى طول أناة الله على الإنسان، أكثر مما تُشير إلى انتقام الله من أبناء الخاطئ.

ومن الجدير بالذكر أن التقليد اليهودي فهم كلمة "ألوف" في الآية "وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ" بأنها تساوي على الأقل ألفي جيل.[4] وهكذا حَسَبوا -حرفيا- نسبة احسان الله إلى نسبة غضبه لتساوي ألفي جيل على الأقل إلى أربعة أجيال. وكأن الله إذا غضب مرة، فإنه يُحسن خمسمئة مرة على الأقل.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[2] الله لا يغضب ولا يفرح بالمفهوم البشري، ولكنها كلمات تُقربنا من فهم تعاملات الله غير المُدرَك.

[3] نص المزمور والترقيم من الكتاب المقدس النسخة البيروتية.

[4] Tosefta Sotah 3: 4.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/visiting-iniquity/similar.html

تقصير الرابط:
tak.la/nj4hp49